مدرسة الحكم بن هشام

الحكم بن هشام ابن الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي المرواني ، أبو العاص ، أمير الأندلس وابن أميرها ، وحفيد أميرها. ويلقب بالمرتضى ، ويعرف بالربضي ، لما فعل بأهل [ ص: 254] الربض ، بويع بالملك عند موت أبيه في صفر سنة ثمانين ومائة. وكان من جبابرة الملوك ، وفساقهم ، ومتمرديهم ، وكان فارسا شجاعا فاتكا ، ذا دهاء وحزم وعتو وظلم ، تملك سبعا وعشرين سنة. وكان في أول أمره على سيرة حميدة ، تلا فيها أباه ، ثم تغير ، وتجاهر بالمعاصي. قال أبو محمد بن حزم: كان من المجاهرين بالمعاصي ، سفاكا للدماء ، كان يأخذ أولاد الناس الملاح ، فيخصيهم ويمسكهم لنفسه. وله شعر جيد.

الحكم بن هشام | مركز دراسات الأندلس و حوار الحضارات

تمر اليوم الذكرى الـ1199، على رحيل الحكم بن هشام، أحد خلفاء الدولة الأموية في الأندلس، إذ رحل في 22 مايو عام 822م، وهو ابن الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموى المروانى أبو العاص، أمير الأندلس وابن أميرها، وحفيد أميرها، ويلقب بالمرتضى، ويعرف بالربضى، لما فعل بأهل الربض، بويع بالملك عند موت أبيه في صفر سنة ثمانين ومائة. وبحسب موسوعة "المعرفة الأندلسية" كان الحكم أميراً شديد الحزم، ماضي العزيمة، عظيم الصولة، حسن التدبير، وكان أفحل أمراء بني أمية، وأشدهم إقداما ونجدة وصرامة وأنفة وأبهة وعزة، وكان يشبه أبي جعفر المنصور في شدة البأس وتوطيد الدولة وقمع الأعداء، ومع ذلك كله فقد كان عادلا بين رعيته، ومتخيراً لحكامه وعماله، مثاغرا في سبيل الله، واستطاع بفضل هذه الصفات جميعاً أن يطفئ نيران الفتن في الأندلس. استطاع خلال فترة حكمه أن يقضي على ثورتين كبيرتين كادتا تطيحان بإمارته: الأولى هي ثورة المولدين بطليطلة التي حدثت عام 181 هـ (797 م)، وذلك أنهم كانوا يستخفون بولاتهم ويميلون إلى الثورة على أمراء بني أمية، والانفصال عن سلطان قرطبة، وعرف الحكم كيف يوقع بهم، إذ استقدم عمروس المولد من وشقة، واختصه وقربه إليه، وولاه طليطلة حتى يطمئن إليه سكانها المولدون.

الحكم بن هشام.. حاكم أموى هزم الروم وقمع ثورات أهل الأندلس - اليوم السابع

كان "سليمان بن عبد الرحمن الداخل" مقيم بطنجة ببلاد المغرب العربي، بينما أخاه "عبد الله بن عبد الرحمن الداخل" لم يستقر في مكان واحد وظل متنقلًا بين أقطار المغرب العربي وإفريقية (ليست إفريقيا) الذي عندما علم بموت أخيه عبر مضيق جبل طارق نزل في منطقة تسمى "الثغر الأعلى" لعلمه بكراهية أهل هذا المكان للأمير الجديد، ومنها انتقل إلى سرقسطة، لكنه لم يجد من يؤيده لعزل الأمير وعاد بخفي حنين. بينما كان أخاه "سليمان" ذو بعض الحنكة العسكرية، فجمع بعض الجنود في جيش وذهب فيه ليهاجم قرطبة، وفي شوال عام 182هجريًا هُزم أمام جيوش ابن أخيه، ثم توالت هزائمه.. كان آخرها سنة 183 هجريًا في استجة، لكنه لم ييأس، وبعد عام حشد جيش في شرق الأندلس وأستولى على إلبيرة بعدما وقعت في يديه جيان. أنضم أهل المدينتين إلى جيشه وألتقى في حرب شنعاء مع جيش ابن أخيه وأنهزم فيها، وتفرق جيشه وقُتِل أغلبه، وهرب "سليمان" فأرسل الحكم بن هشام ورائه أحد رجاله يسمى "صبغ بن عبد الله بن وانسوس" وأسره، وقاده إلى الحكم، فقتله وأمر بأن يُطاف برأسه على رمح، ثم دفنه بقصر الروضة بجوار جده. اقرأ أيضًا: مدة خلافة عمر بن الخطاب وقصة إسلام عمر بن الخطاب وأبرز أعماله سمات حكم الحكم بن هشام كان الحكم الربضي أحد أقوى حكام الأندلس وأقساهم على الشعب، كثير الضرائب، يقضي وقته في رحلات الصيد ويقصده الشعراء للمدح وطلب العطية، وكانت هذه القوة والقسوة من دعائم تثبيت ملك فبها قدر على صد الهجمات على دولته، كما قدر على كبت الثورات الداخلية وإخماد نيرانها، فكان هو ابي جعفر المنصور الخاص بالأندلس.. بجانب اهتمامه بالعلم والعلماء، ففي عهد كانت قرطبة منارة العلوم للعام كله.

إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - الطبقة السابعة - الحكم بن هشام- الجزء رقم8

اقرأ أيضًا: من هو قاتل عمر بن الخطاب؟ ونسبه ونشأته وإسلامه وزوجاته حركة الجهاد في الحكم الربضي رغم كل ما فعله من مجازر في حق الثائرين إلا أنه لم يتخلى عن نهج أجداده من البيت الأموي.. حيث كان الجهاد عنصر أساسي من عناصر الحكم، فكانت له انتصارات عظيمة وهزائم نكراء، ويرى محللين فلسفة التاريخ أن السبب وراء كافة الهزائم التي نالت منه هو الظلم الداخلي للعامة، فالعامة هم الجنود في الحرب، فسقطت بعض الإمارات في يد الممالك المسيحية في الشمال، مثل إمارة "أراجون" القريبة من أرض بلاط الشهداء. ومن انتصاراته العظيمة ما حدث في سمورة.. حين يأس الروم من النصر بعدما قتل منهم ما يزيد عن ثلاثمئة ألف مقاتل، وهم من طلبوا الهدنة والصلح، فوضع عليهم الحكم بن هشام الجزية التي كانوا يدفعونها لجده وزاد عليها، بل ونكاية فيهم وإصغارًا لهم طلب أن يجلبوا له من تراب رومية أكوان يضعها على شرق قرطبة.

كان عروس هذا يتظاهر أمامهم بكراهيته للبيت الأموي، حتى يأمنوا جانبه ويأنسون له فيبدون له ما يخفون. عندما لان له الأمر بينهم، بنى قصر على أطراف المدينة عند جسر طليطلة، وأقام حفلًا كبيرًا دعا فيه كل أعيان المولدين، وجعل الدخول من باب والخروج من باب أخر، فوقف الجنود على شفى حفرة القصبة، كان الجنود يستقبلون كل من خرج من الحفل بضرب العنق، حتى امتلأت الحفرة، ويروي المؤرخون أن جملة من قُتل في هذا اليوم حوالي خمسة آلاف وثلاثمائة وبعضهم بالغ في عددهم أكثر. بعد هذه الحادثة انكسرت شوكة أهل طليطلة وكفوا عن الثورات، واستتب الأمر له إلى نهاية فترة ملكه، ولم يثوروا على أبنائه من بعده. القارئ في التاريخ يلحظ أن الحكم بن هشام في تلك الواقعة كان أستاذ لغيره من الحكام الذين يحاولون إخماد الثورات، واقتلاعها من الجزور، مثلما فعل محمد على مع بقايا المماليك في القلة، ما يسمى في كتب التاريخ بـ(مذبحة القلعة). العلماء في عهد الحكم بن هاشم كثر عدد العلماء جدًا في قرطبة في عهد الحكم بن هشام بسبب اهتمامه بالنهضة العلمية، ففي كتب التاريخ يقال أنه كان هناك أكثر من 4000 رجل وشاب وشيخ يلبسون زي العلماء ويعلمون الناس، فقرطة في عهده كانت منارة يهتدي بها كل الأمة الإسلامية.

وأخذ عمروس هذا يتظاهر أمامهم بكراهيته للأمير، وبغضه له حتى أنسوا إليه وأمنوا جانب، فبنى قصبة بالقرب من جسر طليطلة، وأقام فيها حفلا دعا إليه وجوه طليطلة وزعمائها وكبار رجالها، فحضروا وأوهمهم أنهم إذا انتهوا من تناول الطعام والشراب، وانصرفوا من باب غير الباب الذي دخلوا منه، ووقف السيافون على شفير حفرة بداخل القصبة، وأخذوا يتلقون كل من دخل منهم فيضربون عنقه، حتى بلغ عدد القتلى خمسة آلاف وثلثمائة. فلانت بعد ذلك شوكة أهل طليطلة طوال عهده وعهد ابنه من بعده. والثورة الثانية هي ثورة أهل الربض بقرطبة عام 202 هـ (817 م)، وكانت السبب في تلقيبه بالحكم الربضي، ذلك أن أباه هشاما كان قد أحاط نفسه بالفقهاء واستسلم لهم، وعظم بذلك شأنهم، وتجاوزوا حدودهم، فلما تولى الحكم الإمارة، حاول أن ينتزع منهم سلطتهم، ويسلبهم ما كانوا يتمتعون به في عهد أبيه، ويكف أيديهم عن التدخل في شؤون دولته، فانقلبوا عليه، وسخطوا من تصرقاته، واستغلوا نفوذهم الروحي في إثارة الناس على الأمير. وحاول بعض الفقهاء أن يغدروا به سنة 189 هـ، فانكشف أمرهم وقبض عليهم الأمير وصلبهم، وكانوا 72 رجلا بقرطبة. وبلغ من تبرم أهل الربض بقرطبة من أعماله أنهم كانوا ينادونه ليلا من أعالي الصوامع "الصلاة الصلاة يا مخمور"… وحدث في 13 رمضان سنة 202 هـ (25 مارس سنة 818م) حادث بسيط أشعل ـ كالشرارة التي تحدث أشد الحرائق ـ نيران الفتنة بين سكان الربض بقرطبة.