فضائح القمح بالجملة: من “غير مطابق” إلى “مطابق”؟

ويضيف سلام: «اللوم يقع على الحكومات السابقة التي أهملت أعمال الصيانة هناك ولم تعلمنا بوجود المستودعات أصلاً». أوكرانيا: روسيا خسرت 21 ألفا و200 جندي منذ اندلاع الحرب. فالمستودعات الستة المذكورة أعلاه، التي تتسع إلى حوالى 80 ألف طن من القمح (في حين تفيد معلومات أخرى بأن قدرتها التخزينية قد تصل إلى 400 ألف طن)، تم التكتم عنها لأسباب مجهولة، حيث لم يُكشف النقاب عنها إلا بعد الحديث عن مسألة وجوب تخزين القمح إبان التطورات الأخيرة على الجبهة الروسية – الأوكرانية سعياً لاحتواء مفاعيل أزمة الأمن الغذائي. وبالمقابل، أكّدت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية أنها قامت مراراً وتكراراً بالتصريح عن مستودعاتها الثمانية في تل عمارة (وهي مؤهلة وبحالة ممتازة)، كما وعرضت وضعها بتصرف الدولة لتخزين المساعدات الدولية لا سيما بعد انفجار المرفأ، لكن تمّ تجاهلها لأسباب غير معلومة. فأيهما، بالمناسبة، أسرع وأوفر: استخدام مستودعات المصلحة الجاهزة وترميم تلك التابعة لمكتب الحبوب والشمندر السكري، أم هدم الأهراءات وإعادة بنائها خصوصا أن المطلوب اليوم تأمين مخازن كبرى للقمح وبسرعة؟ في هذا السياق، أعرب الوزير سلام عن سعي دؤوب لإيجاد حلول سريعة لناحية بناء أهراءات جديدة في كل من طرابلس وبيروت والبقاع، إذ «من غير المنطقي تخزين كميات القمح كافة في مكان واحد»، بحسب قوله.

  1. أوكرانيا: روسيا خسرت 21 ألفا و200 جندي منذ اندلاع الحرب
  2. فضائح القمح بالجملة: من “غير مطابق” إلى “مطابق”؟

أوكرانيا: روسيا خسرت 21 ألفا و200 جندي منذ اندلاع الحرب

ففي حال تطابق النتيجة، على القمح أن يدخل فوراً إلى السوق اللبنانية، وإن لم تأتِ مطابقة، يجب أن يُحاسَب المسؤول وتُستبدل الشحنة فوراً بأخرى. وأتى سلام على ذكر الدول الأوروبية حيث لا ضرورة لإخضاع القمح للفحوصات المخبرية عند وصول الشحنة، إذ هي تُرفق بشهادات عالمية تؤكد صلاحية وجودة محتواها. هنا يعلّق افرام: «ثبت أن شهادة منشأ القمح الصادرة من أي بلد كان يمكن أن تتغير مع شحن القمح، وهذا ما أكدته أكثر من دراسة بعد ظهور العفن والديدان الثعبانية خلال الشحن، لذا لا يمكن الاعتماد عليها». تأصيل القمح محلياً... فضائح القمح بالجملة: من “غير مطابق” إلى “مطابق”؟. حل مستقبلي؟ نعود إلى مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية لنتساءل من جديد: لمَ التوجه إلى القمح الأجنبي في حين أن القمح الطري المُنتَج محلياً يضاهي بجودته القمح المستورد وهو عبارة عن أصناف مؤصّلة لا يمكن شراؤها من أي دولة أو منظمة دولية، كونها من إنتاج المصلحة نفسها؟ فقد نجحت المصلحة حتى العام 1976 بإنتاج وتأصيل القمح الحوراني والمكسيكي والبلدي وكانت عَلَماً من أعلام البحث الزراعي في الشرق. لكن، يا للأسف، أدى استمرار الحرب اللبنانية عام 1982 إلى تدمير كل شيء. ولم تعاود المصلحة مزاولة عملها تدريجياً إلا عام 1992 لتبلغ المستوى الإقليمي والعالمي عام 2002 حيث قامت بتوسيع مختبراتها وتجاربها لتضاهي بذلك المعايير العالمية.

فضائح القمح بالجملة: من “غير مطابق” إلى “مطابق”؟

استمرت المصلحة في أبحاثها وتأصيلها للقمح القاسي والطري بالتعاون مع منظمة «إيكاردا» التي تستضيفها في مراكزها. وكانت النتيجة إنتاج 8 آلاف طن من بذار القمح المؤصّل عام 2014 (مساواة بين النوعين القاسي والطري للخبز)، بدعم من وزارة الزراعة آنذاك. وقد تمّ ذلك بالتعاون بين المصلحة، من جهة، ومزارعين أكفّاء جرى التعاقد معهم للغاية، من جهة ثانية. إذ قامت الدولة بشراء القمح المؤصّل الأساسي (Foundation Seeds - FS) بسعر مدعوم ضمن عقود ألزمت المزارعين باتّباع إرشادات خبراء المصلحة الذين واظبوا على متابعة عمليات الزرع. بموازاة ذلك، استمرت المصلحة بعمليات إكثار البذار المؤصّلة النواة في أراضيها لإنتاج بذار FS، كما قامت بشراء البذار الناجمة عن ذلك من المزارعين مع زيادة 20% على سعر السوق المحلي. وقد تمّت غربلة البذار وتعقيمه وتخزينه من قِبَل المصلحة ومن ثم بيعه للمزارعين لإنتاج القمح القاسي والطري للاستهلاك. إضافة إلى البذار المؤصّل للقمح الطري والقاسي، أُنتج ألفا طن من البذار المؤصّل للشعير. وقد بلغ الإنتاج المحلي للقمح حوالى 160 ألف طن، علماً أنه لم يتجاوز سابقاً الـ60 ألف طن. ويعود الفضل في ذلك للبذار المؤصّل الذي سمح برفع الإنتاجية في كل ألف متر مربع من 300 إلى ألف كلغ.

على أي حال، بات الملف اليوم في عهدة النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، ميشال الفرزلي، الذي أعطى إشارته بحجز الشحنة إلى حين استكمال التحقيقات. وقد أكّد سلام ثقته بالقضاء مضيفاً: «المخالف سيُحاسب، والمظلوم ستظهر براءته، والقضاء سيعطي كل صاحب حق حقه». للغوص أكثر في جوانب المسألة، تواصلنا مع رئيس مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، الدكتور ميشال افرام، الذي اختير عضواً في اللجنة المكلّفة متابعة نتائج الفحوصات المخبرية. فقد ذكر أنه، في الثاني من نيسان الحالي، توجّهت اللجنة بحضور ممثّلين عن شركة التاج إلى مكان تواجد الشحنة، بحيث تبيّن، وفق المحضر المنظّم الذي يحمل تواقيع أعضاء اللجنة، حصول تلاعب بالأختام الموضوعة من قِبَل إدارة الجمارك. هنا يوضح افرام: «لا يمكن السماح بدخول قمح غير مطابق للمواصفات لحلّ مشكلة النقص في هذه المادة، لا من الناحية القانونية ولا حتى تلك العلمية، كما أن المستوردين ووزارة الاقتصاد ومكتب الحبوب والشمندر السكّري يعلمون جيداً أن المختبرات تتصرّف من منطلق علمي بحت». الحق على الفحوصات المخبرية؟ نسأل افرام عن طبيعة الفحوصات التي تجريها مختبرات المصلحة على العيّنات، فيذكر فحص السموم الفطرية، والأمراض والحشرات الحجرية والشوائب والجراثيم، وهذا ما يستغرق بين خمسة وسبعة أيام لصدور النتائج.