عروة بن الورد

كان يختلف عروة عن باقي الصعاليك، فلم يكن مخلوعا من قبيلته، بل كان فخرا لها لشخصيته الاستثنائية، ولم يكن سارقا، وإنّما مناهضا للظلم الطبقي، ربّما يصحّ القول إذا قلنا أنّه يعدّ "سارقا أخلاقيّا"، فهو كان يسرق من الأغنياء ويعطي الفقراء، ويقال أنّه كان يتردد على المحتاجين المقصيين من المجتمع على باب منزله ويناجوه قائيلين "يا أبا الصعالك أغثنا"، فما كان لروحه السخيّة والإنسانية إلا أن تلبي مطالبهم لهفة وإحساسا بالرؤية الوجودية في نصرة المظلوم وتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع القبلي الصحراوي الأرستقراطي. ولقبته الجماهير أيضا ب "أبي الفقراء" و"أبي المساكين". كتاب الشعر ديوان عروة بن الورد أمير الصعاليك - كتب PDF. قال معاوية بن أبي سفيان: "لو كان لعروة بن ورد ولد لأحببت أن أتزوّج إليهم". وقال عبد الملك بن مروان: "من قال أنّ حاتما أسمح الناس، فقد ظلم عروة بن الورد"، وهنا يقصد بن مروان حاتم الطائي الذي اشتهر بسخائه وكرمه، مما يدّل على المكانة الأخلاقية التي كان يحتلّها عروة في العقل العربي بين جميع الطبقات، بمن فيهم الملوك. وقال الحطيئة، الشاعر الأموي الذي اشتهر بشعره وهجائه ومجادلاته مع جرير والفرزدق والأخطل، في جوابه على سؤال عمر بن الخطّاب: "كيف كانت حروبكم"، قال: "كنّا نأتم في الحرب بشعره".

شعر عروة بن الورد

توالت السنين وأضحى صعاليك عروة ميسوري الحال فافترقوا وجُنّد غيرهم، وانشغل عروة بأولاده وغاراته مع أخيه وابن عمه استكمالًا لغايته في إنجاد الفقير ورد الجوع عن عائلته، حتى تركته زوجته وعادت إلى موطنها لدى بني كنانة، فتغير حال عروة وبدأ يفقد تركيزه أثناء غاراته مع صعاليكه حتى قتل في إحداها قبل الإسلام. حقق عروة مكانةً مهمة بين العرب، حيث رفع شأن الصعلكة وجعل منها مذهبًا اجتماعيًا يسند الفقراء بعضهم من خلاله، متبنيًا مبادئًا فكرية عن المساواة والعدل بين الناس سابقةً لأوانها في العصور الجاهلية، كما عرف بفصاحة لسانه التي جعلته من أهم شعراء الجاهلية وليس فقط شعراء الصعاليك، فله ديوان شعرٍ تم جمعه من قبل الأصمعي وابن السكيت حيث قام الأخير بشرحه كذلك، وهي أشعار قالها في متفرقات الأوقات إما في الغزو، أو عن زوجته، أو عن أمه، أو عن الفقر أو الصعلكة وغيرها، تثبت كرمه وشجاعته ومروءته ورجاحة عقله، فكان الناس يأتمّون بشعره على الرغم من شعر عنترة بن شداد الشاعر الجاهلي البارز من قبيلة عبس. تناولت العديد من الأعمال الأدبية ذكر عروة أو أبياتًا من شعره نقدًا وتحليلًا، ومدح كثيرًا كقول عبد الملك بن مروان:" من قال أن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد"، كما جسدت شخصيته وسيرة حياته في عدة أعمال فنية أبرزها مسلسل "عروة بن الورد" لعام 1978 من إخراج صلاح أبو هنود ومن بطولة الممثل الراحل أسامة المشيني، ومسلسل "عنترة بن شداد" حيث لعب دور عروة فيه الممثل مهيار خضور عام 2007.

الشاعر عروه بن الورد العبسي

ماذا قالت سلمى عن زواجها بعد عروة ؟ بعدما عادت سلمى إلى قومها تزوجت بابن عمها، ولم يكن يحسن معاملتها كعروة، وفي يوم طلب منها أن تثني عليه كما أثنت على عروة، فأخبرته أنها لا تقول سوى الحق، وإنها لن تكذب، لذا فمن الأفضل أن لا تقول فيه شيئًا. فصمم على ذلك وجمع القوم، ليسمعوا ثناء سلمى عليه، فإذا بها تقول:"أنعموا صباحا إن هذا عزم علي أن أثني عليه بما أعلم ثم أقبلت عليه، فقالت: والله إن شملتك لالتحاف وإن شربك لاشتفاف وإنك لتنام ليلة تخاف وتشبع ليلة تضاف وما ترضي الأهل ولا الجانب" فلامه القوم على ذلك.

فيديوهات ووثائقيات