إذا جاءك المنافقون

ما يفقهون لم خلق الله هذا الكون أبداً؟ لم خلق الله الطعام والشراب؟ لا يعرفون، فقط يأكلون ويشربون، ويظنون أنهم خلقوا للبقاء على الحياة، وجهلوا أنهم خلقوا من أجل أن يعبدوا الله. وهذا شأن من طبع على قلوبهم، لا يفقهون. تفسير قوله تعالى: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم.. ) قراءة في كتاب أيسر التفاسير هداية الآيات قال: [هداية الآيات: من هداية الآيات: أولاً: بيان أن الكذب ما خالف الاعتقاد وإن طابق الواقع]. من هداية هذه الآيات أيها المؤمنون والمؤمنات! أن الكذب ما خالف الاعتقاد وإن وافق الواقع. كيف ذلك؟ أن المنافقين يشهدون أن محمداً رسول الله لكن هل هذا متفق مع ما في قلوبهم؟ لا؛ بل مخالف، وما هو متفق. إذاً: فهو باطل وكذب. إذاً: من هداية الآيات: أن ما خالف الاعتقاد وإن كان صدقاً باللسان فهو كذب، ولا يقال فيه حق ولا صدق، فلا بد من الاعتقاد، مثلاً: تعتقد أنك مسافر غداً وتخبر والله إني لمسافر، فأنت صادق، لكن إذا كنت عازماً ألا تسافر وتأتي تدجل تقول: غداً سأسافر؛ لتضلل. فهل هذا صدق؟ لا. فلا بد من موافقة القلب وما في النفس للسان. التفريغ النصي - تفسير سورة المنافقون_ (1) - للشيخ أبوبكر الجزائري. [ ثانياً: التحذير من الاستمرار على المعصية، فإنه يوجب الطبع على القلب، ويحرم صاحبه الهداية].

اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد

هذه سورةُ المنافقون، مدنيَّةٌ، يخبرُ اللهُ فيها عن المنافقينَ الَّذين يُظهِرونَ الإسلامَ والإيمانَ ويُبطِنونَ الكفرَ، وهم كفَّارٌ، أكفرُ من اليهودِ والنَّصارى، أكفرُ من المشركين المعلنينَ للكفرِ، كانوا إذا جاؤُوا للنَّبيِّ يقولون: نشهدُ إنَّك رسولُ اللهِ، {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة:14]، فيظهرون للرَّسولِ وللمؤمنين أنَّهم مؤمنون ومصدِّقون بالرَّسولِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-. قالَ اللهُ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} المنافقون كاذبونَ في قولهم: "نشهدُ"، قولُهم: "نشهدُ" هذا كذبٌ، أمَّا أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ فهذا حقٌّ، اللهُ شهدَ به، ولهذا قالَ تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} أي: في قولهم: "نشهدُ".

إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد

[٣] يقابل هؤلاء المنافقون دعوتهم لاستغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم بالاستكبار والاستهزاء، ولاستحكام الكفر والفسق في نفوسهم لن يهديهم الله -سبحانه وتعالى- ولو استغفر لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ولا يكتفون بذلك بل يحاولون أن يصدّوا الفقراء عن الالتحاق بركب الإيمان بعدم الإنفاق عليهم، ونسي هؤلاء أن الله -سبحانه وتعالى- هو من يملك مفاتيح الرزق كله. [٤] ثم ذكر موقفاً من مواقفهم المشينة في غزوة بني المصطلق حين ادّعوا أنهم إذا عادوا منها سيخرجون محمداً -صلى الله عليه وسلم-، ووصفوه بالأذل -حاشاه-، ولكن العزة لله -سبحانه وتعالى- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنين. تفسير سورة المنافقون. وقد ظهر ذُل المنافقين عندما لم يسمح ابن زعيمهم -وكان مؤمناً- لأبيه بالدخول إلى المدينة حتى يسمح بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [٤] أوامر الله للمؤمنين قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّـهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} [المنافقون] { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}: المنافقون أشد على الإسلام من الكفار الظاهرين, فالمنافق يظهر الإسلام ويدعي الانتماء للأمة وهو في باطنة مبغض للإسلام مبغض للأمة موالي لأعدائها يحاول بشتى الوسائل النيل من الأمة وتثبيط عزائم أبنائها وشحنهم بالهزيمة النفسية والتودد للأعداء والتعاون معهم في الباطن ومحاولة نشر مبادئهم وإظهار قواهم والتهويل من انتصاراتهم وتقدمهم, وتقزيم الأمة والتقليل من نجاحاتها ومنهجها ورسالتها. وهكذا فعل المنافقون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم يبطنون الكفر ويعلنون أمامه دائما شهادتهم بأنه رسول الله, وهو ليس في حاجة لشهادتهم فالله يعلم أنه أرسله والله يشهد على كذب المنافقين ويا ويلهم من الدرك الأسفل من النار.

ان من قضاء الله على امة الاسلام انه تعالى اختبرها بامر لم يكن موجودا في غيرها من الامم, وما عرفه رسول من الرسل قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم وهذا الامر هو النفاق, فلم يعرف بل ولم يكن في مكة نفاق ولا منافقون وانما اسلام او كفر ولا بين بين البينين ولا لون بين اللونين بل ترافق وجوده مع وجود الدولة. فبعد ان انتشر الاسلام في المدينة المنورة واخذ طريقه الى النفوس واصبحت لهذه الدولة الفتية قوة سياسية وعسكرية بدأ النفاق يظهر في المدينة على شكل تكتل وكيان فكري وسياسي, فالمنافقون اظهروا الاسلام خوفا وطمعا وابطنوا الكفر في نفوسهم وكانوا يشكلون قوة حليفة لليهود والمشركين وعنصرا من عناصر التخريب والهدم في المجتمع الاسلامي الوليد. وقد عملوا على اثارة الفتن والخلافات بين المسلمين ونشر الاشاعات والاكاذيب وشن حرب دعائية ونفسية وتجسسية لأضعاف المسلمين وتحجيم انتشار الاسلام. اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول. وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا عن النفاق والمنافقين وخطرهما على الاسلام وبنية المجتمع الاسلامي كما تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك وبذل جهدا مضنياً وحكيما من اجل القضاء عليه ومنعه من تنفيذ المخططات والمؤامرات الهدامة التي كان يعدها ويعمل على تنفيذها.