أتعجبون من غيرة سعد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد: فالغَيرةُ من الغرائز البشرية التي أوْدَعَها الله في الإنسان، وهي صفة محمودة، ولا خير فيمَن لا يغار؛ بل إن قلبه منكوس، والغَيرة على الزنا مما يحبه الله، وأمر بها، فأقوى الناس دينًا أعظمهم غيرة؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في خطبة الكسوف: " يا أمة محمد، ما أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته " (صحيح البخاري). وفي الصحيح أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: " ليس أحدٌ أحب إليه المدح من الله -عز وجل- مِن أجل ذلك مدح نفسه، وليس أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرَّم الفواحش، وليس أحدٌ أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل " ( صحيح مسلم). قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: ''ولهذا يُذَم مَن لا غَيرة له على الفواحش؛ كالديوث، ويُذَم مَن لا حمية له يدفع بها الظلم عن المظلومين، ويمدح الذي له غَيرة يدفع بها الفواحش، وحمية يدفع بها الظلم، ويعلم أن هذا أكمل من ذلك، ولهذا وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الرب بالأكمليَّة في ذلك، فقال في الحديث الصحيح: " لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن "، وقال: " أتعجبون من غيرة سعد؟ أنا أغير منه، والله أغير مني " '' اهـ.

الغيرة في الإسلام - الشيخ محمد نبيه

هل تحب الكوكيز؟ 🍪 نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة على موقعنا. يتعلم أكثر تابعنا شاركها

أتعجبون من غيرة سعد - ملتقى الشفاء الإسلامي

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن» أي: من أثر غيرة الله أنه منع عباده من قربان الفواحش، وهي: ما عظم وفحش في النفوس الزاكية والعقول السليمة مثل الزنا. أتعجبون من غيرة سعد - ملتقى الشفاء الإسلامي. والظاهر: يشمل ما فعل علناً، وما باشرته الجوارح وإن كان سراً، والباطن: يشمل ما في السر، وما انطوت عليه القلوب. وقوله: «ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المرسلين مبشرين ومنذرين» المعنى: بعث المرسلين للإعذار والإنذار لخلقه، قبل أخذهم بالعقوبة، وهو كقوله تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}. وقوله: «ولا أحد أحب إليه المِدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة» هذا لكماله المطلق، فهو تعالى يحب من عباده أن يثنوا عليه ويمدحوه على فضله وجوده، ومن أجل ذلك جاد عليهم بكل نعمة يتمتعون بها، ويرضى عنهم إذا حمدوه عليها، ومهما أثنوا عليه ومدحوه لا يمكن أن يصلوا إلى ما يستحقه من المدح والثناء، ولهذا مدح نفسه، فوعد الجنة ليكثر سؤاله، والثناء عليه من عباده ومدحه، ويجتهدوا في ذلك غاية ما يستطيعون؛ لأن الجنة هي منتهى الإنعام.

درأ استشكال في حديث غِيرة سعد - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام

وفي اللفظ الآخر: إن وجدت مع امرأتي رجلًا، أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: ((نعم))، قال: والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اسمعوا إلى ما يقول سيدكم؛ إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني)). قلنا: نتلقاه بالقبول والتسليم، والقول بموجبه، وآخر الحديث دليل على أنه لو قتله، لم يُقَدْ به؛ لأنه قال: بلى والذي أكرمك بالحق، ولو وجب عليه القصاص بقتله، لما أقره على هذا الحلف، ولما أثنى على غيرته، ولقال: لو قتلتَه قُتِلتَ به.

درء استشكال في حديث غيرة سعد

وفي حديث سهل بن سعد: أن رجلًا اطلع في جحر في باب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي يد النبي -صلى الله عليه وسلم- مدرًى يحك به رأسه، فلما رآه، قال: " لو أعلم أنك تنظرني، لطعنت به في عينك، إنما جُعِل الإذن من أجل البصر " (صحيح مسلم). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو " أن امرأً اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة، ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح " ( صحيح البخاري). وفيهما أيضًا: " مَن اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه، فلا دية له، ولا قصاص " (صحيح الجامع). وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- وقال: ''ليس هذا من باب دفع الصائل، بل من باب عقوبة المعتدي المؤذي، وعلى هذا فيجوز له فيما بينه وبين الله - تعالى- قتل مَن اعتدى على حريمه، سواء كان محصنًا أو غير محصن، معروفًا بذلك، أو غير معروف، كما دل عليه كلام الأصحاب، وفتاوى الصحابة''. وقال في ''زاد المعاد في هَدْي خير العباد'' (ص365/5): ''فإن قيل: فما تقولون في الحديث المتفق على صحَّتِه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلًا أيقتله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا "، فقال سعد: بلى والذي بعثك بالحق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ".

وهذا يحتمل معنيين: أحدهما: إقراره وسكوته على ما حلف عليه سعد أنه جائز له فيما بينه وبين الله، ونهيه عن قتله في ظاهر الشرع، ولا يناقض أول الحديث آخره. والثاني: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك كالمنكر على سعد، فقال: " ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم "؛ يعني: أنا أنهاه عن قتله، وهو يقول: بلى والذي أكرمك بالحق، ثم أخبر عن الحامل له على هذه المخالفة، وأنه شدة غيرته، ثم قال: أنا أغير منه، والله أغير مني، وقد شرع إقامة الشهداء الأربعة مع شدة غيرته -سبحانه- فهي مقرونة بحكمة ومصلحة، ورحمة وإحسان، فالله -سبحانه- مع شدة غيرته أعلم بمصالح عباده، وما شرعه لهم من إقامة الشهود الأربعة دون المبادرة إلى القتل، وأنا أغير من سعد، وقد نهيتُه عن قتله، وقد يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلا الأمرين، وهو الأليق بكلامه، وسياق القصة''. اهـ. وفقنا الله لفَهم كتابه وسنة نبيه.