خطبة بعنوان (اجتماع الكلمة ومفهوم الأمة) . - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار

ودعونا نتفق على أن "الحكاية الخرافية" اصطلاح نطلقه لإفادة الدلالة على كل حكاية سردية قصيرة، تنتمي وقائعها وشخوصها صراحة إلى عالم الوهم، ما دامت تلكم الشخصيات خيالية، ومادامت تلكم الوقائع والأحداث التي تسردها تخالف ما هو طبيعي، إذ تتوسل ما هو خارق، فالعالم المصور في الحكاية الخرافية يتميز بكونه غير واقعي، إنه واقع شعري، فنتازي، أسطوري، خرافي. ينفصل إذن مفهوم اصطلاح "الحكاية الخرافية" عن ما يفهم من ألفاظ (الخرف= فساد العقل بسبب التقدم في العمر) و(التخريف= الاعتقاد الفاسد، كالإيمان بالعين والحسد) و(الخرافة=الحديث الكاذب المضحك، الحديث الباطل مطلقا). وتتميز "الحكاية الخرافية" بأصلها الشفوي، حتى ولو تمت كتابتها، وبقصرها، ومفارقة أحداثها للواقع المعيش، وذلك لأن شخصياتها تكون إما حيوانات مؤنسنة أو ظواهر طبيعية ألبست صفات إنسانية، أو تكون أناسا لهم صلات بالقوى الغيبية ويمتلكون قدرات خارقة. وإن ما يرام من الحكاية الخرافية إنما هو بث مضمون أخلاقي، أي تقديم مغزى، كما تأتي بعض الحكايات الخرافية ذات الطابع الأسطوري من أجل تقديم تفسير لظاهرة من الظواهر الطبيعية أو الاجتماعية، ومن هنا نستطيع تأكيد أن الحكاية عامة والحكاية الخرافية على وجه الخصوص يراد منها تأدية دور تربوي وتعليمي.

فمثلما تتنوع الخيرات النباتية والحيوانية في هذه القارة، فكذلك تتنوع أشكال التعبير عند الساكنة، إذ تشير الحكايالت إلى أن هذه الشعوب الأفريقية تتوفر على سرود وأغان وممارسات فرجوية خاصة بها، وهذه الفنون تورق وتزهر، مثلما تورق النباتات المتعددة والمختلفة وتتنور كما تتنور الأزاهير والورود، وتثمر كأما أشجار المانجو والجوافة والنخل. وبغاية الوقوف على ما زعمناه دعونا نقرأ نموذجين، هما: (البقرة سوداء) ص9 و(حجوة الذبابة) ص143. الكاتب د. محمد بدوي مصطفى وبروفسير عبد الله التوم قراءة في "قصص قصيرة من قلب أفريقيا" (الجزء الأول)

فإذا افتخر جيل أو قوم أو جنس أو أهل بلد بما يجمعهم من روابط السكن وروابط الولادة أو القوم أو العشيرة أو الظروف المعيشية الواحدة فإن أمة الإسلام يا عباد الله توحد بين أفرادها « لا إله إلا الله محمد رسول الله» صلة الفرد بخالقه وصلته برسوله وصلته بإخوانه على هدي من كتاب الله وسنة رسوله وهذه الأمة لا يؤمن أحدهم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. إنها الدعوة العالية لا فرق فيها بين صغير وكبير ولا بين أحمر ولا أسود ولا عربي وعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح [إن أكرمكم عند الله أتقاكم] هذه الأمة تخص ربها بالعبادة ولا تفرق بين أحد من رسله [وأما ربكم فاعبدون]. فمن خرج عن الأمة فقد نكث عن العهد وسار عن طريق الغواية وخالف كلمة الرسل جميعاً وتقطعوا أمرهم بينهم مختلفين على الرسل بين مصدق ومكذب ولكن المرجع والمصير إلى الله فيجازي كلاًّ بعمله [فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإن له كاتبون].

ولعل من أعظم مكاسب أعدائنا في الأحداث الأخيرة ما وصلوا إليه من تعميق الفجوة بين العلماء وكثير من الشباب ، والسبب في ذلك طرح بعض الآراء التي لا تدعوا لتوحيد الصف واجتماع الكلمة بل كانت من أسباب تفريق الناس وبلبلة أفكارهم. وعلى مستوى الأسر والعوائل نجد الكثير من الاختلاف على أمور حقيرة لكن شياطين الإنس ينشطون في هذه المستنقعات فيعمقون الخلاف بين أفراد الأسرة الواحدة حتى تصل الأمور إلى طريق مسدود وهكذا على مستوى البيت الواحد والمدرسة والدائرة ، وقل مثل ذلك في كل موقع يوجد فيه اختلاف والفرقة والمخرج بإذن الله هو سلامة الصدور والتنازل عن بعض الأمور واتهام النفس ومحبة الآخرين والحرص على إيصالهم حقوقهم والدعاء لهم ظاهراً وباطناً وتناسى الأخطاء لأنها لا تساوي شيئاً في بحر حسنات أخيك المسلم. أسأل الله أن يوفقنا اجتماع الكلمة وأن يزيدنا من الهدى والتقى والرشاد وأكثروا يا عباد الله من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. 18-11-1422هـ

لقد شرع الله الاجتماع في معظم العبادات وهو عنوان صلاح الناس فالصلوات الخمس والجمعة التي تجتمعون فيها هذه الساعة والعيدان والصوم خصه الله في شهر واحد وحده في وقت معين ليصوم الناس في نفس هذا الوقت تظهر فيه وحدة الأمة وترابطها. وهكذا الحج يجتمع فيه المسلمون ممن كتب الله لهم هذه الفريضة من سائر أقطار الأرض في مظهر واحد لا فوارق ولا ميزات ولا مظاهر الشعار والميزان والتفاضل كل ذلك بالتقوى. وهذا واضح جداً من معنى الحديث]:المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً [ فالبنيان المتماسك القوي هو الذي تكون أجزاؤه قوية سليمة، أما إذا كانت الأجزاء تالفة تنخر فيها الأكلة فهنا يدب لها الفساد ولا تلبث أن تنهار لأنها معرضة دائماً لهبوب الرياح. وهكذا صرح الجماعة المسلمة ما دام الترابط بينهم والتماسك شعارهم فستكون لهم العزة والغلبة وأما إذا تفرقوا وتخاذلوا وأكل بعضهم بعضاً فالويل لهم من أنفسهم وأعدائهم [ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.