لا ألفينك بعد الموت تندبني

كتب هذا المقال فى 15مارس2011 كما اخص الشكر استاذى حسن سلامة ملهم تلك الكلمات. ما أشبه حالنا اليوم بحال الأمة الإسلامية بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان من فتنة لا تحمد عقباها و من الكثيرين الذين يلبسون قميص عثمان ليس بدافع الحق و لكن بدافع الباطل و لتسمحوا لى بأن أنقل ما كتبه أديبنا الراحل عباس العقاد فى كتابه عن معاوية بن أبى سفيان. ماقبل الرحيل و بعده – مدونة سلمان البحيري. لا ألفينك بعد الموت تندبنى و فى حياتى ما زودتنى زادى ووقعت الواقعة و مات الخليفة قتيلا و ذهب معاوية يطالب بدمه و ينكر على علي بن ابى طالب بيعته لأنه لا يسلمه قتلة عثمان ، ممن يذكرهم إجمالا أو يسميهم بأسمائهم ، و آل الأمر كله بعد حين إلى معاوية يصنع بهؤلاء ما يشاء ، فلم يأخذ واحدا منهم بجريرة مشهودة و لم يحاسب أحدا على جريرة مستورة تتطلب الإشهاد ، و كان يلقى الرجل منهم فلا يزيد على أن يسأله كما سأل أبا الطفيل: ألست من قتلة عثمان ؟ ثم يصرفه فى أمان و قد يسكت عن سؤاله و يصرفه مزودا بالعطاء. و لم يخف هذا الموقف الذى لا خفاء به على أبناء عثمان و بناته ، فإنهم كانوا يرون معاوية فيلقونه بالبكاء و يذكرون أباهم ليذكروه بدمه المطلوب ووعده بالثأر له ثم سكوته عن الثأر بعد أن أمكنه منه ما لم يكن فى إمكان أحد من المطلوبين به فى رأيه.

  1. ماقبل الرحيل و بعده – مدونة سلمان البحيري

ماقبل الرحيل و بعده – مدونة سلمان البحيري

ولكن الصحيح أن التكريم الذي يحتاج إليه المبدع هو الإحتفاء بعطائه وهو على قيد الحياة وفرصة لنقده والرد عليه، ليسهم في تطوير عمله وابداعه وفكره للناس. التقدير والتكريم بعد وفاة المبدع لا يفيده ولا يضيف عليه شيء ، فلا حاجة إلى المبدع بتكريمه بعد موته، وهذا النوع من التكريم لا يلبث أن يتلاشى وينفض بعد إنتهاء الحفل وخروج المحتفون. تكريم واحد لساعة في حياة المبدع يساوي تكريمًا موصولًا له بعد مماته لا حاجة إلى المبدع بتماثيل تنصب له وصور في كل مكان بعد موته او اسم لجنه او شارع او توزيع صوره في كل مكان وفي حياته مهمش او يحاول البعض إقصائه أو إسقاطه لسبب حقد او غيره او جهل او مصلحة ما او انتماء الى مجموعة او فئة معينه كما قال الشاعر: ( لا ألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما قدّمت لي زادا) يحضرني هذا البيت، كلما تنادى الأدباء والمثقفون لحفلة رثاء وبكائيات لتأبين مبدع غادرنا، فتتقاطر عليه مقالات التعظيم والتبجيل والكلمات الدامعة، والدروع المصقولة خالية الروح. فالمبدع شجرة عطاء له نظرته ورؤيته للحياة ومجتمعه، يسخر فكره وقلمه ووقته وماله لخدمة مجتمعه ووطنه ويظل طوال حياته يرمل في اتجاه هدف التغيير إلى الأفضل في مجتمعه ووطنه، وله على مجتمعه ومسؤولي وطنه حق رد الجميل له في حياته، لكن ما يحدث في الغالب هو عكس ذلك.

وبعدها قال سليمان: إن شاء الله سأعدها للطبع، ثم حالت المنية بينه وبين ذلك. فلعل الله يبعث همة أولاده ومحبيه لنشر تراثه، ولو ما أعده من رسائل علمية - الماجستير والدكتوراه - أو بحوثه المحكمة، أو ما علَّقه على بعض الكتب، أو ما حرره في بعض المسائل، أو ما أملاه على الطلبة. هذه كلمات موجزة لا توفي الشيخ حقه، ولعل الله ييسر فرصة أطول لكتابة أوفى. رحم الله فقيدنا سليمان السليمان، وأسكنه فسيح الفردوس الأعلى، وأورثه صحبة النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. ** ** - محمد بن إبراهيم الحمد