صفات الرسول العشر

قال: وحج حجتين فكنت أرمقه ولا أسمع منه.. غير أنه كان إذا ذُكر النبي - صلى الله عليه وسلم – بكى حتى أرحمه.. فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي - صلى الله عليه وسلم – كتبت عنه. وقال مصعب بن عبد الله: كان مالك إذا ذُكر النبي - صلى الله عليه وسلم – يتغير لونه وينحني حتى يَصعُبَ ذلك على جلسائه، فقيل له يوماً في ذلك فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليَّ ما ترون؟! ، ولقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القرّاء، لا نكاد نسأله عن حديث أبداً إلا يبكي حتى نرحمه.. ولقد كنت أرى جعفر بن محمد. وكان كثيرَ الدعابة والتبسم فإذا ذُكِر عنده النبي - صلى الله عليه وسلم – اصفرّ وما رأيته يُحدِّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – إلا على طهارةٍ.. ولقد اختلفت إليه زماناً، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلياً وإما صامتاً، وإما يقرأ القرآن. ولا يتكلم فيما لا يعنيه.. وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله - عز وجل -. ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم – فيُنظر إلى لونه كأنه نُزِفَ منه الدم، وقد جف لسانُه في فمه هيبة منه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. صفات الرسول - الشيخ محمد نبيه. ولقد كنت آتي عامِرَ بن عبد الله بن الزبير فإذا ذُكر عنده النبي - صلى الله عليه وسلم – بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع.

صفات الرسول - الشيخ محمد نبيه

والله تعالى طلب من الأمة المجاهدة أن تستعد وأن تعدّ كل ما استطاعت من القوى حيث قال جل شأنه ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وقد أخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول وهو على المنبر ( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة " ألا أن القوة الرمي ". وقد ظهرت ثمار تلك التربية مع أشاوس أبطال غزة الذين أبهروا العالم بذلك الصمود الأسطوري الذي ننتظر أن يكون نتاجه نصراً مؤزرا بإذن الله تعالى وهي تؤتي أكلها مع من أعطاها حقها رعاية و تهذيباً وتدريباً والزمن كفيل أن يتحقق ذلك المبتغى.

صفات الرسول - عليه الصلاة والسلام - كأنك تراه - الكلم الطيب

فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالةً وحجةً على التزام محبته ووجوب فرضها، وعِظم خَطَرِها، واستحقاقه لها - صلى الله عليه وسلم -، إذ قرَّع اللهُ تعالى من كان مالُه وأَهلُه وولدُه أحبَّ إليه من الله ورسوله وأوعدهم بقوله تعالى: ((فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)) ثم فسَّقهم بتمامِ الآيةِ وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله. وعن أنس - رضي الله عنه –: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يُؤمن أحدُكم حتى أكونَ أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين). رواه البخاري ومسلم وعن أنسٍ - رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثٌ مَن كُن فيه وجد بهن حلاوةَ الإيمانِ: أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما،وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله،وأن يكره أن يعود في الكفر كما يَكْرَهُ أن يقذف في النار. ) وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لأنت أحب إليّ من كل شيءٍ إلا نفسي التي بين جنبيّ.. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه) فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحبُّ إلي من نفسي التي بين جنبي.. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( الآن يا عمر) رواه البخاري.

من فتح الباري 6/697. وقال ابن كثير –رحمه الله- في البداية والنهاية " (3/219): "... وما أحسنَ ما قال الحسنُ البصريُّ -: يا معشر المسلمين ، الخشبةُ تحنُّ إلى رسول الله شوقاً إليه ، أو ليس الرجال الذين يرجون لقاءَه أحقُّ أن يشتاقوا إليه. " وكيفما كان، فحديثُ الجذع مشهورٌ ومنتشرٌ، والخبر فيه متواتر، أخرجه أهل الصحيح، ورواه من الصحابة بضعة عشر رجلاً، وحنينه إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- معجزة من معجزاته الكثيرة. قال البيهقيُّ: "قصة حنين الجذع، من الأمور الظاهرة التي حملها الخلفُ عن السلف، وفيها دليلٌ على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكاً كأشرف الحيوان". وقال الإمام الشافعيُّ -رحمه الله-: "ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً ، فقيل له: أعطى عيسى إحياء الموتى، فقال: أعطى محمداً حنين الجذع حتى سُمِعَ صوتُه، فهذا أكبر من ذلك". ( 1) فهذه مكانةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم – في قُلوب المؤمنين عُموماً، وإن أصدق تعبير عن تلك المحبة وهذه المكانة ما قاله أنس بن مالك - رضي الله عنه -يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "حينما تُوفي رسول الله -صلى الله عليه و سلم- كنا نقول: يا رسولَ الله إنَّ جذعاً كنتَ تخطب عليه فترَكتَه فَحَنَّ إليك، كيف حين تركتنا لا تحنُّ القلوب إليك ؟ اللهم أمِدَّنا بحَولِكَ وقوتك فأنت وحدك المستعان ، وتقبَّل منا عملنا هذا بقَبول حسن، واجعله خالصاً لوجهك الكريم، إنك أنت السميع المجيب، وإليك أخي القارئ بعض هذه الصفات.