إن من البيان لسحرا

ولَمَّا صدق في مدحه وذمِّه فيما ذَكَر، عَجِب النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كما يعجب من السِّحر، فسمَّاه سحرًا من هذا الوجه". يقول الفيروزأبادي: "السِّحر: كلُّ ما لَطُفَ مأْخذُه ودقَّ، ومعناه - والله أعلم -: أنّه يمدح الإنسان فيصدقُ فيه، حتى يصرفَ قلوب السامعين إليه، ويذمُّه فيصدق فيه، حتى يصرفَ قلوبهم أيضًا عنه. (انظر الفيروز أبادي- القاموس المحيط). أما ابن منظور في مادة (سحر) في لسان العرب فيسوق لنا قول أبي عبيد: "كأن المعنى والله أعلم أنه يبلغ من ثنائه أن يمدح الإنسان فيَصَْدُق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله، ثم يذمّه فيصدُق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه سحر السامعين بذلك". إن من البيان لسحرا. ثمة اختلاف في تأويل الحديث، فهل الرسول مدح عمرًا أم ذمّه؟ يورد موقع "إسلام ويب" آراء بعض العلماء: "قال المنذري وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم (إن من البيان لسحرًا)، فقيل أورده مورد الذم لتشبيهه بعمل السحر لغلبة القلوب وتزيينه القبيح وتقبيحه الحسن، وإليه أشار الإمام مالك رضي الله عنه، فإنه ذكر هذا الحديث في (الموطأ)- في باب ما يكره من الكلام. قيل إن معناه أن صاحبه يكسب به من الإثم ما يكسبه الساحر بعلمه.

  1. إنَّ من البيان لسحراً!
  2. إنّ مِن البيان لَسِحراً، وإنّ مِن الشِّعر لَحكمة ».

إنَّ من البيان لسحراً!

رُويَ عن نافع أنّه قال: (قال: كنت أجهِّزُ إلى الشام ومصر، فكان اللهُ -عزَّ وجلَّ- يرزُق خيرًا كثيرًا، فجهّزتُ إلى العراق فلم يرجع رأسُ مالي، فدخلتُ على أمِّ المؤمنين عائشة، فقالت: يابنيّ، الزَم تجارتك، فإنّي سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول: إذا فُتِحَ لأحدِكُم رزقٌ من بابٍ فليَلْزَمْه. ) [9].

إنّ مِن البيان لَسِحراً، وإنّ مِن الشِّعر لَحكمة ».

(ابن سبيل) اذا عزمت على أمر فاتخذ له طرقه السليمة، واستعن بالكتمان وعجل باغتنام الفرصة قبل ان يدري عنك حاسد او حاقد! (3) واذا صفالك من زمانك واحد فهو المراد فعيش بذاك الواحد الواقع ان صديقاً واحداً يحبك.. يكفيك.. ولاغنى عن الصديق.. فهو ثاني الروح.. وثالث العينين.. وهو يضرب فرحك في اثنين.. ويقسم احزانك على اثنين.. وللحكماء مع الصداقة اقوال ومواقف، غنى علوية للمأمون قول الشاعر: واني لمشتاق الى ظلِّ صاحبٍ يرق ويصفو ان كدرت عليه! فقال المأمون: هات ياعلوية هذا الصاحب وخذ الخلافة! وكان للزيات صديق اسمه محمد، فآذاه كثيراً فقال فيه: من يشتري مني إخاء محمد ام من يريد إخاءه مجانا! ولكن.. إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا. لو فيه خير ما رماه الطير!

[4] عون المعبود، لشمس الحق العظيم أبادي، (13/239 - 241). [5] انظر: "في ظلال الحديث النبوي"؛ د. نور الدين عتر، ط1، 1420هـ. [6] الأبشيهي (1/94).