يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا

والجُمل الثّلاث من قوله: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً} وقوله { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان} [ الأعراف: 27] وقوله { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} [ الأعراف: 31] متّصلة تمام الاتّصال بقصّة فتنة الشّيطان لآدم وزوجه ، أو متّصلة بالقول المحكي بجملة: { قال فيها تحيون} [ الأعراف: 25] على طريقة تعداد المقول تعداداً يشبه التّكرير. وهذا الخطاب يشمل المؤمنين والمشركين ، ولكن الحظّ الأوفر منه للمشركين: لأنّ حظّ المؤمنين منه هو الشّكر على يَقينهم بأنّهم موافقون في شؤونهم لمرضاة ربّهم ، وأمّا حظّ المشركين فهو الإنذار بأنّهم كافرون بنعمة ربّهم ، معرّضون لسخطه وعقابه. وابتُدىء الخطاب بالنّداء ليقع إقبالهم على ما بعده بشراشر قلوبهم ، وكان لاختيار استحضارهم عند الخطاب بعنوان بني آدم مرّتين وقْع عجيب ، بعد الفراغ من ذكر قصّة خلق آدم وما لقيه من وسوسة الشّيطان: وذلك أنّ شأن الذرّية أن تثأر لآبائها ، وتعادي عدوّهم ، وتحترس من الوقوع في شَرَكه.

القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الأعراف - الآية 26

وهذا المعنى الرّفعُ أليقُ به. ويكون استطراداً للتّحريض على تقوى الله ، فإنّها خير للنّاس من منافع الزّينة ، واسم الإشارة على هذه القراءة لتعظيم المشار إليه. وجملة: { ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} استئناف ثان على قراءة: { ولباس التقوى} بالنّصب بأن استأنف. بعد الامتنان بأصناف اللبّاس ، استئنافين يؤذنان بعظيم النّعمة: الأوّل بأنّ اللّباس خير للنّاس ، والثّاني بأنّ اللّباس آية من آيات الله تدلّ على علمه ولطفه ، وتدلّ على وجوده ، وفيها آية أخرى وهي الدّلالة على علم الله تعالى بأن ستكون أمّة يَغلب عليها الضّلال فيكونون في حجّهم عُراةً ، فلذلك أكّد الوصاية به. قال تعالى (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سواتكم وريشا ولباس التقوى ذالك خير) من منطلق الآية الكريمة - مجلة أوراق. والمشار إليه ، بالإشارة التي في الجملة الثّانية ، عين المشار إليه بالإشارة التي في الجملة الأولى وللاهتمام بكلتا الجملتين جعلت الثّانية مستقلّة غير معطوفة. وعلى قراءة رفع: { ولباس للتقوى} تكون جملة: ذلك من آيات الله استئناف واحداً والإشارة التي في الجملة الثّانية عائدة إلى المذكور قبلُ من أصناف اللّباس حتّى المجازي على تفسير لباس التّقوى بالمجازي. وضمير الغيبة في: { لعلهم يذكرون} التفات أي جعل الله ذلك آية لعلّكم تتذكّرون عظيم قدرة الله تعالى وانفراده بالخلق والتّقدير واللّطف ، وفي هذا الإلتفات تعريض بمن لم يتذكر من بني آدم فكأنّه غائب عن حضرة الخطاب ، على أنّ ضمائر الغيبة ، في مثل هذا المقام في القرآن ، كثيراً ما يقصد بها مشركو العرب.

قال تعالى (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سواتكم وريشا ولباس التقوى ذالك خير) من منطلق الآية الكريمة - مجلة أوراق

فهي جامعة لجميع المنافع ، والزينة ، ومنها ما هو أجمل من جميع ما في الطبيعة ، وقرأ أبو زيد عن المفضل ( ورياشا) وهو مروي عن زر بن حبيش والحسن البصري وفيه حديث مرفوع قال ابن جرير في إسناده نظر. قيل: الرياش جمع ريش ، فهو كشعب [ ص: 319] وشعاب وذئب وذئاب ، وقال الجوهري الريش والرياش بمعنى كاللبس واللباس ، وهو اللباس الفاخر. وقال ابن السكيت الرياش مختص بالثياب والأثاث ، والريش قد يطلق على سائر الأموال. وقال ابن جرير: ويحتمل أن يكون أراد به مصدرا من قول القائل راشه الله يريشه رياشا وريشا. كما يقال لبسه يلبسه لباسا ولبسا ( بكسر اللام) ( ثم قال) والرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من الثياب من المتاع مما يلبس أو يحشى من فراش أو دثار والريش إنما هو المتاع والأموال عندهم. وربما استعملوه في الثياب والكسوة دون سائر المال ، يقولون: أعطاه سرجا بريشه - أي بكسوته وجهازه ، ويقولون: إنه لحسن ريش الثياب. يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا. وقد يستعمل الرياش في الخصب ورفاهة العيش. ثم نقل عن بعض مفسري السلف ما يؤيد هذه الأقوال ، فعن ابن عباس ومجاهد والسدي وعروة بن الزبير أن الريش المال ، وعن آخرين أنه المعاش أو الجمال ، والمختار عندنا من هذه الأقوال أنه لباس الحاجة والزينة معا ، بدليل اقترانه بلباس الستر الذي يواري العورات ولباس التقوى.

لباساً يواري سوءاتكم

فكان على الفور يجب أن تعلمي إن علم الجهاد من وزراء المسيح الدجال الذي يريد أن يقول بأنّه أقام القيامة وأنّ لديه جنّة ونار برغم أنّكم لا تزالون في أشراط الساعة الكبرى، وإنما طلوع الشمس من مغربها أحد أشراط الساعة الكبرى ويريد المسيح الكذاب أن يستغل ذلك فيقول إنّكم في يوم القيامة وإنّه هو من أقامها فيستغل البعث الأول؛ بينما أنتم نعم في يوم القيامة بالنسبة لأيام الله ، ويحدث خلاله الأشراط الكبرى للساعة ، وخلاله تقوم الساعة بحسب أيامكم ، ولم يأتي بعد يوم القيامة بحسب أيامكم ، فلا يفتنكم المسيح الدجال. ويا تقية، إن كنتِ تريدين أن تكوني ربّانية فاعبدي النّعيم الأعظم من الجنّة والنّعيم الأعظمُ من الجنّة فحقاً تجديه في حُبّ الله وقُربه، في نعيم رضوان نفسه، حتى إذا رضي الله عنك فتشعرين بحلاوة الإيمان وبنعيمٍ عظيمٍ تجدينه في رضوان الله ريحان القلوب، فتطمئن نفسك وتقرّ عينك فيمدك الله بروح رضوانه تسكن في قلبك، واعلمي أن الذي سكن قلبك ليس الله قد تنزّل فيه، سُبحانه!! وإنما ذلك روح رضوانه يمدّ الله بها حزبه الربّانيون الذين يحبون في حُبّ الله ويبغضون في الله.

يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا (ماهر المعيقلي ) - Youtube

أمّا اللّباس المادّي فهو من صوف الغنم ووبر الإبل تُصنع منها ثياب وألبسة بعد الغزل والنسج ، وإنّما قال الله تعالى ( قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ) لأنّ الأنعام نزلت من الجبل الذي خلق الله تعالى فيه آدم وحوّاء ، ولَمّا نزل آدم من ذلك الجبل إلى الأرض المنبسطة نزلت تلك الأنعام إلى الأرض المستوية لأنّ المياه جفّت فوق الجبل والنباتات يبست فلم يبقَ للأنعام ما تأكل وتشرب ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة الزمر {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ.. الخ} أي أنزلها من الجبل ، ثمّ اتّخذ الناس من أصوافها لباساً وأثاثاً. وقوله ( وَرِيشًا) يُريد بهِ الأفرشة والأثاث التي تُصنع من الصوف والشعر والوبر ، ومِمّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة النحل {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}.

أمّا كونه أنزلها من السماء فهو قوله تعالى في سورة الحديد {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.