والطور وكتاب مسطور في رق منشور

وحين يصل هذا الإيقاع إلى الحس البشري بلا عائق فإنه يهزه ويضعضعه ويفعل به الأفاعيل.. قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن داود، عن صالح [ ص: 3394] المري، عن جعفر بن زيد العبدي قال: خرج عمر يعس بالمدينة ذات ليلة، فمر بدار رجل من المسلمين، فوافقه قائما يصلي، فوقف يستمع قراءته فقرأ: "والطور".. حتى بلغ: إن عذاب ربك لواقع، ما له من دافع.. قال: قسم ورب الكعبة حق. فنزل عن حماره. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2. واستند إلى حائط، فمكث مليا، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه. رضي الله عنه. وعمر - رضي الله عنه - سمع السورة قبل ذلك، وقرأها، وصلى بها، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بها المغرب. وعمر يعلم. ويتأسى. ولكنها في تلك الليلة صادفت منه قلبا مكشوفا، وحسا مفتوحا، فنفذت إليه وفعلت به هذا الذي فعلت. حين وصلت إليه بثقلها وعنفها وحقيقتها اللدنية المباشرة; التي تصل إلى القلوب في لحظات خاصة، فتتخللها وتتعمقها، في لمسة مباشرة كهذه اللمسة، تلقى فيها القلب الآية من مصدرها الأول كما تلقاها قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطاقها لأنه تهيأ لتلقيها. فأما غيره فيقع لهم شيء مما وقع لعمر - رضي الله عنه - حين تنفذ إليهم بقوة حقيقتها الأولى.. ويعقب هذا الإيقاع الرهيب مشهد مصاحب له رهيب: يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا.. ومشهد السماء الثابتة المبنية بقوة وهي تضطرب وتتقلب كما يضطرب الموج في البحر من هنا إلى هناك بلا قوام.

  1. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2
  2. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطور - الآية 2

أقسم تعالى بكل هذا على أن عذابه للكافرين والمجرمين واقع لا محالة, ما له من دافع يدفعه عنهم أو مانع يمنعهم منه. قال تعالى: { وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2. [الطور من 1-7] قال السعدي في تفسيره: يقسم تعالى بهذه الأمور العظيمة، المشتملة على الحكم الجليلة، على البعث والجزاء للمتقين والمكذبين، فأقسم بالطور الذي هو الجبل الذي كلم الله عليه نبيه موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وأوحى إليه ما أوحى من الأحكام، وفي ذلك من المنة عليه وعلى أمته، ما هو من آيات الله العظيمة، ونعمه التي لا يقدر العباد لها على عد ولا ثمن. { { وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}} يحتمل أن المراد به اللوح المحفوظ، الذي كتب الله به كل شيء، ويحتمل أن المراد به القرآن الكريم ، الذي هو أفضل كتاب أنزله الله محتويا على نبأ الأولين والآخرين، وعلوم السابقين واللاحقين. وقوله: { { فِي رَقٍّ}} أي: ورق { { مَنْشُورٍ}} أي: مكتوب مسطر، ظاهر غير خفي، لا تخفى حاله على كل عاقل بصير. { { وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}} وهو البيت الذي فوق السماء السابعة، المعمور مدى الأوقات بالملائكة الكرام، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه لربهم ثم، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة وقيل: إن البيت المعمور هو بيت الله الحرام، والمعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت، وبالوفود إليه بالحج والعمرة.

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الطور - الآية 2

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد: فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية. من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،... ) وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد. من هـــــــــــنا

فاكهين بما آتاهم ربهم، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم. كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون. متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين. والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان، ألحقنا بهم ذريتهم، وما ألتناهم من عملهم من شيء، كل امرئ بما كسب رهين. وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون، يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم. ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم. إنا كنا من قبل ندعوه، إنه هو البر الرحيم.. والمشهد أقرب إلى مشاهد النعيم الحسي، الذي يخاطب المشاعر في أول العهد، والذي يجتذب النفوس بلذائذ الحس في صورتها المصفاة. وهو مقابل لذلك العذاب الغليظ الذي تواجه به القلوب الجاسية والقلوب اللاهية كذلك: