حديث رضاع الكبير من صحيح البخاري

من المعلوم أن الله تعالى جعل الرضاع سبباً لانتشار الحرمة بين الراضع والمرضعة وأقاربها، لما يحصل من تنشئة الرضيع بلبن المرضعة، فيتكوَّن به اللحم، ويُنْشَزُ به العظم، فكأنه صار قطعة منها.

رضاع الكبير

(٤) ٣ - حديث سالم مولى أبي حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسهلة بنت سهيل بن عمرو, وهي امرأة أبي حذيفة: "أرضعيه خمس رضعات, ثم يدخل عليك" ، وفي رواية: "أرضعي سالماً ليذهب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهة" (٥) ، بذلك كانت عائشة تأخذ؛ تأمر بنات أخواتها، وبنات إخوتها؛ يرضعن من أحبت عائشة أن يراها، ويدخل عليها، وإن كان كبيرًا خمس رضعات؛ فصح أن عائشة - رضي الله عنها - كان يدخل عليها الكبير إذا أرضعته في حال كبره أخت من أخواتها الرضاع المحرم، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل (١) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥). (٢) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٥). (٣) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٥ - ٢٦٦). حديث رضاع الكبير للبخاري. (٤) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٦). (٥) تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٦٨ - ٢٦٩).

وقد صححه ابن حبان وابن حزم، وقال أبو عمر ابن عبد البر: هذا حديث يدخل في المسند للقاء عروة وعائشة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وللقائه سهلة بنت سهيل أيضا ـ وقال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح. وأصل الحديث في صحيح البخاري. وأخرج مسلم من طرق عن زينب بنت أم سلمة عن أمها: أنها قالت لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي، فقالت عائشة: أما لك في رسول الله أسوة؟ قالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله، إن سالما يدخل علي وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه حتى يدخل عليك. فالحاصل أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت ترى أن رضاع الكبير يحرم، وأنه ليس خاصا بسالم مولى أبي حذيفة ، وهذا اجتهاد منها ـ رضي الله عنها ـ فإن أصابت فيه فلها أجران، وإن أخطأت فلها أجر، كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر. متفق عليه. رضاع الكبير. وليس في دخول أحد بسبب الرضاع على عائشة ـ رضي الله عنها ـ طعن عليها أو عيب، ولم ينقل عن أي صحابي إنكاره على أم المؤمنين ما ذهبت إليه في مسألة رضاع الكبير من جهة الشك أو الريبة أو الاتهام، وإنما يروج مثل هذه الشبهة السخيفة أهل البدع الذين من امتلأت قلوبهم بغضا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرت ألسنتهم بسب الصحابة وأمهات المؤمنين والطعن فيهم، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 32144.