قوله تعالى: فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب. قوله تعالى: فوقاه الله سيئات ما مكروا أي من إلحاق أنواع العذاب به فطلبوه فما وجدوه; لأنه فوض أمره إلى الله. قال قتادة: كان قبطيا فنجاه الله مع بني إسرائيل. فالهاء على هذا لمؤمن آل فرعون. وقيل: إنها لموسى على ما تقدم من الخلاف. وحاق بآل فرعون سوء العذاب قال الكسائي: يقال حاق يحيق حيقا وحيوقا إذا نزل ولزم. ثم بين العذاب فقال: النار يعرضون عليها وفيه ستة أوجه: يكون رفعا على البدل من " سوء ". ويجوز أن يكون بمعنى هو النار. ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء. وقال الفراء: يكون مرفوعا بالعائد [ ص: 285] على معنى: النار عليها يعرضون ، فهذه أربعة أوجه في الرفع ، وأجاز الفراء النصب; لأن بعدها عائدا وقبلها ما يتصل به ، وأجاز الأخفش الخفض على البدل من العذاب. فوقاه الله سيئات ما مكروا. والجمهور على أن هذا العرض في البرزخ. واحتج بعض أهل العلم في تثبيت عذاب القبر بقوله: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ما دامت الدنيا. كذلك قال مجاهد وعكرمة ومقاتل ومحمد بن كعب كلهم قال: هذه الآية تدل على عذاب القبر في الدنيا ، ألا تراه يقول عن عذاب الآخرة: ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب.
[ ص: 65] المسألة الثانية: قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم ( أدخلوا آل فرعون) أي يقال لخزنة جهنم: أدخلوهم في أشد العذاب ، والباقون ( ادخلوا) على معنى أنه يقال لهؤلاء الكفار: ادخلوا أشد العذاب ، والقراءة الأولى اختيار أبي عبيدة ، واحتج عليها بقوله تعالى: " يعرضون " فهذا يفعل بهم ، فكذلك ( أدخلوا) ، وأما وجه القراءة الثانية فقوله ( ادخلوا أبواب جهنم) ، وههنا آخر الكلام في قصة مؤمن آل فرعون.