دوها يادوها والكعبة بنوها

تهويدات الأطفال... أغنيات على مسامع النائمين "الطفل النائم" لـ بول غوغان (Getty) مع التهويدة الأولى التي ترددها الأمهات على مسامع أطفالهن قبل النوم، تبدأ علاقة البشر بالموسيقى؛ علاقة تبدأ بالتكون في تلك اللحظات الفاصلة ما بين الوعي واللاوعي، مع أغانٍ ذات لحن سهل وبسيط، يتم تكرارها برتابة لتساعد على الاسترخاء والنوم على وقع صوت أنثوي رقيق وخافت، وترافقها عوامل أخرى داعمة، كالاهتزازات الجسدية اللطيفة والإضاءة الخافتة. في الغالب، تعتمد الأمهات في تهويداتهن على أغانٍ فلكلورية مقترنة بتراث المنطقة التي ينتمين إليها، من دون أن نغفل أن بعض الأمهات يملن إلى ارتجال تهويداتهن الخاصة. أغاني الأمهات لأطفالهن وسر الخلود إلى النوم. الأمر المشترك بين التهويدات الفلكلورية والتهويدات المرتجلة، أنها جميعاً تعتمد على ألحان بسيطة، قوامها جمل سهلة وقصيرة، تتخللها عبارات صوتية لا معنى لها. تتكون هذه التهويدات من مقطعين متبايني اللحن على الأكثر؛ المقطع الأول يكون الأبطأ، وترافقه الاهتزازات الأكثر ليناً ودفئاً، وأما المقطع الثاني فهو المقطع الأسرع، وترافقه اهتزازات أكثر قوة، ينتهي لحنياً بجملة قرار، يمكن الوقوف عندها، كما يمكن العودة منها للمقطع الأول.

  1. أغاني الأمهات لأطفالهن وسر الخلود إلى النوم

أغاني الأمهات لأطفالهن وسر الخلود إلى النوم

أناشيد الأطفال، محورٍ مهمٍّ من محاور ثقافة الطفل، تقع على عاتقها مسؤولية الإسهام في تربية الطفل وبناء القيم لديه؛ باعتبارها مادة ثقافية تربوية توَظف لتؤدي دوراً فاعلاً في بناء النظام القيمي عند الطفل، وبما يحقق ترشيد سلوكه ودفعه للسير في الدرب الصحيح، في الماضي كانت الأم هي من يهتم في البدايات وتنمية العلاقة الروحية بينها وبين طفلها.. : لا إله إلا الله ومحمد رسول الله أو لا إله الا الله منشورة ترد بليس وعثوره.. من أهازيج "الهدهدة" التي كانت تهمس بها الأمهات في أذن طفلها استدراج للنوم، ربما كنا ذلك الجيل فما زلنا نرددها في أنفسنا ونستدعى صوت الأم لنسترخي أو حتى لننام بعد وعكة يوم مضني. هذه المقدمة الاستهلالية لموضوع مهم ومؤثر في حياة الطفل يجب أن يحظى بدراسة أو بحث يبرز لنا حدود التأثير على أجيالنا الصغيرة والحرمان من هدهدة الأم وعدم الحصول على هذا الغذاء الروحي والاكتفاء بما يسمعه من أناشيد الديجيتال الموسومة بالضجيج والخيال مع خلوها من المحتوى القيمي المناسب لبيئتنا وقيمنا العقدية. تعتبر الأناشيد والتنغيم من أهم الفنون التي يستجيب لها الطفل في فترة مبكرة من حياته لأنها تساعده على سرعة الحفظ، كما تشجع النغمات الإيقاعية الطفل المتلعثم في الكلام أثناء الأناشيد، ويميل الأطفال إلى التنغيم والإيقاع ويمتلكون ميلاً فطرياً لذلك.

والأهم أنها تملأ فراغ روحي وتُشعر الطفل بالفرح والاكتفاء النفسي، حتى أنه أحيانًا يردد بينه وبين نفسه هذه الأهازيج والأناشيد ويصفق، وهذا الترديد كفيل بترسيخ المعنى والمفهوم داخل هذه الأهزوجة أو النشيد. ربما كان وعي جداتنا وأمهاتنا بالأهمية لهذه الأنشودة أكبر، فالمتأمل في الأهازيج التي كن يرددنها على أسماع أطفالهن يعرف تلك القيم التي يحاولن ترسيخها في أذهان الصغار.. ولعلي أدرج بعض النماذج التي استدعيتها من الذاكرة.. ففي الأهزوجة التي ذكرتها أعلاه غرس لمبادئ الدين. وهذه الأهزوجة تقال للأولاد (…فلان) ياحبيب أمه يشيل الهيل في كمه يقهوي به بني عمه غرس لقيمة الكرم وهذه الأهزوجة مشتركة ريحك ريح التفاح وريح المسك لا فاح وريح الجنة الخضراء لا هبت بالأرواح الكلمات تفسر معانيها.. وهذه تقال للفتيات (.. فلانه) دللوها وعلى الأشقر ركبوها ولمكة ودوها كلمات معبرة ومعان مفهومة بسيطة وهذه الأهزوجة.. صباح الخير والخيرة يصبح ذا الزنيفيرة صبحك من ربحك صبحك بتينة.. تفاؤل واستهلال يوم الطفل بالفرح.. وغالبًا يصاحب هذه الأهازيج لحن رقيق يزفه التصفيق حتى ينتشي الطفل ويتماهى معه باهتزازات راقصة وضحكات متبادلة مع الأم غالبًا.