من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل

وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ:جاءتهم فعل ماض ومفعوله ورسلنا فاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة جواب القسم لا محل لها بعد اللام الواقعة في جواب القسم ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ: إنَّ واسمها، ولمسرفون خبرها واللام هي المزحلقة ومنهم متعلقان بكثيراً والظرف بعد متعلق بمسرفون وكذلك الجار والمجرور في الأرض. واسم الإشارة ذلك في محل جر بالإضافة والجملة معطوفة على ما قبلها. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ: بسبب ذلك الذي فعله قابيل بِالْبَيِّناتِ: الآيات الواضحة أَنَّهُ أي الشأن بِغَيْرِ … فَسادٍ فِي الْأَرْضِ: أي بغير فساد أتاه من كفر أو زنى أو قطع طريق أو نحوه أَحْياها: امتنع عن قتلها لَمُسْرِفُونَ: مجاوزون الحد بالكفر والقتل وغير ذلك، والإسراف البعد عن حد الاعتدال.

القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة المائدة - الآية 32

وقيل المعنى: أن من قتل نفسا فالمؤمنون كلهم خصماؤه؛ لأنه قد وتر الجميع. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، أي وجب على الكل شكره. وقيل المعنى: أنه من استحل واحدا، فقد استحل الجميع؛ لأنه أنكر الشرع. وعلى كل حال، فالإحياء هنا عبارة عن الترك والإنقاذ من هلكة، فهو مجاز، إذ المعنى الحقيقي مختص بالله عز وجل. والمراد بهذا التشبيه في جانب القتل تهويل أمر القتل وتعظيم أمره في النفوس، حتى ينزجر عنه أهل الجرأة والجسارة، وفي جانب الإحياء الترغيب إلى العفو عن الجناة واستنقاذ المتورطين في الهلكات. اهـ. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة المائدة - الآية 32. فالإحياء على أحد الأقوال يشمل الإنقاذ من كل ما يؤدي إلى الهلاك, وعلى هذا فإنه يشمل الإنقاذ من الظلم إذا كان سيترتب عليه الهلاك. وراجع المزيد عن معنى هذه الآية، في الفتوى: 374074 والله أعلم.

10 من قوله: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ..)

من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا - YouTube

القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة المائدة - الآية 32

أو فساد في الأرض أي: شرك ، وقيل: قطع طريق. وقرأ الحسن: " أو فسادا " بالنصب على تقدير حذف فعل يدل عليه أول الكلام تقديره; أو أحدث فسادا; والدليل عليه قوله: من قتل نفسا بغير نفس لأنه من أعظم الفساد. وقرأ العامة: " فساد " بالجر على معنى أو بغير فساد. 10 من قوله: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ..). فكأنما قتل الناس جميعا اضطرب لفظ المفسرين في ترتيب هذا التشبيه لأجل أن عقاب من قتل الناس جميعا أكثر من عقاب من قتل واحدا; فروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه بأن شد عضده ونصره فكأنما أحيا الناس جميعا ، وعنه أيضا أنه قال: المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا ، ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها واستحياها خوفا من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا ، وعنه أيضا.

ودلت الآية على أن القتل يجوز بأحد أمرين: إما أن يقتل نفسا بغير حق متعمدا في ذلك، فإنه يحل قتله، إن كان مكلفا مكافئا، ليس بوالد للمقتول. وإما أن يكون مفسدا في الأرض، بإفساده لأديان الناس أو أبدانهم أو أموالهم، كالكفار المرتدين والمحاربين، والدعاة إلى البدع الذين لا ينكف شرهم إلا بالقتل. وكذلك قطاع الطريق ونحوهم، ممن يصول على الناس لقتلهم، أو أخذ أموالهم. { وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ} التي لا يبقى معها حجة لأحد. { ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ} أي: من الناس { بَعْدِ ذَلِكَ} البيان القاطع للحجة، الموجب للاستقامة في الأرض { لَمُسْرِفُونَ} في العمل بالمعاصي، ومخالفة الرسل الذين جاءوا بالبينات والحجج.