ان الذين تدعون من دون الله

انتهى من "العذب النمير" (4/425). وينظر أيضا: "تفسير ابن كثير"(3/ 529). وقال العلامة ابن عاشور ، رحمه الله ، في تقرير وجه الإنكار عليهم ، وتوجيه إطلاق "عباد" ، على "أصنامهم": ".. المراد بـ: ( الذين تدعون من دون الله): الأصنام. فتعريفها بالموصول: لتنبيه المخاطَبين على خطأ رأيهم ، في دعائهم إياها من دون الله، في حين هي ليست أهلا لذلك!!... و (العبد) أصله المملوك، ضد الحر، كما في قوله تعالى: ( الحر بالحر والعبد بالعبد) [البقرة: 178]. وقد أطلق في اللسان على المخلوق ، كما في قوله تعالى: ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) [مريم: 93]... والمشهور أنه لا يطلق إلا على المخلوقات من الآدميين ؛ فيكون إطلاق العباد على الأصنام ، كإطلاق ضمير جمع العقلاء عليها ؛ بناء على الشائع في استعمال العرب يومئذ من الإطلاق. وجعله صاحب الكشاف: إطلاق تهكم واستهزاء بالمشركين ؛ يعني: أن قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء ؛ فلو بلغوا تلك الحالة ، لما كانوا إلا مخلوقين مثلكم!! قال: ولذلك أبطل أن يكونوا عبادا بقوله: ( ألهم أرجل) [الأعراف: 195] إلى آخره. والأحسن عندي أن يكون إطلاق العباد عليهم: مجازا ؛ بعلاقة: الإطلاق عن التقييد.

  1. ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا
  2. ان الذين تدعون من دون الله لا يسمعوا دعائكم

ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا

وقال أبو حيان في ذكر أوجه أخرى: " وسمى الأصنام عبادًا وإن كانت جمادات: 1- لأنهم كانوا يعتقدون فيها أنها تضر وتنفع، فاقتضى ذلك أن تكون عاقلة وأمثالكم. 2- قال الحسن: في كونها مملوكة لله. 3- وقال التبريزي: في كونها مخلوقة. 4- وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْمُرَادُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَتْ تَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ فَأَعْلَمَهُمْ تَعَالَى أَنَّهُمْ عِبَادٌ أَمْثَالُهُمْ لَا آلِهَةٌ " "البحر المحيط" (5/ 249). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقد يطلق لفظ العبد على المخلوقات كلها، كقوله: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/44). وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله: " إنما أطلق على الأصنام اسم العباد وعبّر عنها بضمائر العقلاء؛ لأن الكفار يصفونها بصفات من هو خير من مطلق العقلاء، أنها معبودات، وأنها تشفع وتقرِّبُ إلى اللهِ زُلْفَى، فبهذا الاعتبار أجرى عليها ضمائر العقلاء، وعبّر عنها بالعباد. ووجه مماثلتهم هنا: أن الكفار العابدين، والأصنام المعبودات كلهم مخلوقات لله لا تقدر أن تجلب لنفسها نفعًا ولا أن تدفع عنها ضرًّا. فهم من قبيل تَسْخِيرِ الله لهم، وخلقه للجميع ، وقدرته على الجميع ، بهذا الاعتبار هم سواء ؛ ولذا قال: عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ بهذا الاعتبار، وفي الآية التي بعدها سيبيّن انحطاط درجة المعبودين عن العابدين، كما سيأتي إيضاحه قريبًا إن شاء الله. "

ان الذين تدعون من دون الله لا يسمعوا دعائكم

7- هؤلاء المعبودون إن كانوا يبعثون ويحشرون، فكفرهم بشركهم ظاهر كمن يعبد عزيزاً والمسيح. 8- يقال لكل أمة: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد من دون الله ". 9- إنه لا يخبرك بالخبر مثل خبير به، وهو الله ، لأنه لا يعلم أحد ما يكون في يوم القيامة إلا الله، وخبره خبر صدق. 10- الخبير: العالم ببواطن الأمور. 11- أن الله يأتي بهذه الأحجار ونحوها، فتكفر بشرك من يشرك بها. 12- كل مدعو من دون الله لا يملك هذا المقدار، وهذا في كل مدعو سواء كان جماداً أو كان عاقلاً. 13- الشيطان جعل الذي ينهى عن هذا الشرك، ويأمر بأن تكون العبادة كلها لله، مبغضاً للرسول ومبغضاً للأولياء. 14- جاء الشيطان لكثير من الناس بالباطل في قالب الحق، فجعل دعوة غير الله جلَّ وعلا من الأولياء والأنبياء في قالب المحبة، وقال: هذا دليل حبهم وموالاتهم! فجعل دعوتهم والتضرع إليهم وإنزال الفقر بهم، وطلب الحاجات منهم محبةً لهم وتعظيماً. 15- أن هؤلاء الذين يتجهون إليهم - إن كانوا أولياء - لو خرجوا عليهم لقاتلوهم؛ لأنهم خالفوا دينهم وخالفوا أمر ربهم، فلا يمكن أن يقرونهم عليه. 16- في هذه الآية يخبر الله أن المدعو - كل مدعو من دون الله - لا يملك لداعيه قطميراً، ومعنى هذا أنه لا يملك شيئاً.

ت + ت - الحجم الطبيعي يقول الله تعالى: «يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز». (الحج: 74-73). نداء عام للناس، خوطب به مشركو مكة المعاصرون للرسالة الإسلامية أن يلتفتوا إلى المثل الذي ضرب، وأن يستمعوا له، حتى يتبينوا ضلال عقيدتهم، وخطأ تصرفهم، فهذه الأوثان التي يدعونها من دون الله، يضفون عليها مسحة الألوهية ليس في استطاعتها أن تخلق أحقر حشرة وهي الذبابة. ولو تجمع عابدو الأوثان لمساعدة أوثانهم أن تخلق ذباباً، ليس في إمكانهم، بل بلغ بهم الضعف والهوان، أن الذباب لو حمل شيئاً فليس في استطاعتهم أن يستخلصوه منه، وأن يأخذوه منه، فالآلهة ضعيفة وذليلة وعابدوها عاجزون، فكيف تستنقذ، فضلاً عن أن تخلق. إن هذا المثل يتحدي الناس جميعاً منذ أن خلقوا وإلى يوم البعث، أن يخلقوا مثل هذا المخلوق الضعيف، بل أن يستردوا منه ما أخذه وما حمله، فالطالب ضعيف والمطلوب كذلك، فكيف يلغي الإنسان عقله؟ ويعبد ما لا يملك، وما لا يضر ولا ينفع. ومن هو عاجز في منتهي العجز عن عابده، لقد ضل سعي هؤلاء وخاب، لأنهم لم يقدروا الله حق قدره، وهو القوي العزيز.