ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم

إن الآراء الثلاثة جائزة وإنما الأفضلية للرأي الأخير. ونحض على استعماله دون غيره. 2- كثيرا ما يتساءل الناس عن الحج إذا نجمت عنه منفعة كمن يتجر في الحج ومن يؤجر نفسه أثناء الحج سواء للخدمة أو ليحج عن آخر لم يستطع أن يحج. إلى آخر ما هنالك من المنافع وللاجابة على هذا التساؤل نورد هذه الأحاديث: أ- روى البخاري عن ابن عباس: قال: كانت عكاظ والمجنة وذو المجاز اسواقا في الجاهلية فتأثم الناس أن يتجروا في الموسم فنزلت (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) في مواسم الحج. ب- وفي رواية عن أبي أمامه التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا نكرى فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت. وتأتون بالمعروف وترمون الحجار، وتحلقون رؤوسكم؟ قال: قلنا بلى: فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فسأله عن الذي سألتني: فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم). وقد نزلت إباحة البيع والشراء والكراء في الحج وسماها القرآن ابتغاء من فضل اللّه. ليشعر من يزاولها أنه يبتغي من فضل اللّه حين يتجر وحين يعمل بأجر وحين يطلب أسباب الرزق إنما هو يطلب من فضل اللّه.. إعراب الآية رقم (199): {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}.

لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُم - إسلام ويب - مركز الفتوى

والمصدر المؤوّل (ما هداكم) في محلّ جرّ بالكاف متعلّق ب (اذكروه) أي لأجل هدايته إيّاكم. الواو استئنافيّة (إن) مخفّفة من الثقيلة، وهي هنا مهملة وجوبا... (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون.. و(تم) ضمير اسم كان (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف دلّ عليه لفظ الضالّين.. أو متعلّق بالضالّين المذكور، والهاء ضمير مضاف إليه اللام هي الفارقة التي تميّز بين إن النافية والمخفّفة من الثقيلة (من الضالّين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كنتم، وعلامة الجرّ الياء. جملة: (ليس عليكم جناح) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (تبتغوا) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن). وجملة: (أفضتم. ) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (اذكروا اللّه) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم. وجملة: (اذكروه) لا محلّ لها معطوفة على جملة اذكروا اللّه. وجملة: (كنتم.. ) لا محلّ لها استئنافيّة. الصرف: (تبتغوا)، فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف جرى فيه مجرى تشتروا في الآية (41) وزنه تفتعوا. (أفضتم)، فيه إعلال بالحذف أصله أفاضتم- والألف فيه منقلبة عن ياء- فلمّا جاءت الألف ساكنة قبل الضاد الساكنة لمناسبة البناء حذفت، وزنه أفلتم. (عرفات)، اسم جمع سمي به مكان بعينه كأذرعات، وإنّما صرف وفيه علّتان لأن تنوينه تنوين المقابلة لا تنوين التمكين، أي أن هذا التنوين هو نظير النون في (مسلمون) وليس دليل الصرف.

ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم

والرواية الرابعة: قال مجاهد: إنهم كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ولا منى ، فنزلت هذه الآية. إذا ثبت صحة هذا القول فنقول: أكثر الذاهبين إلى هذا القول حملوا الآية على التجارة في أيام الحج ، وأما أبو مسلم فإنه حمل الآية على ما بعد الحج ، قال: والتقدير: فاتقون في كل أفعال الحج ، ثم بعد ذلك ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) ونظيره قوله تعالى: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) [الجمعة: 10]. واعلم أن هذا القول ضعيف من وجوه: أحدها: الفاء في قوله: ( فإذا أفضتم من عرفات) يدل على أن هذه الإفاضة حصلت بعد ابتغاء الفضل ، وذلك يدل على وقوع التجارة في زمان الحج. وثانيها: أن حمل الآية على موضع الشبهة أولى من حملها لا على موضع الشبهة ، ومعلوم أن محل الشبهة هو التجارة في زمن الحج ، فأما بعد الفراغ من الحج فكل أحد يعلم حل التجارة. أما ما ذكره أبو مسلم من قياس الحج على الصلاة فجوابه: أن الصلاة أعمالها متصلة فلا يصح في أثنائها التشاغل بغيرها ، وأما أعمال الحج فهي متفرقة بعضها عن بعض ، ففي خلالها يبقى المرء على الحكم الأول حيث لم يكن حاجا. لا يقال: بل حكم الحج باق في كل تلك الأوقات ، بدليل أن حرمة التطيب واللبس وأمثالهما باقية ، لأنا نقول: هذا قياس في مقابلة النص فيكون ساقطا.

تفسير: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم...)

3772 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال: حدثنا هشيم ، قال: أخبرنا حجاج ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه قرأ: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج". 3773 - حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا يحيى بن واضح ، قال: حدثنا طلحة بن عمرو الحضرمي ، عن عطاء قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" ، هكذا قرأها ابن عباس. 3774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال: حدثنا ابن علية ، قال: حدثنا ليث ، عن مجاهد في قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال: التجارة في الدنيا ، والأجر في الآخرة. 3775 - حدثنا محمد بن عمرو ، قال: حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، قال: التجارة ، أحلت لهم في المواسم. قال: فكانوا لا يبيعون ، أو يبتاعون في الجاهلية بعرفة. 3776 - حدثنا المثنى ، قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله. 3777 - حدثنا بشر ، قال: حدثنا يزيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " ، كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا ضالة ليلة النفر ، وكانوا يسمونها"ليلة الصدر" ، ولا [ ص: 167] يطلبون فيها تجارة ولا بيعا ، فأحل الله عز وجل ذلك كله للمؤمنين ، أن يعرجوا على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم.

فلو تأخر موحشا لكان نعتا للطلل، ولكن عند ما تقدم أصبح حالا فتأمّل... 2- يحسب القارئ لأول وهلة أن اللّه يطلب من الحاج أن يذكره كما يذكر أباه وأمه وأقاربه ولكن ليس الأمر كذلك: فقد كانوا في أسواق الجاهلية يتفاخرون بالآباء والأجداد ويذكرون مآثرهم ومناقبهم: فأراد اللّه أن يغيروا هذه السنة السيئة لسنة أفضل وأقوم وهي أن يذكروا اللّه بدلا من انشغالهم بذكر الآباء والأجداد.. إعراب الآية رقم (201): {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201)}. الإعراب: الواو عاطفة (من) حرف جرّ و(هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من يقول.. في الدنيا) سبق إعرابها مفردات وجملا، (حسنة) مفعول به منصوب الواو عاطفة (في الآخرة حسنة) مثل نظيرها المتقدمة، الواو عاطفة (ق) فعل أمر مبنيّ على حذف حرف العلّة و(نا) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عذاب) مفعول به منصوب (النار) مضاف إليه. جملة: (منهم من يقول) لا محلّ لها معطوفة على جملة من الناس من يقول. وجملة: (قنا عذاب النار) لا محلّ لها معطوفة على جملة آتنا... الصرف: (قنا)، فيه إعلال بالحذف المضاعف، حذفت فاء الفعل بدءا من المضارع لأنه معتلّ الفاء، وحذفت لام الفعل لمناسبة البناء، يعامل معاملة المثال والناقص، وزنه عنا.

تاريخ النشر: الإثنين 28 رمضان 1423 هـ - 2-12-2002 م التقييم: رقم الفتوى: 25929 4864 0 274 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد حصلت على تأشيرة للعمل كسائق في موسم الحج بالسعودية وإذا قمت بأداء مناسك الحج فهل تجوز لي الحجة؟ نرجو الإفادة وسرعة الرد ونشكركم على حسن تعاونكم معنا. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا أمكنك أن تقوم بأداء مناسك الحج، فلا حرج عليك ولا يؤثر في صحة حجك ما تمارسه من عمل كأجير أثناء تأدية المناسك، والدليل ما رواه أبو داود وغيره، عن أبي أمامة قال: كنت رجلاً أُكّرِّي في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج، فلقيت ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إني رجل أكري في هذا الوجه وإن ناساً يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار، قال: قلت: بلى، قال: فإن لك حجا. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني عنه فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُم [البقرة:198]. فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ عليه هذه الآية وقال: لك حج.