تفسير وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر [ القمر: 50]

وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وقوله: ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر). وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم ، فقال: ( وما أمرنا إلا واحدة) أي: إنما نأمر بالشيء مرة واحدة ، لا نحتاج إلى تأكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر ، لا يتأخر طرفة عين ، وما أحسن ما قال بعض الشعراء: إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له: كن ، قولة فيكون

وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ-آيات قرآنية

والتعبير بقوله: ( وَاحِدَةٌ) لإفادة أن كل ما يريد الله - تعالى - إيجاده فسيوجد فى اسرع وقت ، وبكلمة واحدة لا بأكثر منها ، سواء أكان ذلك الموجود جليلا أم حقيرا ، صغيرا أم كبيرا. البغوى: ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) ( واحدة). يرجع إلى المعنى دون اللفظ أي: وما أمرنا إلا مرة واحدة وقيل: معناه: وما أمرنا للشيء إذا أردنا تكوينه إلا كلمة واحدة: كن فيكون لا مراجعة فيها كلمح بالبصر. قال عطاء عن ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر وقال الكلبي عنه: وما أمرنا لمجيء الساعة في السرعة إلا كطرف البصر. ابن كثير: وقوله: ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر). وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم ، فقال: ( وما أمرنا إلا واحدة) أي: إنما نأمر بالشيء مرة واحدة ، لا نحتاج إلى تأكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر ، لا يتأخر طرفة عين ، وما أحسن ما قال بعض الشعراء: إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له: كن ، قولة فيكون القرطبى: قوله تعالى: وما أمرنا إلا واحدة أي إلا مرة واحدة. كلمح بالبصر أي قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر - وقف تعظيم الوحيين. واللمح: النظر بالعجلة; يقال: لمح البرق ببصره.

وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر - وقف تعظيم الوحيين

والأمر في قوله: { وما أمرنا} يجوز أن يكون بمعنى الشأن ، فيكون المراد به الشأن المناسب لسياق الكلام ، وهو شأن الخلق والتكوين ، أي وما شأن خلقنا الأشياء. ويجوز أن يكون بمعنى الإِذن فيراد به أمر التكوين وهو المعبر عنه بكلمة «كن» والمآل واحد. وعلى الاحتمالين فصفةُ { واحدة} وصف لموصوف محذوف دل عليه الكلام هو خبر عن { أمرنا}. والتقدير: إلا كلمة واحدةٌ ، وهي كلمة ( كُنْ ( كما قال تعالى: { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [ يس: 82]. والمقصود الكناية عن أسرع ما يمكن من السرعة ، أي وما أمرنا إلا كلمة واحدة. تفسير قوله تعالى : "وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)" - منتديات اول اذكاري. وذلك في تكوين العناصر والبسائط وكذلك في تكوين المركبات لأن أمر التكوين يتوجه إليها بعد أن تسبقه أوامر تكوينية بإيجاد أجزائها ، فلكل مكوّن منها أمر تكوين يخصه هو كلمة واحدة فتبين أن أمر الله التكويني كلمة واحدة ولا ينافي هذا قوله: { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام} [ ق: 38] ونحوه ، فخلق ذلك قد انطوى على مخلوقات كثيرة لا يُحصر عددها كما قال تعالى: { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق} [ الزمر: 6] فكل خلق منها يحصل بكلمة واحدة كلمح البصر على أن بعض المخلوقات تتولد منه أشياء وآثار فيعتبر تكوينه عند إيجاد أوّله.

تفسير قوله تعالى : &Quot;وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)&Quot; - منتديات اول اذكاري

عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ أي: عند الملك العظيم الخالق للأشياء كلها ومقدرها، وهو مقتدر على ما يشاء مما يطلبون ويريدون؛ وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو -يَبلُغُ به النبي ﷺ قال: المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا [4] ، وأخرجه مسلم والنسائي. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ۝ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ [سورة القمر:54، 55] وهو الجنة، وقوله هنا: المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين من أهل العلم من حمله على ظاهره. ومنهم من قال: إن المراد بذلك الكمال وليس المقصود تأويل الصفة، فالصفة –صفة اليد- تثبت كما يليق بجلال الله وعظمته، لكن يقصدون هل يقال: إن لله شمالاً أو لا؟ فبعضهم يقول: الرواية التي في صحيح مسلم في طي السموات وقبض الأرض، وذكر الشمال يقال: إنها شاذة، وإنما المقصود بالحديث الآخر: كلتا يديه يمين ، أنها ليست كالشمال عند بني آدم فإنها أنقص من اليمين، ناقصة حساً ومعنى، وأما الله -تبارك وتعالى- فلا يتطرق إليه نقص، فكلتا يديه يمين بهذا الاعتبار، فمن أهل العلم من أثبت الحديثين وفسر كلتا يديه يمين بهذا التفسير، ومنهم من قال: لا يقال: إن لله شمالاً، والرواية التي في مسلم شاذة.

في معنى قوله تعالى “وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ” – التصوف 24/7

إذاً فالسوادُ الأعظمُ من وقائعِ وأحداثِ وظواهرِ هذا الوجود يحدث بتسليطِ اللهِ تعالى لأسبابٍ يتوهمُ العقلُ أنها علَّتُها التي لولاها ما كان لأيٍّ منها أن يحدث. فالعقلُ عاجزٌ عن أن ينظرَ إلى الوجودِ فيرى يدَ اللهِ التي تُسلِّطُ هذه الأسبابَ ليتسنى لوقائِعِه وأحداثِهِ وظواهرِه أن تحدث. إلا أن من بينِ وقائعِ وأحداثِ وظواهر هذا الوجود ما يتكفَّلُ بحدوثه "تدخلُ اللهِ تعالى بأمرِه"؛ هذا الأمرُ الذي سيُنجزُ هذا الحدوث بلمحِ البصر طالما كان قانون "كن فيكون" هو القانونُ الذي تحدثُ هذه الوقائع والأحداث والظواهر بمقتضاه. فالمعجزات والكرامات وخوارق العادات لا يتطلبُ حدوثُها توافرَ أي سببٍ من الأسباب، إذ أنها تحدثُ بتدخُّلِ "أمرِ الله" الذي يجعلُها تحدث بلمحِ البصر، وذلك بالمقارنة مع غيرِها من وقائعِ وأحداثِ وظواهرِ الوجود التي يتطلبُ حدوثُها مُدَداً من الزمانِ وذلك وفقاً لما تقتضيه أسبابُ حدوثِها.

قلنا: قد جعل له معنى غير ما نفهمه من اللفظ. وأما المعقول فلأن الاختصاص بالزمان ليس لمعنى وعلة ، وإن كان بعض الناس ذهب إلى أن الخلق والإيجاد لحكمة ، وقال: بأن الله خلق الأرض لتكون مقر الناس أو مثل هذا من الحكم ، ولم يمكنه أن يقول: خلق الأرض في الزمان المخصوص لتكون مقرا لهم لأنه لو خلقها في غير ذلك لكانت أيضا مقرا لهم ، فإذن التخصيص ليس لمعنى فهو لمحض الحكمة ، فهو يشبه أمر الملك الجبار الذي يأمر ولا يقال له: لم أمرت ولم فعلت ولا يعلم مقصود الآمر إلا منه. رابعها: هو أن الأشياء المخلوقة لا تنفك عن أوصاف ثلاثة أو عن وصفين متقابلين ، مثاله الجسم لا بد له بعد خلقه أن يكون متحيزا ولا بد له من أن يكون ساكنا أو متحركا ، فإيجاده أولا بخلقه وما هو عليه بأمره يدل عليه قوله تعالى: ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) إلى أن قال: ( مسخرات بأمره) [ الأعراف: 54] فجعل ما لها بعد خلقها من الحركة والسكون وغيرهما بأمره. ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر جعل الخلق في الحقيقة والأمر في الوصف ، وكذلك قوله تعالى: ( خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) ثم قال: ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره) وقد ذكرنا تفسيره.