الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب

2- لما عجز الناس عن استيفاء حمد الله عز وجل على نعمة القرآن تولى الله بنفسه العلية الثناء على نفسه بها فقال: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب). 3- في الآية مورد من موارد الحمد؛ إذ يُحمد الله على إنزال الكتاب العظيم؛ (تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين). تأكيد الحمد والثناء على الله عز وجل: بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت، وبـ(أل) الاستغراقية الدالة على العموم والشمول، واقتران ذلك باللام الدالة على الاستحقاق، وتعليق ذلك باسم (الله) الذي ترجع جميع أسماء الله الحسنى إليه في قوله تعالى: (الحمد لله). الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَ - منتدى الكفيل. 4- شرف مقام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لاختصاصه بإنزال هذا الكتاب المبارك على قلبه، في قوله تعالى: (أنزل على عبده الكتاب) ولم يكن التعبير: أنزل الكتاب على عبده؛ للدلالة على أن إنزال القرآن مقصور على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 5- تعظيم شأن الكتاب؛ إذ تولى الله إنزاله، لهداية الناس به ورحمتهم به ونصرهم، (وكفى بربك هاديًا ونصيرًا). 6- شرف مقام عبودية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لإضافته إلى الضمير المتصل العائد على الله جل جلاله، في قوله تعالى: (عبده). 7- في التعبير بحرف الجر (على) الدال على الاستعلاء إشارة إلى أن هذا الكتاب حاكم ومهيمن على النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وحاله، فلا يخرج عنه بعقله أو رأيه، وكل من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم فله نصيب من استعلاء القرآن عليه قي حياته، فمستقلٌّ ومستكثر.

  1. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَ - منتدى الكفيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَ - منتدى الكفيل

8- لم ينزل الكتاب على النبي صلى الله عليه وسلم مكتوبًا، والله عز وجل يقول: (أنزل على عبده الكتاب) وفيه إشارة إلى كون القرآن سيكتب ويظل محفوظًا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وابتدأت رحلة الكتاب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يكتبوه في الألواح والرقاع واللِّخاف والعُسب. 9- اجتماع الكمالات المبثوثة في كتب المرسلين في هذا الكتاب العظيم؛ بدلالة (أل) الدالة على الكمال في قول الحق سبحانه: (الكتاب). 10- في قوله سبحانه: (أنزل) إثبات علو الله سبحانه وبحمده. 11- انتفاء مطلق الميل والزيغ في هذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ودل على ذلك الفعل المضارع المنفي (ولم يجعل) والنكرة في سياق النفي الدال على العموم في قول الحق سبحانه: (ولم يجعل له عوجًا). 12- اختصاص القرآن العظيم بالحفظ من التحريف دون سائر كتبه التي استحفظ عليها خلقه، ودل على ذلك تقديم الجار والمجرور في قوله سبحانه: (ولم يجعل له عوجًا) ولم تكن الآية: ولم يجعل عوجًا له. 13- تقديم نفي العوج على إثبات الاستقامة في القرآن من باب قاعدة: (التخلية قبل التحلية). منحنا الله الفقه في الدين والتدبر لكتابه والعيش مع آياته وبالله التوفيق.

ومما أخبر الله جل وعلا أنه من السماء: العذاب، قال الله جل وعلا: فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ [البقرة:59] فأخبر الله جل وعلا: أن الرجز من السماء. ومما أخبر الله أنه أنزل من السماء قوله جل ذكره: قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا [الإسراء:95] فأخبر الله جل وعلا أن الملائكة تنزل من السماء، ولا ريب أن السماء في الرجز، والسماء في الملائكة، والسماء في الماء تختلف كل بحسبه لكن المقصود أن تفقه أن الإنزال في هذه الآيات مقيدة، لكنه لم ينسب أنه من عند الله، فلم ينسب الله جل وعلا شيئاً أنه من عنده إلا القرآن، وهذا التقييد. الإطلاق: هو أن الله يذكر الإنزال ولا يذكر جهته، أو لا ينسبه إلى شيء معين، ومنه قول الله جل وعلا: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد:25]، وقوله تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ [الزمر:6]، فهنا لم يخبر الله جل وعلا من أين نزل، فيقال فيه: أن كل شيء بحسبه. والإطلاق يحمل على المقيد الذي أخبر الله جل وعلا أنه من عنده، فالإطلاق الذي لم يذكر الله عز وجل فيه جهة النزول يحمل على التقييد الذي فيه أن إنزال القرآن أخبر الله أنه من عنده.