أما المشهد الحي الذي يعرضه التعبير فهو أوسع من هذا وأجمل؛ وأكثر استجاشة للمشاعر، وتأثيراً في الضمائر. إنه مشهد الحياة النامية. مشهد الطبيعة الحية. مشهد الزرعة الواهبة. ثم مشهد العجيبة في عالم النبات: العُود الذي يحمل سبع سنابل. والسنبلة التي تحوي مائة حبة! وفي موكب الحياة النامية الواهبة يتجه - القرآن - بالضمير البشري إلى البذل والعطاء. إنه لا يعطي بل يأخذ؛ وإنه لا ينقص بل يزاد. وتمضي موجة العطاء والنماء في طريقها. تضاعف المشاعر التي استجاشها مشهد الزرع والحصيلة.. إن الله يضاعف لمن يشاء. يضاعف بلا عدة ولا حساب. مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل. يضاعف من رزقه الذي لا يعلم أحد حدوده". وأما الشيخ رشيد رضا فقد حلل هذا المثل القرآني تحليلاً نفسياً اجتماعياً، وذكر حوله كلاماً لا ينبغي أن يُغفل عنه في مثل هذا المقام، حيث قال: "أمر الإنفاق في سبيل الله أشق الأمور على النفوس، لا سيما إذا اتسعت دائرة المنفعة فيما ينفق فيه، وبعدت نسبة من ينفق عليه عن المنفق؛ فإن كل إنسان يسهل عليه الإنفاق على نفسه وأهله وولده، إلا أفراداً من أهل الشح المطاع، وهذا النوع من الإنفاق لا يوصف صاحبه بالسخاء، ومن كان له نصيب من السخاء سهل عليه الإنفاق بقدر هذا النصيب، فمن كان له أدنى نصيب، فإنه يرتاح إلى الإنفاق على ذوي القربى والجيران.
كما روي الإمام أحمد عن عياض بن غطيف قال: دخلنا على أبي عبيدة نعوده من شكوى أصابه بجنبه، وامرأته قاعدة عن رأسه قلنا: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: واللّه لقد بات بأجر، قال أبو عبيدة: ما بت بأجر، وكان مقبلاً بوجهه على الحائط فأقبل على القوم بوجهه، وقال ألا تسألوني عما قلت! قالوا: ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (من أنفق نفقة فاضلة في سبيل اللّه فسبعمائة، ومن أنفق على نفسه وأهله أو عاد مريضاً أو أماط أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة مالم يخرقها، ومن ابتلاه اللّه عزّ وجلّ ببلاء في جسده فهو له حِطَّة) أي كفارة لذنوبه. مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل ه. حديث آخر: عن ابن مسعود أن رجلاُ تصدق بناقة مخطومة في سبيل اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة) ""رواه أحمد وأخرجه مسلم بلفظ: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: يا رسول اللّه هذه في سبيل اللّه، فقال: (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة)"". حديث آخر: عن ابن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جعل حسنة ابن آدم إلى عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم والصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة يوم القيامة ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
كتاب: الجدول في إعراب القرآن. إعراب الآية رقم (260): {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}.
Ali Al Akbar(A)---مولد علي الأكبر عليه السلام - YouTube
ولادة علي الأكبر عليه السلام ولد علي الأكبر في الحادي عشر من شهر شعبان(1) سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة قبل مقتل عثمان بسنتين. فيكون له يوم الطف ما يقارب سبعا وعشرين سنة ويؤيّده اتّفاق المؤرّخين وأرباب النسب على أنّه أكبر من الإمام السجاد عليه السلام الذي له يوم الطف ثلاث وعشرون سنة. مولد علي الاكبر. كنيته عليه السلام جاء في زيارة علي الأكبر المروية عن أبي حمزة الثمالي أن الإمام الصادق عليه السلام قال له: (ضع خدّك على القبر وقل: صلّى الله عليك يا أبا الحسن ثلاثا)(2). وكما يحتمل أن تكون الكنية للتفاؤل بالولد الحسن، يحتمل أنها صدرت بعد أن كان له ولد سمّي (الحسن)، والإمام الصادق في نفس الزيارة يقول أيضا: (صلّى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وآبائك وأبنائك وأمّهاتك الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا). ولفظ الأبناء جمع يدلّ على ان لعلي الأكبر عليه السلام أكثر من الولدين الاثنين. كما أن قوله عليه السلام (وعلى عترتك) دالّ عليه أيضا فإن عترة الرجل ذريته فلو لم يكن له ذرية لما صحّ استعمال هذا اللفظ وورود هذه الجملة في لسان الإمام العارف بخواص البلاغة ومقتضيات الأحوال أقوى برهان. وغير خافٍ أن هذه الرواية رواها الشيخ الجليل ابن قولويه في (كامل الزيارة) بسند صحيح ورجال ثقات.