ولكي يحقق هذا الغرض، استخدم من الإيقاعات والتوافقات ما أثار غضب أنصار القديم، وبخاصَّة استخدامه للتنافر الهارموني. من هو سقراط الفيلسوف. لقد انصب النقد على موسيقى "مونتيفردي" لأنها بقدر ما أدخلت قواعد ومقامات وصياغات جديدة للعبارات الموسيقية، كانت خشنة لا تُطرب الأذن. وقد وجد "مونتيفردي" في كتابات "أفلاطون" تبريرًا فلسفيًا لأفكاره الجمالية الجديدة فقال: "لقد وجدت – بعد إمعان الفكر – أن الانفعالات الرئيسة التي تنتاب نفوسنا ثلاثة: الغضب والاعتدال والتواضع، وهذا ما أعلنه أفضل الفلاسفة، وما تثبته طبيعة صوتنا ذاته بما فيه من طبقة مرتفعة وطبقة خفيضة وطبقة وسطى؛ كما يدل فن الموسيقى على ذلك بوضوح في استخدامه للألفاظ بقلق وبعذوبة وباعتدال. والحق أنني وجدت في أعمال الموسيقيين السابقين أمثلة للعذب والمعتدل، لكني لم أجد أبدًا أمثلة للقلق، مع إن أفلاطون وصفه في الكتاب الثالث في الخطابة بقوله: "لنأخذ ذلك الانسجام الذي يصلح لمحاكاة أقوال رجل شجاع مشتبك في حرب". ولما كنت أدرك أن الأضداد هي أقدر الأشياء على تحريك نفوسنا، وأن هذا هو الهدف الذي ينبغي أن تتجه إليه كل موسيقى جديدة، فقد أخذت على عاتقي – بجهد وعناء – أن أكشف هذا النوع من جديد".
"وبالتأكيد فإن جهات السيطرة في المنطقة سواء (قسد) أو النظام والميليشيات الإيرانية يوظفون العنف كأداة انتقامية من الأهالي من ناحية، وإضفاء نوع من الشرعية لوجودهم عبر خلق فوضى أمنية تُشعر الأهالي بحاجتهم إلى جهة مُسيطرة أيًا كانت حتى وإن كانت فاسدة" وفقا للعلو.
حتى لو اعترفنا بالقراءة كفضول، فأي هوية تسكن هذا الفضول؟ هل هو فضول التوق لمتعة تبدّد في وجودنا سأماً هو، في واقع وجودنا دوماً، ورم خبيث، أي أنها المتعة التي تلهينا عن أنفسنا لنحتمل عبء وجودنا، أم القراءة استطلاع بطولي للوقوف على حقيقتنا، أي كي نستقصي باطننا، كي نعرف أنفسنا؟ أي أنها مسئولية أخلاقية أيضاً قبل أن تكون غنيمة معرفية، ممّا يحتّم أن نتساءل عن غاية أن نحقّق هذا الشرف الذي خلعه إله معبد دلفى على سقراط، ليصير حكراً عليه من دون كل حكماء الأزمنة، كما الحال مع اغتنام ذخيرة «اعرف نفسك! »؟ نستطيع أن نقول أن القراءة شطحة وَجْد، وثبة استنفار، خوض لجدل، قبول للتحدّي، واعتراف لمغامرة مجهولة النتائج. «حفر» «افلاهد» الفاضلة خلال ليالي رمضان. أي أنها تحديد لموقف من وجود، لأن معرفة النفس فيه ليست نهاية مطاف، ولكنها تحضير لوضع حجر أساس في كيان تحرير. ولهذا فاللهفة إلى المتن الشيّق يغدو استهتاراً بالفردوس المأمول، لأنه جنس من طُعْم لاستدراجنا إلى حيث ينتظرنا الخلاص، ضربٌ من تقنية لاجتياز عقبة المملّ ، الذي لا نكتشف كم الفوز رهين مشيئة هذا المملّ ما لم نقطع شوطاً بعيداً في رحلة طلب البُعد المفقود. فما يجب أن نعترف به لأنفسنا هو أننا كلنا معنيّون بهذه الأعجوبة التي اخترعنا لها إسم: القراءة، لأن حلم الكلّ هو أن يعرف، حلم الكلّ أن يستجلي حقيقة هذا المجهول الحميم، الأقرب لنا من حبل الوريد، حتى إذا طلبناه فرّ منّا إلى أبعد من الصين!