الشرق الأوسط الجديد - العرب اليوم

ربى يوسف شاهين* لا شك بأن الشرق الأوسط كان ولا زال محط أنظار المستعمرين، فالكثير من الوقائع تؤكد بأن الدول الإستعمارية تتسابق للسيطرة عليه وتقسيمه، وهذا واضح من خلال الأحداث السياسية والعسكرية التي عصفت بالشرق الأوسط خلال السنوات الماضية. ولنتذكر جيداً أن مصطلح الشرق الأوسط الجديد سبق وأن سوقت له كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية بين الأعوام 2005 – 2009، حيث خرج المشروع إلى العلن في واشنطن وتل أبيب لتعلن رايس خريطة الشرق الأوسط في مؤتمر صحافي، بتصفيق من الغرب، حيث أسندت إليها وسائل الإعلام الغربية الفضل في نحت المصطلح ليحل محل المصطلح الأقدم، ألا وهو "الشرق الأوسط الكبير". في كتاب لشمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعنوان "الشرق الأوسط الجديد" يتحدث فيه عن المشروع وكيفية تحقيقه، ليتضح لنا جيداً أن أمريكا تنفذ أحلام الإسرائيليين وطموحاتهم في الهيمنة والإحتلال. تنفيذ المشروع بحسب خبراء استراتيجيين، بدأت المخططات بالفعل. فالمشهد العراقي اليمني السوري الليبي والسوداني يشي بذلك خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المسارات المتجددة التي طالت بلدان الشرق الأوسط. فالتعويل على الحروب التي حصلت في المنطقة العربية، منذ حرب لبنان 2006، والحروب التي شهدتها الدول العربية، كحرب الخليج، وما تشهده الساحة الشرق أوسطية في هذه الأيام هو أكبر دليل على أن واشنطن وإسرائيل لم يغضا الطرف عن مشروعهم الصهيو – أمريكي، فقد أشارت رايس حينها إلى أن "مشروع الشرق الاوسط الكبير" سيحقق، حسب تعبيرها، "حلا سحريا لعلاج أزمات المنطقة المزمنة"، حيث ربطت المشروع بعبارة "الفوضى الخلاقة"، وهو ما يؤدي بالتالي إلى "التدمير الأخلاق" كطريقة للوصف تعبيراً عن فلسفتهم الليبرالية البراغماتية.

الشرق الأوسط الجديد لبرنارد لويس

لذلك كان لا بد من الاطلاع على ما كتبه الضابط الأمريكي قبل عقد من الزمن، لما يشكّله ذلك من مادة مهمة لتكوين فهم لمظاهر نزع الاستقرار والتقسيم السياسي الجارية في كل من العراق وسوريا واليمن، خصوصاً أن الفكرة تهدف لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد على أساس قومي أو إثني أو طائفي. "صفقة القرن" والتبادل أحدث ما كُشف النقاب عنه ويتعلق بشكل الشرق الأوسط، الذي يتحدث البعض عن تنفيذ المخطط القديم على يد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو ما أورده كتاب أمريكي تحدث فيه عن أسرار جديدة عن " صفقة القرن " لحل الصراع العربي – الإسرائيلي التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويشرف عليها صهره ومبعوثه للشرق الأوسط للسلام جاريد كوشنر. الكتاب الذي حمل عنوان "شركة كوشنر المحدودة.. الجشع والطموح والفساد.. القصة الاستثنائية لجاريد كوشنر وإيفانكا ترامب" للكاتبة "فيكي وارد"، جاء في 300 صفحة وصدر الثلاثاء (19 مارس) في الولايات المتحدة، يسلط الضوء على خطة كوشنير التي تضمنت تبادلاً للأراضي، حيث سيمنح الأردن أراضي للفلسطينيين، وفي المقابل يحصل على أراض من السعودية، فيما تستعيد المملكة جزيرتين في البحر الأحمر كانت قد أعطت إدارتهما لمصر في عام 1950″، في إشارة إلى جزيرتي "تيران وصنافير" اللتين تسلمت إداراتهما السعودية بالفعل من مصر عام 2017.

كتاب الشرق الأوسط الجديد لشمعون بيريز

وطن: قالت الجبهةُ الشعبيّة لتحرير فلسطين، اليوم الأحد، إنّ "عقدَ لقاءٍ مشتركٍ بين وزراء خارجية بعض الدول العربيّة، ووزير دولة الكيان الاستعماريّة الصهيونيّة؛ برعاية وزير الخارجية الأمريكيّة؛ استمرارٌ لحالة سقوط النظام الرسميّ العربيّ بغالبيّته في مستنقع التطبيع والتبعيّة، وأنّ عقدَه غيرُ بعيدٍ عن ذكرى يوم الأرض، وفي النقب الفلسطيني، لا يخلو من دلالةٍ خاصّة، وأنّه يتعرّض في هذه الفترة لمخططٍ تهويديٍّ شاملٍ يستهدف تدمير قراه، وتهجير سكّانه، وإقامة العديد من المستوطنات عليه". ورأت الجبهة في بيانٍ لها، "في اجتماعاتٍ كهذه خضوعًا من المشاركين فيها بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، الذي سبق وأن دعا إليه شمعون بيريز وروّجت له كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة، الذي في جوهره يستهدف الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني، وتجاوز كلّ القرارات العربيّة والدوليّة، التي أكّدت على هذه الحقوق بما فيها حقّه في العودة وتقرير المصير، والدولة المستقلّة بعاصمتها القدس ، كما يستهدف إقامةَ علاقاتٍ طبيعيّةٍ كاملةٍ بين الدول العربية ودولة الكيان على مختلِف الصعد السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وتشكيل الأطر المشتركة الناظمة لذلك؛ تكون فيها دولة الكيان هي المركز والمقرّر فيها".

منذ طرح مفهوم "الشرق الأوسط" وبدء تداوله السياسي والفكري بكثرة في خمسينيات القرن العشرين، بدأت المخططات الإسرائيلية ترسم ملامح ومعالم هذا الشرق وفق خطط وضعت بشكلٍ محكمٍ وتبنتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وسعت إلى تطبيقها على أرض الواقع من خلال رعايتها لاتفاقيات عديدة بين العرب والإسرائيليين جاءت تحت مسمّيات "اتفاقيات سلام" كان الهدف منها هو فرض هوية جديدة على أبناء الأمة العربية تتلاشى فيها أو تضيع المرجعية العربية لصالح وعاء فضفاض تمت تسميته بـ "الشرق أوسط الكبير" أحياناً وبـ "الشرق الأوسط الجديد" أحياناً أخرى. فمنذ توقيع اتفاق كامب ديفيد بين "إسرائيل" ومصر عام 1979، مروراً بتفاهمات أوسلو بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل عام 1993، إلى توقيع اتفاق وادي عربة بين الأردن و"إسرائيل" عام 1994، كانت ديباجة "الشرق الأوسط " (الجديد أو الكبير) حاضرة في كل هذه الاتفاقيات.