ماذا يعني فصل الدين عن الدولة - مجتمع أراجيك

إنها تشترط على الإنسان أن يكون علمانيًا لكي يكون رأس دولة، تشترط عليه أن يؤدي القسم للولاء لدستور يفصل الدين عن الدولة، أي أنها تشترط على المسلم أن يعلن كفره بجزء من دينه. وإذا فعل هذا عن اعتقاد كان كافرًا خارجًا عن الإسلام، وإذن فكما أن الإسلام يشترط في رأس الدولة المسلمة أن يكون دائنًا بدين الإسلام؛ فإن العلمانية تشترط في رئيس دولتها أن يكون دائنًا بدينها، فما الفرق؟ يقولون: لكن العلمانية ليست دينًا. ماذا يعني فصل الدين عن الدولة - مجتمع أراجيك. ونقول هذا في مفهومكم أنتم. أما في لغتنا العربية، وديننا الإسلامي، فإن كل ما يلتزم به الإنسان من عادات وتقاليد، ومن باب أوْلى من قيم وعقائد، هو دينه، سواء كان مبنيًا على إيمان بالله أو كفر به. ألم تسمع قول الشاعر العربي عن ناقته: إِذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ *** تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الْحزِينِ تقُولُ إِذَا دَرَأتُ لها وَضِينِي *** أَهذا دِينُهُ أَبَداً ودِينِي؟ أَكُلَّ الدَّهرِ حَلٌّ وارْتِحالٌ؟ *** أَمَا يُبْقِي عَليَّ وما يَقِينِي؟ فإذا كان دوام الحل والارتحال دينًا فما بالك باعتياد معتقدات وقيم وسلوك؟ ألم يقل الله تعالى عن سيدنا يوسف: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف من الآية:76].
  1. ماذا يعني فصل الدين عن الدولة - مجتمع أراجيك

ماذا يعني فصل الدين عن الدولة - مجتمع أراجيك

و سنبرهن على ذلك من خلال تحليل و مناقشة تعريفين اثنين نعتقد أنهما يختزلان جل التعاريف التي أعطيت لكلمة العلمانية. التعريف الأول: وضع على يد John Holyooke (1817-1906)، وهو أول من سك المصطلح بمعناه الحديث و حوله إلى أحد أهم المصطلحات في الخطاب السياسي و الاجتماعي و الفلسفي الغربي، فعرف العلمانية بأنها "الاعتقاد بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان بالقبول أو الرفض". و قد يبدو هذا التعريف في أول وهلة محايدا غير أنه ليس كذلك. فعبارة "إصلاح حال الإنسان" تفترض و جود "حال فاسد أو غير صالح للإنسان". لكن بأي معيار سنحكم على حال الإنسان بالصلاح أو بالفساد؟ فبمعيار أمريكا مثلا كان حال العراق زمن صدام فاسدا و تدخلت "بطريقتها المادية" المعروفة لإصلاح حال العراقيين و جعل دولتهم "دولة نموذجية في التنمية والديمقراطية و احترام حقوق الإنسان ". و حال المسلمات المحجبات في فرنسا كان فاسدا و قد عملت فرنسا العلمانية على إصلاح حالهن بمنع الحجاب. وفي بلدنا كان حال المناضلين في فترة ما يسمى بسنوات الرصاص فاسدا وعمل النظام على إصلاح حالهم و تأديبهم بزجهم في المعتقلات…كل هذه الممارسات منسجمة مع تعريف John Holyooke للعلمانية و الذي يدعو من خلاله "لإصلاح حال الإنسان" على أن يكون ذلك من "خلال الطرق المادية".
لكن تصور الدولة هذا هو تصور حديث، يجد جذوره داخل التجربة الأوروبية ابتداءً من عصر الملكية المطلقة. تتباين الدولة الحديثة مع الدول التاريخية السابقة عليها حول كل عنصر من هذه العناصر تقريباً، فالدول التاريخية لم يكن لديها تصور عن الإقليم/الوطن، فسلطان «الدولة» يمتد إلى كل أرض تخضع لسلطتها، والدول لا تطالب بالسيادة بما يتضمن سيادتها التشريعية وسيادتها على تحديد الحق والخير، بل تترك المجتمعات المحلية عموماً لأعرافها الخاصة، وحتى عندما تتبنى نظاماً تشريعياً، مثل الشريعة الإسلامية، فهي تتولى البعد التنفيذي، فهي دول تحرس النظام الطبيعي للأشياء. تبدو الدولة الحديثة شديدة السطوة والحضور والثقل مقارنة بالدول السابقة عليها. لهذا نجد وائل حلاق، وهو ناقد للحداثة والعلمانية، يعترض على فكرة الدولة الإسلامية ويستخدم مقولة «الدولة» للإحالة حصرياً على الدولة الحديثة ، بينما يستخدم «نظام الحكم» للحديث عن أنظمة الحكم السابقة على الدولة الحديثة. كذلك يفعل أرماندو سلفاتوري في مشروعه «سوسيولوجيا الإسلام» حين يستعمل تعبير «الدولة الويستفالية» للحديث عن الدولة الحديثة مميزاً إياها عن الدول التاريخية السابقة عليها.