اية قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون

وقد ذكرنا اختلاف المختلفين ، والصواب من القول عندنا فيما مضى قبل في معنى القانت ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر بعض أقوال أهل التأويل في ذلك في هذا الموضع ، ليعلم الناظر في الكتاب اتفاق معنى ذلك في هذا الموضع وغيره ، فكان بعضهم يقول: هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائما في الصلاة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا يحيى عن عبيد الله أنه قال: أخبرني نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن القنوت قال: لا أعلم القنوت إلا قراءة القرآن وطول القيام ، وقرأ: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) وقال آخرون: هو الطاعة. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( أمن هو قانت) يعني بالقنوت: الطاعة ، وذلك أنه قال: ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون)... إلى ( كل له قانتون) قال: مطيعون. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي في قوله: ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) قال: القانت: المطيع. [ ص: 268] وقوله: ( آناء الليل) يعني: ساعات الليل. كما حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( أمن هو قانت آناء الليل) أوله ، وأوسطه ، وآخره.
  1. هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
  2. في رحاب قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} | المنتدى العالمي للوسطيه
  3. تفسير: (أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون)

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟

♦ الآية: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (118). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وقال الذين لا يعلمون ﴾ يعني: مشركي العرب قالوا لمحمَّدٍ: لن نؤمن لك حتى ﴿ يكلّمنا الله ﴾ أنَّك رسوله ﴿ أو تأتينا آية ﴾ يعني: ما سألوا من الآيات الأربع في قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا ﴾ ومعنى ﴿ لولا يكلِّمنا الله ﴾ أَيْ: هلاَّ يُكلِّمنا الله أنَّك رسوله ﴿ كذلك قال الذين من قبلهم ﴾ يعني: كفَّار الأمم الماضية كفروا بالتَّعنُّتِ بطلب الآيات كهؤلاء ﴿ تشابهت قلوبهم ﴾ أشبه بعضها بعضاً فِي الكفر والقسوة ومسألة المحال ﴿ قد بيَّنا الآيات لقوم يوقنون ﴾ أَيْ: مَنْ أيقن وطلب الحقَّ فقد أتته الآيات لأنَّ القرآن برهانٌ شافٍ.

في رحاب قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} | المنتدى العالمي للوسطيه

ولهذا جعل الله أجر الصابرين غير محدودٍ، فليست هناك حساباتٌ معينةٌ، ولا حدودٌ خاصةٌ لرحمة الله في ذلك كله. وقد جاء في تفسير العياشي بالإسناد عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله ـ جعفر الصادق(ع) ـ: قال: «قال رسول الله(ص) إذا نشرت الدواوين ونُصبت الموازين لم يُنصب لأهل البلاء ميزان ولم ينشر لهم ديوان، ثم تلا هذه الآية {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}»[2]. في رحاب قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} | المنتدى العالمي للوسطيه. ــــــــــــــــــ (1) نهج البلاغة، ص:482، قصار الحكم:81. (2) مجمع البيان، ج:4، ص:767.

تفسير: (أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون)

2 ـ العلم الذي يفتح له آفاق الحياة ـ من خلال حركة الفكر ـ في موارده ومصادره ومفرداته، ليعي ـ بواسطته ـ كيف يسلك الخطّ المستقيم في حياته. 3 ـ الالتزام الدقيق بأوامر الله ونواهيه في عباداته ومعاملاته وعلاقاته العامة والخاصة، وهذا ما يؤمّنه الخوف من الآخرة، والرجاء برحمة الله. وهذه الأمور يريد الله للإنسان أن يحركها في حياته، كي يحصل على النتائج الكبيرة في قضية المصير. الله يبادل الإحسان إحساناً وتأتي بعد ذلك آيةٌ حركيّةٌ أخرى يبلّغ الله فيها رسوله ليقول للمؤمنين الذين يعانون من المشركين التحديات الصعبة، سيما من جهة ما يتعرضون له من أساليب الإذلال والضغط النفسي والجسدي والعائلي: إن عليهم متابعة السير في خط الالتزام في ما يريدهم الله، وما يحسنون به لأنفسهم وللحياة من حولهم من الأعمال الصالحة والمواقف الكبيرة، سيبادلهم الله به إحساناً في الآخرة... وإنَّ عليهم أن لا يخضعوا للضغوط القاسية التي تريد أن تحاصرهم وتضغط على إرادتهم، وذلك بالبحث عن الوسائل التي تحررهم منها. تفسير: (أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون). {قُلْ يا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُواْ} فجعلوا الإيمان عنوان سلوكهم العملي، باعتباره التجسيد لإيمانهم الفكري والروحي، {اتَّقُواْ رَبَّكُمْ} فإن التقوى تمثل موقف الصدق للإيمان، لأنها توحي بالعمق الروحي في مضمون الالتزام، بما تمثله من انضباطٍ شاملٍ؛ {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا} بالعمل الصالح في مضمون تقوى الله ومراقبته في الفكر والحركة، {حَسَنَةٌ} قد تأخذ حجماً صغيراً محدوداً، وقد تأخذ حجماً كبيراً مضاعفاً، تبعاً لنوعية العمل في حجمه وروحيته.

إنما يتذكر ويعرف الفرق أصحاب العقول السليمة. وفي الوسيط لطنطاوي قال: أهذا الكافر الذي جعل لله أندادا ليضل عن سبيله أحسن حالا، أم الذي هو ملازم للطاعات آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه؟ ، ووصف القنوت بأنه في آناء الليل، لأن العبادة في تلك الأوقات أقرب إلى القبول وقدم السجود على القيام، لأن السجود أدخل في معنى العبادة. وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة: (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ « كَيْفَ تَجِدُكَ ». قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ ». وفي تفسير القرطبي ( بتصريف): القانت: هو المطيع ، والخاشع في صلاته ، والداعي لربه ، وكل قنوت في القرآن فهو طاعة لله – عز وجل – وفي صحيح مسلم: (عَنْ جَابِرٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَفْضَلُ الصَّلاَةِ طُولُ الْقُنُوتِ ».