ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب

وأما آية الأعراف فتقدمها وعيد من كذَّب بآيات الرسل، واستكبر عنها؛ وأنهم أهل الخلود في النار، فناسب هذا قوله تعالى: { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته}. أما آية يونس فتقدم قبلها قوله تعالى: { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله} (يونس:15) إلى آخر الآية، ولا أظلم ممن قال من فصحاء العرب العالمين بأصول الكلام، وجليل النظم، وعليِّ البلاغة: { ائت بقرآن غير هذا أو بدله} مع علمهم بعلوِّ فصاحته، واعترافهم بالعجز عنه، فجمعوا بين إنكار ما علموا صدقه، ممن عرفوا رفيع مكانته، وجليل منصبه، فإخباره تعالى عنهم بقوله: { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} (الأنعام:33) فجمعوا بين الإنكار، وبين قولهم في إنكارهم: { أو بدله} فلا أظلم من هؤلاء. ثم في إنكارهم وقولهم: { أو بدله} أعظم إقدام، وأوضح إجرام؛ لأنه كفر على علم؛ فلهذا أعقبت الآية هنا بقوله: { إنه لا يفلح المجرمون} (يونس:17) ولم يقع قبل الآية التي في سورة الأنعام، مثل هذا الإقدام على مثل هذه الجريمة في القول، وإنما تقدم عداوتهم، وظلمهم أنفسهم في مُرْتَكَبَاتهم، وتعاميهم، فناسبه قوله: { إنه لا يفلح الظالمون} (الأنعام:21).

القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة العنكبوت - الآية 68

أوّلاً: عوارض الطبيعة ، وذلك كالغرق والحرق والقتل وسقوط جدار على الإنسان وغير ذلك ، فيموت الإنسان حينئذٍ أي تنفصل النفس عن الجسم فيصبح الجسم عاجزاً عن حفظ النفس وذلك لِما أصابه من خلل ، وفي هذه العوارض لا يحضر ملَك الموت لقبض النفوس. أمّا القسم الثاني وهم الذين يمرضون ثمّ يموتون أو يموتون بلا مرض ، فهؤلاء يحضر عندهم ملَك الموت فيخرج نفوسهم من أجسامهم ، فمثل ملَك الموت كمثل القابلة التي تخرج الطفل من بطن أمه كذلك ملَك الموت يخرج النفوس من الأجسام ، فإذا جاء ملَك الموت إلى المستحضر أخذ يؤكسد السائل الحيوي الذي في جسم الإنسان فتنفصل النفس حينئذٍ عن الجسد ولا يبقى لَها اتصال ، وذلك لأنّ السائل الحيوي هو السبب في اتصال النفوس بالأجسام.

ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا .. دروس وعبر - ناصحون

وأما عن حياتهم "في الدنيا"، وأنه لا فلاح لهم فيها؛ فتتمثل في حياة النكد والضيق والشقاء الذي يعيشها المشرك في الدنيا، وإن ظهر عليه ما ظهر من متاع الدنيا وفرحه بها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه: 124]. خاتمة لقد حكم الله عز وجل على أهل الشرك بعدم الفلاح في دورهم الثلاثة: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار الآخرة. فمن أراد الفلاح فهو في توحيد الله عز وجل، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم واتباعه، ومن طلبه في غير ذلك فهو الخسران المبين، كمن يطلب الماء من سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً. …………………………………… الهوامش: «تفسير السعدي» (ص253). ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب. «في ظلال القرآن» (2/ 1063، 1064). الترمذي (3095)، وحسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (3293). اقرأ أيضا: وقفة مع آية.. تعرّف الناس بربهم سورة الأنعام وأضواء على ركن من أركان التوحيد سورة الأنعام.. البدء بالعقيدة وأثره العملي

وقال تعالى في سورة الواقعة { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ. فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} فقوله تعالى { إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} يعني: إذا بلغت النفس إلى الحنجرة { وَأَنتُمْ} أيها الحاضرون { حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} إلى المستحضر كيف يعالج سكرات الموت { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ} يعني: رسلنا أقرب إليه منكم وهم الملائكة الذين يقبضون نفسه { وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ} لكونِهم أثيريين وأنتم مادّيون ، وقال تعالى في سورة القيامة { كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ. وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ. ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بالحق. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ. وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ. إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} ، فقوله تعالى { إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ} يعني: إذا بلغت النفس إلى الترقوة ، وهي عظام الرقبة { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} يعني: حينئذٍ يقال هل من طبيبٍ راقٍ يداويه ويشافيه.