والكسر في ذلك عندي في هذا الموضع غير جائز ، لأنه إذا كسر تغير معناه عن معنى: لا تضارر " - الذي هو في مذهب ما لم يسم فاعله - إلى معنى " تضارر " الذي هو في مذهب ما قد سمي فاعله. قال أبو جعفر: فإذ كان الله - تعالى ذكره - قد نهى كل واحد من أبوي المولود عن مضارة صاحبه بسبب ولدهما ، فحق على إمام المسلمين إذا أراد الرجل نزع ولده من أمه بعد بينونتها منه ، وهي تحضنه وتكفله وترضعه ، بما يحضنه به غيرها ويكفله به ويرضعه من الأجرة أن يأخذ الوالد بتسليم ولدها ، ما دام محتاجا الصبي ، إليها في ذلك بالأجرة التي يعطاها غيرها وحق عليه إذا كان الصبي لا يقبل ثدي غير [ ص: 54] والدته ، أو كان المولود له لا يجد من يرضع ولده وإن كان يقبل ثدي غير أمه ، أو كان معدما لا يجد ما يستأجر به مرضعا ، ولا يجد ما يتبرع عليه برضاع مولوده. أن يأخذ والدته البائنة من والده برضاعه وحضانته. ايات قرانية عن المولود الجديد وهناك مختلف الأيات و التى تدل على المولود الجديد. لأن الله - تعالى ذكره - إن حرم على كل واحد من أبويه ضرار صاحبه بسببه ، فالإضرار به أحرى أن يكون محرما ، مع ما في الإضرار به من مضارة صاحبه.
فالآية تنص على منع الضرار من الجانبين بإعطاء كل ذي حق حقه بالمعروف ، ويشمل النهي جميع أنواع الضرار المقصودة ، وإنما أسندت المضارة إلى كل واحد من الزوجين للإيذان بأن إضراره بالآخر بسبب الولد إضرار بنفسه ، ثم إن الإضرار الحاصل منهما يحصل منه أيضاً إضرار بالولد. وكيف تحسن تربية ولد بين أبوين غير متلائمين ؟! أما قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ فهو معطوف على قوله ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ﴾ سواء كان وارث الولد أو وارث المولود له ، والعبارة واضحة في أنه وارث المولود له ، والمعنى أن نفقة إرضاع الولد الميت أبوه تكون من ماله إن كان له مال وإلا فهي على عصبته ، وقال بعض المفسرين: المراد بالوارث وارث الصبي من الوالدين - يعني إذا مات أحد الوالدين فيجب على الآخر ما كان يجب عليه من إرضاعه والنفقة عليه - واللفظ يحتمله ، ولعل الحكمة في إجمال الوارث ليشمل جميع الأنواع. وقوله سبحانه: ﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ فالفصال: هو الفطام ، لأنه يفصل الولد عن أمه ويفصلها عنه فيكون مستقلاً في غذائه دونها. والمعنى: أن الوالدين هما صاحبا الحق المشترك في الولد والغيرة الصحيحة عليه ، فلا يجوز التقليل من مدة إرضاعه إلا إذا اتفقا على فطامه عن رضا وتشاور مبني على مصلحة الولد ، فالقرآن الحكيم ينص على وجوب التشاور في جميع الأمور العامة والخاصة حتى في أدنى الأشياء وهي تربية الولد ، فلا يبيح لأحد والديه الاستبداد به دون الآخر ، فدين الإسلام الصالح للحياة ينص على وجوب التشاور في الأمور.
الثاني: هذه الأحكام تترتب على الزواج الشرعي الصحيح. فقوله تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن): إلزام للزوج بتوفير المطعم والملبس بما يكفي حاجة الولد* والزوجة. ومعلوم أن الحقوق لا تثبت للولد ولا عليه إن كان ابن زنا ـ والعياذ بالله ـ، وكذلك الزوجة تفقد حقوقها إن كانت العلاقة زنا لا زواجاً شرعياً. ================= * عدل النظم القرآني عن رزق الأولاد وكسوتهم إلى رزق الأمهات وكسوتهن؛ لأنهن السبب في توصيل ذلك إليهم. والله تعالى أعلم. تاريخ التسجيل: _March _2006 المشاركات: 22 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده ،و الصلاة والسلام على من لانبى بعده ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، إن التعبير القرآنى هو أدق و أنسب تعبير بما يناسب المراد و الحال ، وكما يقول العلماء أن البلاغة هى مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، فإننا نعترف بأن القرآن هو أبلغ أسلوب ، كيف لا ؟ و هو كلام العليم الحكيم.
هذه الآية تعطينا أحكاماً جديدة من أحكام العائلات ، وفيها معجزة للنبي الأمي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ما كان يعرف شيئاً من التشريع ، والآية عامة في الوالدات المطلقات والباقيات على الزوجية ، وفيها وجوب تغذية الطفل بالرضاع من النبع الإلهي العذب الذي جعله الله في ثدي أمه ، وأن يستمر الرضاع حولين كاملين ، إلا إذا حصل اكتمال النمو قبل ذلك فالمرجع نظر الوالدين. وقد جاء الأمر من الله بصيغة الخبر للمبالغة في تقريره ، وكما يجب على الأم إرضاع ولدها فإنه يجب اختصاصها بإرضاعه ، بمعنى أنه ليس للوالد المطلق أن يمعنها منه ولا أن تمتنع هي عن إرضاعه ، فإن من حقوق الوالدات إرضاع أولادهن ، وما المطلقات إلا والدات فيجب تمكينهن من إرضاع أولادهن المدة التامة ، وفي تقييد الله العليم الحكيم للرضاع بحولين دون زيادة حكمة ملحوظة ، وهي أن الولد لا ينتفع بالرضاع بعد الحولين ، ولهذا لا تنتشر حرمة الرضاع بعد الحولين كما هو مقرر في موضعه. وفي قوله تعالى: ﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ جواز للاقتصار على ما دون الحولين ، وقد وكله الله إلى اجتهاد الوالدين في شأن التغذية لاختلاف الأولاد في سرعة النمو وبطئه.