إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - بقية الطبقة الأولى من كبراء التابعين - ابن الأشعث- الجزء رقم4

فولاه الحجاج على قيادة هذا الجيش العظيم برغم نصيحة إسماعيل بن الأشعث له بعدم تولية عبد الرحمن إذ قال للحجاج: لا تبعثه فإني أخاف خلافه والله ما جاز جسر الفرات قط فرأى لوال من الولاة عليه طاعة وسلطاناً طار عبد الرحمن إلى سجستان فما كادت قدمه تطأ أرضها حتى جمع الناس فصعد المنبر ثم قال: أيها الناس إن الأمير الحجاج ولاني وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم وأباد خياركم. فإياكم أن يختلف منك رجل فيحل بنفسه العقوبة. اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس. فعسكر الناس كلهم في معسكرهم فبلغ ذلك روتبيل فكتب إلى عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين ويخبره بأنه كان لذلك كارها الصلح عليه ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج. ولكن عبد الرحمن عرف أن روتبيل يخادعه فلم يعبأ بقوله وسار بجيشه الجرار حتى دخل بلاد المشركين فانكمش المشركون أمامه انكماش هزيمة، وأخذوا يحلون له بلادهم بلدا بلدا وحصونهم حصناً.. Wikizero - عبد الرحمن بن الأشعث. حصناً، فأخذ عبد الرحمن كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا وبعث معه أعوانا، ووضع البرد بين كل بلد وبلد، وجعل الأرصاد على المرتفعات والشعاب، ووضع المخافر المسلحة في كل مكان مخوف. حتى إذا حاز من أرض المشركين قسطاً عظيما وملأ يديه من الغنائم والأموال وقف الزحف وقال: نكتفي بما أصبناه هذا العام من بلادهم حتى نجيبها ونعرفها ويجترئ المسلمون على طرقها، ثم تحتل في العام المقبل ما ووراءها، ثم لم نزل تنتقصهم في كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم آخر ذلك على كنوزهم وذر أريهم وممتع حصونهم ثم لا تزال بلادهم حتى يهلكهم الله كتب عبد ارحمن بن الأشعث إلى الحجاج بما فتح الله عليه من بلاد العدو وبخطته العسكرية التي وضعها للاستيلاء التدريجي على بقية البلاد المغزوة فأجابه الحجاج: إن كتابك أتاني وفهمت ما ذكرت فيه وكتابك كتاب امرئ يحب الهدنة ويستريح إلى الموادعة.

Wikizero - عبد الرحمن بن الأشعث

ابن الأشعث، عبدالرحمن ( ؟ - 85هـ، ؟ - 704م). عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي. أمير، ومن القادة الشجعان الدهاة. هو صاحب الوقائع مع الحجاج بن يوسف الثقفي. سيَّره الحجاج بجيش لغزو بلاد رتبيل (ملك الترك) فيما وراء كجستان، فغزا بعض أطرافها، وأخذ منها حصونًا وغنائم وكتب إلى الحجاج بن يوسف الثقفي يخبره بذلك وأنه يرى ترك التوغل في بلاد رتبيل إلى أن يختبر مداخلها ومخارجها. فاتهمه الحجاج بالضعف والعجز، وأمره بالمُضيِّ في الفتح، وإن لم يفعل فأخوه إسحاق بن محمد أمير الناس. فاستشار عبد الرحمن من معه، فلم يروا رأي الحجاج، لما فيه من التعجُّل، واتفقوا على نبذ طاعته، وبايعوا عبد الرحمن وخلعوا الحجاج وعبد الملك بن مروان، وزحفوا نحو العراق لإزاحة الحجاج عنه، وساروا إلى البصرة بعد أن هزموا جيشًا للحجاج، ودخلوها، وخرج الحجّاج منها. ثم دخلوا الكوفة، فعاد الحجاج إلى البصرة، وكتب إلى عبد الملك يطلب المدد منه، فأرسل إليه جيشًا من الشام عليه ابنه وأخ له. وأمرهما بأن يفاوضا ابن الأشعث، ويَعِداه بولاية خراسان أو أي ولاية أخرى، ويقبل إقالة الحجاج من العراق، وتسوية أهل العراق بأهل الشام في العطاء، فإذا لم يقبل أهل العراق هذا، فليجتمع أهل الشام تحت إمرة الحجاج وليحاربوهم.

ولم يقبل أهل العراق ذلك ورفضوه اعتقادًا منهم أن المدد سينقطع عن أهل الشام فيغلبوهم، ولم يحدث ما ظنُّوه، ودخل جند الشام تحت إمرة الحجاج، فحاربوا أهل العراق حربًا شديدة، وهزموهم في موقعة دير الجماجم، مع مواقع أخرى عديدة حدثت بين الطرفين. وهرب ابن الأشعث إلى كجستان مع فلول جيشه، وأَّمَّن الحجاج أهل العراق، فعاد إليه عدد كبير منهم. ظل ابن الأشعث يقاوم بعوث الحجاج، وكان قد عقد عهدًا مع رتبيل أن يؤيده إذا هزمه الحجاج، فلجأ إلى رتبيل عندما هزمه الحجاج، فساوم الحجاج رتبيل على تسليمه مقابل إعفائه رتبيل من الجُعل الذي كان يقدِّمه إليه، وانتهى الأمر بأن سلَّم رتبيل ابن الأشعث ميتًا إلى الحجاج، ويقال إن الأشعث ألقى بنفسه من مكان مرتفع فقتل. وتفرقت فلول جيشه في خراسان، فتصدى لها يزيد بن المهلب، وقبض على زعمائها، وتساهل مع اليمانيين وأرسل عددًا من القيسيين إلى الحجاج فقتلهم. وبهذا انتهت ثورة ابن الأشعث.