فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى

حدثنا موسى, قال: ثنا أسباط, عن السديّ: ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ) فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رمقهم قالوا (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (قالوا) يَامُوسَى (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا, إنا لمدركون; البحر بين أيدينا, وفرعون من خلفنا. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر, عن شهر بن حوشب, عن ابن عباس, قال: لما انتهى موسى إلى البحر, وهاجت الريح العاصف, فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح, وإلى البحر أمامهم (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ). واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى الأعرج ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ), وقرأه الأعرج: " إنَّا لَمُدَرَّكُونَ" كما يقال نـزلت, وأنـزلت. مشكل إعراب القرآن - الجزء: 1 صفحة: 370. والقراءة عندنا التي عليها قرّاء الأمصار, لإجماع الحجة من القرّاء عليها. ابن عاشور: فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61 أي لما بلغ فرعون وجنوده قريباً من مكان جموع بني إسرائيل بحيث يرى كل فريق منهما الفريق الآخر. فالترائي تَفاعل لأنه حصول الفعل من الجانبين.

  1. إسلام ويب - إعراب القرآن للنحاس - شرح إعراب سورة الشعراء - قوله تعالى فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون- الجزء رقم3
  2. موقع هدى القرآن الإلكتروني
  3. مشكل إعراب القرآن - الجزء: 1 صفحة: 370

إسلام ويب - إعراب القرآن للنحاس - شرح إعراب سورة الشعراء - قوله تعالى فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون- الجزء رقم3

إن لحظة الترائي بين الفارين من أصحاب موسى عليه السلام والملاحقين لهم من قوم فرعون كانت عسيرة عليهم حتى أنهم سلموا بأنهم مدركون وهالكون لا محالة إلا أن نبيهم عليه السلام ثبّتهم بتذكيرهم بمعية الله عز وجل له وأنه بموجبها سيهديه إلى خلاص يمنعهم من أن يدركهم عدوهم ، فجاءت الهداية في شكل معجزة حولت البحر إلى يابس ليسلكه الخائفون من فرعون وجنوده بأمان ثم يعود بحرا لجيا مهلكا كما كان ليغرق الطاغية ومن معهم أجمعين. موقع هدى القرآن الإلكتروني. ولقد جعل الله تعالى الهداية الموعودة لمن يعتقد بمعيته سبحانه وتعالى سنته في خلقه إلى قيام الساعة. وما قص قصة موسى عليه السلام مع هذه المعية إلا لتكون بشارة في كل عصر ومصر للذين يثبتون على الحق عندما يعلو طغيان الباطل. ومعلوم أن أهل الحق في كل زمان ومكان حين يطغى الطغاة من أهل الباطل مهما كان نوعه يحدث بعضهم أنفسهم بالجزع الذي حدثت به أصحاب موسى عليه السلام نفوسهم حين أتبعهم فرعون وجنوده بأنهم، ولكن لا بد لهم ممن يسد مسد موسى عليه السلام فيذكرهم بالمعية الإلهية ساعة الجزع ،وما يليها من هداية تضع حدا له بأسلوب من الأساليب التي يختارها الله عز وجل بمشيئته. مناسبة حديث هذه الجمعة هو حلول ذكرى نجاة موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنده التي تصادف العاشر من شهر محرم الحرام ،وهو يوم أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه تعظيما لهذا الحدث العظيم الذي انتصر فيه الحق على طغيان الباطل ، ذلك أنه لمّا قدم عليه الصلاة والسلام المدينة وجد اليهود صياما يوم عاشوراء ، فقال لهم: » ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ » قالوا: هذا يوم عظيم أنجى فيه الله موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ،فصامه موسى شكرا لله تعالى ، ونحن نصومه ، فقال عليه الصلاة والسلام: » فنحن أحق وأولى بموسى منكم » فصامه صلى الله عليه وسلم ، وسن بذلك صيامه للمسلمين.

موقع هدى القرآن الإلكتروني

واللهُ ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته.. ثم أسبابٌ يوحي بها إلى عباده؛ ليتخذوها مدارجَ للنصر.. وأول الأسباب اليقين.. انظروا إلى موسى عليه السلام حين قال له اليائسون: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}!! والله لكأني أنظر إليه وقد انتفض جسده الشريف صارخاً فيهم: كلا كلا { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}!! يقينٌ تام وتوكلٌ كامل.. فلما رأى الله جل وعلا صدقَ يقين عبده موسى عليه السلام.. قال: { فَأَوْحَيْنَا}.. الله.. ما أسرع الفاء هنا وأقطعها وأجلها!! بماذا أوحى؟!! بالضرب بالعصا!! وماذا تفعل العصا في البحر؟!! لا تتفلسف.. اضرب فقط.. افعل شيئاً.. لا تجلس في بيتك تندب حظك وتلعن زمنك وتتهم الآخرين بما فيك من عجز، ثم تُسلمهم وتُسلم نفسك لعدوك وعدوهم!! وها هي (الفاء) مرة أخرى قاطعة سريعة { فَانفَلَقَ}.. لقد جاءت بعدما فعل موسى شيئاً.. بعدما حرك يده بالعصا.. بعدما لامست العصا صفحةَ الماء.. وما أهون العصا أمام البحر!! إسلام ويب - إعراب القرآن للنحاس - شرح إعراب سورة الشعراء - قوله تعالى فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون- الجزء رقم3. بيد أن الله جل وعلا يريد أن يُعلمك أن النصر من عنده والعملَ من عندك!! فاعمل لتُعذر لا لتُنصر!!.. ثم تأتي (الواو) بدل الفاء في { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ}.. فلا داعي للسرعة هنا.. فقد صح يقين موسى أولاً، ثم اكتمل أخذه بالأسباب ثانياً (حتى لو كانت الأسباب تافهة في عرف اليائسين!!! )

مشكل إعراب القرآن - الجزء: 1 صفحة: 370

وقوله: ( فكان كل فرق كالطود العظيم) يقول تعالى ذكره: فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم. وذكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط ، لكل سبط منهم فرق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. حدثنا موسى ، قال: ثنا عمرو ، قال: ثنا أسباط ، عن السدي: ( فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) يقول: كالجبل العظيم ، فدخلت بنو إسرائيل ، وكان في البحر اثنا عشر طريقا ، في كل طريق سبط ، وكان الطريق كما إذا انفلقت الجدران ، فقال كل سبط: قد قتل أصحابنا; فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان ، فنظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا. حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، وحجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله وغيره قالوا: انفلق البحر ، فكان كل فرق كالطود العظيم ، اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط ، وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطا ، وكانت الطرق بجدران ، فقال كل سبط: قد قتل أصحابنا; فلما رأى ذلك موسى ، دعا الله فجعلها لهم بقناطر كهيئة الطيقان ، ينظر بعضهم إلى بعض ، وعلى أرض يابسة كأن الماء لم يصبها قط حتى عبر. قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال: لما انفلق البحر لهم صار فيه [ ص: 358] كوى ينظر بعضهم إلى بعض.

⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: لما انتهى موسى إلى البحر، وهاجت الريح العاصف، فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح، وإلى البحر أمامهم ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى الأعرج ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ ، وقرأه الأعرج: "إنَّا لَمُدَرَّكُونَ"كما يقال نزلت، وأنزلت. والقراءة عندنا التي عليها قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليها. * * * وقوله: ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ قال موسى لقومه: ليس الأمر كما ذكرتم، كلا لن تدركوا إن معي ربي سيهدين، يقول: سيهدين لطريق أنجو فيه من فرعون وقومه. كما:- ⁕ حدثني ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: لقد ذكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دُهم الخيل، سوى ما في جنده من شية الخيل، وخرج موسى حتى إذا قابله البحر، ولم يكن عنه منصرف، طلع فرعون في جنده من خلفهم ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ أي للنجاة، وقد وعدني ذلك، ولا خُلف لموعوده.

اخبر الله تعالى انه ﴿ لما تراء الجمعان ﴾ جمع فرعون وجمع موسى أي تقابلا بحيث يرى كل واحد منهما صاحبه. ويقال: تراءى نارهما أي تقابلا، وإنما جاز تثنية الجمع، لأنه يقع عليه صفة التوحيد، فتقول: هذا جمع واحد، ولا يجوز تثنية مسلمين، لأنه لا يقع عليه صفة التوحيد، لأنه على خلاف صفة التوحيد. ﴿ قال أصحاب موسى انا لمدركون ﴾ أي لملحقون. فالادراك الالحاق، وأدركته ببصري إذا رأيته، وأدرك قتادة الحسن أي لحقه، وأدرك الزرع إذا لحق ببلوغه، وأدرك الغلام إذا بلغ، وأدركت القدر إذا نضجت، فقال لهم: موسى " كلا " ليس الامر على ذلك " إن معي ربي " بنصره إياي " سيهدين " أي سيدلني على طريق النجاة من فرعون وقومه كما وعدني، لان الأنبياء لا يخبرون بمالا دليل عليه من جهة العقل أو السمع.