ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

والقول في هذين الدعاءين كالقول في قوله ربنا لا تؤاخذنا. وقوله: واعف عنا واغفر لنا لم يؤت مع هذه الدعوات بقوله " ربنا " ، إما لأنه تكرر ثلاث مرات ، والعرب تكره تكرير اللفظ أكثر من ثلاث مرات إلا في مقام التهويل ، وإما لأن تلك الدعوات المقترنة بقوله " ربنا " فروع لهذه الدعوات الثلاث ، فإن استجيبت تلك حصلت إجابة هذه بالأولى ، فإن العفو أصل لعدم المؤاخذة ، والمغفرة أصل لرفع المشقة ، والرحمة أصل لعدم العقوبة الدنيوية والأخروية ، فلما كان تعميما بعد تخصيص كان كأنه دعاء واحد. ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا او اخطأنا.. أدعية ليلة النصف من شعبان. وقوله: أنت مولانا فصله لأنه كالعلة للدعوات الماضية ، أي: دعوناك ورجونا منك ذلك لأنك مولانا ، ومن شأن المولى الرفق بالمملوك ، وليكون هذا أيضا كالمقدمة للدعوة الآتية. [ ص: 142] وقوله: فانصرنا على القوم الكافرين جيء فيه بالفاء للتفريع عن كونه مولى ، لأن شأن المولى أن ينصر مولاه ، ومن هنا يظهر موقع التعجيب والتحسير في قول مرة بن عداء الفقعسي: رأيت موالي الألى يخذلونني على حدثان الدهر إذ يتقلب وفي التفريع بالفاء إيذان بتأكيد طلب إجابة الدعاء بالنصر ، لأنهم جعلوه مرتبا على وصف محقق ، وهو ولاية الله تعالى المؤمنين ، قال تعالى: الله ولي الذين آمنوا وفي حديث يوم أحد لما قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم.

  1. ربنا لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا
  2. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
  3. ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأ

ربنا لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا

فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط ، فهو ترك منه لما أمر بفعله. فذلك الذي يرغب العبد إلى الله - عز وجل - في تركه مؤاخذته به ، وهو " النسيان " الذي عاقب الله - عز وجل - به آدم صلوات الله عليه فأخرجه من الجنة ، فقال في ذلك: ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) [ سورة طه: 115] ، وهو " النسيان " الذي قال - جل ثناؤه -: ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) [ سورة الأعراف: 51]. فرغبة العبد إلى الله - عز وجل - بقوله: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فيما كان من نسيان منه لما أمر بفعله على هذا الوجه الذي وصفنا ، ما لم يكن تركه ما ترك من ذلك تفريطا منه فيه وتضييعا كفرا بالله - عز وجل -. اعراب جملة ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا - إسألنا. فإن ذلك إذا كان كفرا بالله ، فإن الرغبة إلى الله في تركه المؤاخذة به غير جائزة ، لأن الله - عز وجل - قد أخبر عباده أنه لا يغفر لهم الشرك به ، فمسألته فعل ما قد أعلمهم أنه لا يفعله خطأ. وإنما تكون مسألته المغفرة فيما كان من مثل نسيانه القرآن بعد حفظه بتشاغله عنه وعن قراءته ، ومثل نسيانه صلاة أو صياما باشتغاله عنهما بغيرهما حتى ضيعهما. وأما الذي العبد به غير مؤاخذ لعجز بنيته عن حفظه ، وقلة احتمال عقله ما وكل بمراعاته ، فإن ذلك من العبد غير معصية ، وهو به غير آثم ، فذلك الذي لا وجه لمسألة العبد ربه أن يغفره له ، لأنه مسألة منه له أن يغفر له ما ليس له بذنب ، وذلك مثل الأمر يغلب عليه وهو حريص على تذكره وحفظه ، كالرجل [ ص: 134] يحرص على حفظ القرآن بجد منه فيقرأه ، ثم ينساه بغير تشاغل منه بغيره عنه ، ولكن بعجز بنيته عن حفظه ، وقلة احتمال عقله ذكر ما أودع قلبه منه ، وما أشبه ذلك من النسيان ، فإن ذلك مما لا تجوز مسألة الرب مغفرته ، لأنه لا ذنب للعبد فيه فيغفر له باكتسابه.

الخطبة الأولى: الحمد لله ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الكريم, وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعدُ: خَلَقَ اللهُ الناسَ, وجعلَ في طبعِهم النِّسيان, فصحَّ عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-؛ أنه قال: "إِنَّمَا سُمِيَّ الْإِنْسَانُ إِنْسَانًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ". فالنِّسيان: ضِدُّ الذِّكْر والحِفْظ. وهو سهوٌ حادِثٌ بعد حصول العلم. ربنا لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا. قال ابن عاشور -رحمه الله-: " النِّسْيَانُ: عَدَمُ خُطُورِ الْمَعْلُومِ السَّابِقِ فِي حَافِظَةِ الْإِنْسَانِ بُرْهَةً أَوْ زَمَانًا طَوِيلًا ". واللهُ -تعالى- نزَّه نفسَه عن النِّسيان؛ لأنه صِفَةُ نقصٍ, قال -تعالى-: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[مريم: 64]؛ وقال موسى -عليه السلام-: ( لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى)[طه: 52]. وأمَّا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فيَعْتَرِيه ما يعْتَرِي البَشَرَ من النِّسيان وعدمِ التَّذَكُّر؛ يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ, أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ "(رواه البخاري). وقد زعم بعضُ الصُّوفية: أنه لا يَقع منه -صلى الله عليه وسلم- نِسيانٌ أصلاً, وإنما يقع منه صُورتُه لِيَسُنَّ للناس أمْرَ دينهم.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا

﴿ ربَّنا لا تُؤاخذنا إنْ نَسِينا ﴾ الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ: فخَلَقَ اللهُ الناسَ، وجعلَ في طبعِهم النِّسيان، فصحَّ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما؛ أنه قال: (إِنَّمَا سُمِيَّ الْإِنْسَانُ إِنْسَانًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ). فالنِّسيان: ضِدُّ الذِّكْر والحِفْظ. وهو سهوٌ حادِثٌ بعد حصول العلم. قال ابن عاشور رحمه الله: (النِّسْيَانُ: عَدَمُ خُطُورِ الْمَعْلُومِ السَّابِقِ فِي حَافِظَةِ الْإِنْسَانِ بُرْهَةً أَوْ زَمَانًا طَوِيلًا). ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. واللهُ تعالى نزَّه نفسَه عن النِّسيان؛ لأنه صِفَةُ نقصٍ، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]؛ وقال موسى عليه السلام: ﴿ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ﴾ [طه: 52]. وأمَّا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيَعْتَرِيه ما يعْتَرِي البَشَرَ من النِّسيان وعدمِ التَّذَكُّر؛ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» رواه البخاري. وقد زعم بعضُ الصُّوفية: أنه لا يَقع منه صلى الله عليه وسلم نِسيانٌ أصلًا، وإنما يقع منه صُورتُه لِيَسُنَّ للناس أمْرَ دينهم!

وفي رواية: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ» صحيح - رواه ابن ماجه. والمؤمن الحقُّ يَذْكُر ذُنوبَه, ويتوب منها, ويَذْكُر حُقوقَ الناس فيؤديها, وأمَّا الظالِمُ لنفسِه فإنه ينسى الذنوبَ, ويُضَيِّعُ الحقوقَ؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [الكهف: 57]. لذا كان النِّسيانُ من أسباب ضياع الحقوق, وقد أمَرَ اللهُ تعالى بكتابة الحقوق, والإشهاد عليها؛ خشيةَ النِّسيان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ... وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا "- الجزء رقم6. وأيضاً أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بكتابة العِلم؛ خشيةَ نِسْيانه؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ» صحيح – رواه الحاكم والطبراني. ومن النِّسيان الجِبِلِّي الذي وقَعَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم نِسيانُه لبعضِ آياتٍ من القرآن؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ, فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ؛ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً, كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه البخاري.

ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأ

واختلف القائلون بجوازه هل وقع في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أو لا ؟ فقال فرقة: وقع في نازلة أبي لهب ؛ لأنه كلفه بالإيمان بجملة الشريعة ، ومن جملتها أنه لا يؤمن ؛ لأنه حكم عليه بتب اليدين وصلي النار وذلك مؤذن بأنه لا يؤمن ، فقد كلفه بأن يؤمن بأنه لا يؤمن. وقالت فرقة: لم يقع قط. وقد حكي الإجماع على ذلك. وقوله تعالى: سيصلى نارا معناه إن وافى ، حكاه ابن عطية. و ( يكلف) يتعدى إلى مفعولين أحدهما محذوف ، تقديره عبادة أو شيئا. فالله سبحانه بلطفه وإنعامه علينا - وإن كان قد كلفنا بما يشق ويثقل كثبوت الواحد للعشرة ، وهجرة الإنسان وخروجه من وطنه ومفارقة أهله ووطنه وعادته - لكنه لم يكلفنا بالمشقات المثقلة ولا بالأمور المؤلمة ، كما كلف من قبلنا بقتل أنفسهم وقرض موضع البول من ثيابهم وجلودهم ، بل سهل ورفق ووضع عنا الإصر والأغلال التي وضعها على من كان قبلنا. ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأ. فلله الحمد والمنة ، والفضل والنعمة. - قوله تعالى: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت يريد من الحسنات والسيئات قاله السدي. وجماعة المفسرين لا خلاف بينهم في ذلك ، قاله ابن عطية. وهو مثل قوله: ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا تكسب كل نفس إلا عليها. والخواطر ونحوها ليست من كسب الإنسان.

اللهم صلي على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد. اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أغِثْنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو؛ فاعفُ عني. اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين يا رب، لا غنَى لنا عن بركتك. اللهم أحيِني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا. اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم.