كتاب سيكولوجية الجماهير

مارست الدول الاشتراكية نوعاً مفرطاً من استخدام الثقافة الجماهيرية على مواطنيها، بحيث اعتبرت خضوعهم لاستقبال هذه الثقافة سواء من وسائل الإعلام أو المناهج الدراسية بمثابة أحد شروط المواطنة الصالحة. يمكن أن تتعدى الثقافة الجماهيرية حدود دولة معينة، بحيث تصبح رسالة تحمل دولة تدعى لنفسها سبقاً حضارياً، أو مسؤولية تجاه الإنسانية، كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها لنشر قيم الديمقراطية والليبرالية على اعتبار أنها الحلول المتفردة لمختلف المشكلات الإنسانية وتوظف منم أجل تحقيق ذلك تمويلاً لبرامج كثيرة في معظم دول العالم، وهو الدور الذي لعبه الاتحاد السوفياتي سابقاً، إذ كان يدعم نشر الفكر الشيوعي حول العالم من خلال توفيره للمنح الدراسية للطلبة من الدول الفقيرة وتزويده لمختلف الدول بمطبوعات زهيدة التكلفة لترويج أفكار الشيوعية ومبادئها. سيكولوجية الجماهير - دار المعرفه للنشر والتوزيع. مصادر موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الثالثة، الجزء الأول ص 845. المصدر:

سيكولوجية الجماهير - دار المعرفه للنشر والتوزيع

The type of hero dear to a crowd will always have the semblance of a Caesar, His insignia attract them, His authority overawes them, and his sword instils them with fear. " "لنخشى إذن جبروت الجماهير و لكن لنخشى أكثر جبروت بعض الزمر و تحكمهم فينا. فالبعض قد يمكن إقناعهم و أما الآخرون فلا يحيدون عن موقفهم أبداً" "بما أن الجمهور لا يشك لحظه واحده فيما يعتقده الحقيقة أو الخطأ, و بما أنه واع كل الوعي بحجم قوته فإن إستبداده يبدو بحجم تعصبه. و إذا كان الفرد يقبل الاعتراض و المناقشه, فإن الجمهور لا يتحملها أبدأ. و في الاجتماعات العامه نلاحظ أن أقل اعتراض يصدر عن خطيب ما سرعان ما يقابل بالصياح و الغضب و التائم العنيفه, ثم بالضرب و الطرد إذا ما أصر هذا الخطيب على موقفه. " "الحدث الأكثر بساطة يتحول إلى حدث آخر مشوه بمجرد أن يراه الجمهور. " "بدلاً من تحضير رجال المستقبل لمواجهة الحياه فإن المدرسة لا تحضرهم إلا للوظائف العامه حيث لا يتطلب النجاح أي جهد شخصي أو مبادره ذاتيه من طرف الطالب. الجزيرة الوثائقية | وراء كل صورة حكاية. فهو يخلق في أسفل السلم الإجتماعي جيوشاً من البروليتاريين الناقمين على وضعهم و المستعدين دائماً للتمرد" "ليست الوقائع بحد ذاتها من يؤثر على المخيلة الشعبية وإنما طريقة عرضها بحد ذاتها.

الجزيرة الوثائقية | وراء كل صورة حكاية

ثم إن الأفعال السلبية من قتل وحرق وتدمير التي تسيطر على مشاعر الجمهور يستطيع القائد أن يحولها باتجاه إيجابي في التضحية والتفاني والتعاون الخلاق؛ لذا نرى الاندفاعات القوية نحو الهلاك في بؤر الموت خاصة من قبل الشباب الذي يتناسى ذاته في هذه اللحظات، ويندفع بقوة نحو الخطر مع معرفته مسبقا أنه سيموت..! الجمهور النفسي في الجمهور النفسي يصبح الفرد أشبه بالمنوّم مغناطيسيا، أسيرا لكل فعالياته اللاواعية، عقله بيد قائد المسيرة أو من يعتلي المنصة، وعادة ما تطغى هنا العاطفة الدينية التي يستغلها القائد لهذه الجماهير وهي تطيعه طاعة عمياء بلا نقاش. فالإنسان ــ وفقا لجوستاف لوبون ــ لا يكون متدينا فقط عن طريق عبادة آلهة معينة؛ بل أيضا عندما يضع كل طاقاته الروحية وكل خضوع إرادته، وكل تأجج تعصبه في خدمة قضية ما أو شخص مرفوع إلى مستوى البطولة أو الزعامة. من هنا تبدو لهذا الجمهور أن كل معتقداته حقائق مطلقة غير قابلة للتجزئة أو للتعاطي معها إلا كليا، فالعقل هنا غائب وأي نقاش مع الجمهور تُعتبر حالة من الحمق، فلا نقاش أو اعتراض عليه أبدا. ومن يعترض أو يحاول رد فكرة ما صدرت عن الجمهور سرعان ما يشغب عليه الحاضرون ويطردونه فورا.

وإذا كان المسار الذي بلوره صاحب «حضارة العرب» (1884) يقتضي تعرية الجمهور، وتفكيك متخيله، فثمة ثنائية متناقضة تتحكم به هي الهدم والبناء. ورغم أن بعض الأفكار التي تطرق إليها لو بون، كأحد مؤسسي علم نفس الجماهير تخطاها الزمن، وما عادت من الركائز التي ترصد الجماعات البشرية ــــ أقله في المجال الأوروبي الذي تحول من كتل بشرية دهماوية إلى مجموعة من الأفراد المدركين لحقوقهم وواجباتهم، تحت راية العقد الاجتماعي ـــ فإن ذلك لا يمنع تطبيق تخريجات لو بون على جمهور العالم الثالث، وتحديداً العالم العربي؛ إذ يبدو أنه على خطى التحرر من عصر الجماهير إلى حقبة الفاعل الرقمي. على المستوى الدلالي، ثمة اختلاف طفيف بين الجمهور والشعب. الأول يشير إلى الجمع البشري، الكامن، وغير المنتظم، الموسوم بالسواد لعدم وضوح هويته الفكرية وشخصيته السياسية... والثاني يدل على مجموعة القبائل والبطون والفروع، ما يعني التفريع والتقسيم. وهذه الخاصية لا تقتصر على لسان العرب، بل لها تمثلاتها في الوعي الغربي، قبل القرن الثامن عشر الذي شهد كبرى الثورات، ونعني الثورة الفرنسية عام 1789. وبصرف النظر عن راهنية النظرية التي صاغها صاحب «الثورة الفرنسية وسيكولوجية الثورات»، بالنسبة إلى الدول المصنفة في دائرة العالم الأول، لا شك في أنّ أهمية أطروحة لو بون تصلح لتفكيك فوضى الجمهور في المجال العربي.