ياحي ياقيوم برحمتك استغيث

وهو (القيّوم)، وقلنا: إنَّ (القيوم) هو القائم بنفسه، القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم، فهو قائمٌ بنفسه، مُقيمٌ لغيره، لا قيامَ لهم إلا به، فلو تخلَّى عنه طرفةَ عينٍ لكان ذلك هلاكًا مُحقَّقًا لهم. فحينما يتوسّل الدَّاعي بهذين الاسمين، ويدعو بهما: يا حيّ، يا قيّوم، برحمتك أستغيث ففيه استغاثةٌ بالرحمة، وهي صفةٌ من صفات الله  ، وأوصافه تابعةٌ لذاته، فهي غير مخلوقةٍ، فيجوز الاستغاثة بالصِّفة، والاستعاذة بها: أعوذ بعظمتك، وأعوذ بنور وجهك، وأعوذ بعزَّة الله وقُدرته. هذا في الاستعاذة، لكن في السُّؤال والدُّعاء والطَّلب: لا يصحّ سؤال الصِّفة استقلالاً؛ لأنَّ الصِّفات مُلازمة للذات، فلا يقول: يا رحمةَ الله، ولا: يا عزةَ الله، أعزيني، ولا: يا قوّة الله، انصريني. يا حيّ يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تَكِلْنِي إلى نفسي طرفة عين»، و « اللهم إني ... - طريق الإسلام. وإنما يقول: يا الله، يا قوي، انصرني. فالصِّفة لا تُدْعَى، وإنما الذي يُدْعَى الموصوف، يُدْعَى بهذه الأسماء المتضمنة لهذه الأوصاف الكاملة في كل مقامٍ بما يُناسبه، وبما يصلح لمثله. فهنا يقول: يا حيّ، يا قيّوم، برحمتك أستغيث فهذه الرحمة صفةٌ ثابتةٌ لله -تبارك وتعالى-، وهي مُتعلَّق الاستغاثة هنا، ولا يكون ذلك بمخلوقٍ بحالٍ من الأحوال، فهو يتوسّل إلى الله -تبارك وتعالى- بحياته وقيّوميته، ويستغيث برحمته.

يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث

ولفظة فبعض الروايات ان تقولى اذا اصبحت و اذا امسيت. قال المنذرى ف"الترغيب و الترهيب" 1/313 اسنادة صحيح. وقال الشيخ الالبانى ف"السلسله الصحيحة" رقم/227 اسنادة حسن. وقد و رد ذلك الدعاء ، بلفظ مقارب للمذكور هنا ، من حديث ابي بكره رضى الله عنه ، ان النبى صلى الله عليه و سلم قال دعوات المكروب اللهم رحمتك ارجو فلا تكلنى الى نفسي طرفه عين اصلح لى شانى كله لا الة الا انت. (178) أذكار الصباح والمساء "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلا نفسي طرفة عين" - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. رواة احمد 27898 ، وابو داود 5090 ، وحسنة الالبانى فصحيح الجامع 3388. ثانيا هذا الدعاء من اعظم الادعية التي تتضمن تحقيق العبوديه لله رب العالمين ، وتتضمن التوسل الى الله تعالى باسمائة و صفاتة ، فهو سبحانة الحى القيوم ، الرحمن الرحيم ، والعبد يستمد العون و التاييد من قيوميتة عز و جل ، كما يستغيث برحمتة التي و سعت جميع شيء ، لعلة ينال منها ما يسعدة فدنياة و اخرتة. ثم يسال الله تعالى صلاح الامور و الاحوال ، فيقول اصلح لى شانى كله اي كل امرى فبيتي ، واهلى ، وجيرانى ، واصحابي ، وعملى ، ودراستى ، وفى نفسي ، وقلبي ، وصحتي…فى جميع شيء يتعلق بى ، اجعل يا رب الصلاح و العافيه حظي و نصيبى. وذلك كله من فضل الله سبحانة و تعالى ، وليس باستحقاق العبد و لا بجاهة ، و لذا جاء ختم الدعاء بالاعتراف بالفقر التام الية سبحانة ، والاستسلام الكامل لغناة عز و جل ، فيقول و لا تكلنى الى نفسي طرفه عين اي لا تتركنى لضعفى و عجزى لحظه واحده ، بل اصحبنى العافيه دائما ، واعنى بقوتك و قدرتك ، فان من توكل على الله كفاة ، ومن استعان بالله اعانة ، والعبد لا غني فيه عن الله طرفه عين.

اللهم ياحي ياقيوم برحمتك استغيث

وإذا أردتَ أن تعرف قدر طرفة العين هذه يمكن أن تنظر فقط في جانبٍ من الجوانب، وهي الجلطة، في لحظةٍ يتجمّد هذا الدَّم في عرقٍ، ثم بعد ذلك تتلاشى كلّ هذه القُدرات والإمكانات العقلية والبدنية، فيُصبح هذا الإنسان القوي المفتول العضلات الذي يهزّ الأرض إذا مشى، في لحظةٍ ينتهي كل شيءٍ، فالخلق ضُعفاء. إذًا لا ينبغي أن نلتفت إلى قوّتنا وقُدراتنا، لا قوةَ بدنية، ولا قُدرات عقلية، ولا ما يتَّصل بالعبادة، فيعتقد الإنسانُ أنَّه واثقٌ كل الثِّقة من عمله وعباداته، وأنَّ عنده من الصبر واليقين والثَّبات، وما إلى ذلك، ما لا يخاف عليه من الفتن مثلاً، فيتخلّى عن هذا كلِّه. يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث | عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ … | Flickr. فإذا كان يقول ذلك حينما يُصبح، وحينما يُمسي، فهنا لا يمكن للعبد أن يتسلل إلى قلبه العجبُ، ولا الغرور، ولا يمكن أن يتسلل إلى قلبه شيءٌ من الأدواء: كالالتفات إلى النَّفس، وقوَّتها، وقدرها، وإمكاناتها، وإنما يكون في غاية الإخبات لله  ، والتَّواضع للخلق؛ لأنَّه بهذه المثابة يستغيث برحمة الله صباح مساء: أن يُصلح له شأنه كلّه، وألا يكله إلى نفسه طرفةَ عينٍ. أسأل الله  أن يُصلح لنا شأننا كلّه، دقّه وجلّه، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، ولا أقلّ من ذلك.

أصلح لي شأني كلّه الإنسان إذا تُرِكَ وتخلَّى الله  عنه؛ بدأ التَّمزق ينتابه من كل ناحيةٍ، فتبدأ العلاقات تسوء مع الزوجة، ومع الأقارب، وتصير علاقته سيئةً مع إخوانه، ومع جيرانه وزُملائه في العمل، ومع مَن تحت يده، وما إلى ذلك، فتبدأ هذه العلاقات تتفكَّك؛ هنا مشكلة، وهنا مشكلة، وعلاقاته ومصالحه التِّجارية الوظيفية، وما إلى ذلك، فهو بحاجةٍ إلى مثل هذه الألطاف الربانية التي تصل إليه من طريق رحمة الله -تبارك وتعالى-. فالله هو الحيّ الذي يقوم بنفسه، ويُقيم هؤلاء الخلائق، ويقوم عليهم بأرزاقهم ومعايشهم، فالعبدُ لا يستغني عن ربِّه طرفةَ عينٍ، فهو بحاجةٍ إلى أن يُصلح له شأنه كلّه، فتصلح له أعماله، وأقواله، وعلائقه بربِّه وبالخلق. ولا تكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ ولاحظ هنا الخروج من الحول والطَّول والقوّة، والنَّظر إلى النَّفس، فمن الناس مَن يعتقد أنَّه يملك مهارات وقُدرات على التَّواصل والاتِّصال بالآخرين، وأنَّه يملك شخصيةً جاذبةً وقادرةً على تفكيك المشكلات وحلّها، وشخصية مُؤثّرة، فيعتقد أنَّه يستطيع الإقناع والتَّخلص من المواقف الصَّعبة، وأنه يملك مهارات، ولربما كان يُدرب الآخرين، ويُقدّم لهم الدَّورات في هذه الأشياء.