ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر

كثيراً ما يتسلل الشيطان إلى القلب المؤمن ليزرع فيه حزناً عميقاً و حسرة على ما يراه من تسارع الكثير ممن حوله في الوقوع في الكفر و محادة الله و عداوة أوليائه. كفراشات تسارع إلى النار فرحاً بنور الوهج و هي لا تدري لسع حرها. هنا خاطب ربنا نبيه صلى الله عليه و سلم و معه أصحاب القلوب المؤمنة الصافية قائلاً سبحانه: { وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالإيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران 176 - 177]. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 176. قال السعدي في تفسيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على الخلق، مجتهدا في هدايتهم، وكان يحزن إذا لم يهتدوا، قال الله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} من شدة رغبتهم فيه، وحرصهم عليه { إنهم لن يضروا الله شيئا} فالله ناصر دينه، ومؤيد رسوله، ومنفذ أمره من دونهم، فلا تبالهم ولا تحفل بهم، إنما يضرون ويسعون في ضرر أنفسهم، بفوات الإيمان في الدنيا ، وحصول العذاب الأليم في الأخرى، من هوانهم على الله وسقوطهم من عينه، وإرادته أن لا يجعل لهم نصيبا في الآخرة من ثوابه.

  1. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 176

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 176

وقال ابن عاشور: "وسبب نزول هذه الآية ما محصله: أن اليهود اختلفوا في حد الزاني حين زنى فيهم رجل بامرأة من أهل خيبر، أو أهل فدك". فحجة جمهور المفسرين على مذهبهم الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وآثار السلف من الصحابة والتابعين الدالة على هذا. ومحصل القول: أن سبب نزول هذه الآية حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وقد اجتمع في اعتباره سبباً لنزول هذه الآية أمور: 1- صحة إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. 2- موافقته للسياق القرآني. 3- اتفاق المفسرين على اختياره والقول بمقتضاه. 4- تصريحه بنزول الآيات الكريمة بسبب تلك القصة.

قال: فأنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، أهكذا تجدون حد الزنى فيكم؟ قال: لا ، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أحدثك ، ولكن الرجم ، ولكن كثر الزنا في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا: " تعالوا نجتمع فنضع شيئا مكان الرجم ، فيكون على الشريف والوضيع " ، فوضعنا التحميم والجلد مكان الرجم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أول من أحيي أمرك إذ أماتوه! فأمر به فرجم ، فأنزل الله: " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " الآية.