عالم الصفوة للعطور

وكان المتوقع أن يجهز على الجميع، فلا يشذ فى تصرفه عن مناخ زمانه، ولكنه دعا إلى حضرته نخبة من رجال القانون، وطالبهم بالتحقيق فيما نما إلى علمه، وقال لهم إنه يريد الحقيقة ليحكم بالعدل.. ذلك السلوك فى رأيى أعظم من بناء إمبراطورية وتشييد الأهرامات وأدل على تفوق الحضارة من أى أبهة أو ثراء، وقد زالت الإمبراطورية وأمست خبراً من أخبار الماضى، وسوف تتلاشى الأهرامات ذات يوم ولكن الحقيقة والعدل سيبقيان ما دام فى البشرية عقل يتطلع أو ضمير ينبض. عالم الصفوة للعطور و المكياج. وعن الحضارة الإسلامية فلن أحدثكم عن دعوتها إلى إقامة وحدة بشرية فى رحاب الخالق تنهض على الحرية والمساواة والتسامح، ولا عن عظمة رسولها، فمن مفكريكم من كرمه كأعظم رجل فى تاريخ البشرية، ولا عن فتوحاتها التى غرست آلاف المآذن الداعية للعبادة والتقوى والخير على امتداد أرض مترامية ما بين مشارف الهند والصين وحدود فرنسا. ولا عن المآخاة التى تحققت فى حضنها بين الأديان والعناصر فى تسامح لم تعرفه الإنسانية من قبل ولا من بعد، ولكنى سأقدمها فى موقف درامى- مؤثر- يلخص سمة من أبرز سماتها، ففى إحدى معاركها الظافرة مع الدولة البيزنطية ردت الأسرى فى مقابل عدد من كتب الفلسفة والطب والرياضة من التراث الإغريقى العتيد، وهى شهادة قيمة للروح الإنسانية فى طموحها إلى العلم والمعرفة، رغم أن الطالب يعتنق دينا سماويا والمطلوب ثمرة حضارة وثنية.

  1. عالم الصفوة للعطور السعوديه
  2. عالم الصفوة للعطور و المكياج
  3. عالم الصفوة للعطور السعودية

عالم الصفوة للعطور السعوديه

، وكان جاهلاً مقدامًا مدهورًا جسورًا على السلاطين؛ مرتكبًا للعظائم؛ يروم انقلاب الدول ويدعي عند أصحابه الألوهية، ويقول بالحلول ويُظهر مذاهب الشيعة للملوك، ومذاهب الصوفية للعامة. وفي تضاعيف ذلك يدعي أن الألوهية قد حلت فيه، وأنه هو هو، وقد قيل أنه ينتمي إلى إحدى الفرق الشيعية التي دعت إلى الرضا من آل محمد". وما يُعنينا هنا من صورة "الحلاج" التاريخية؛ هو إرتباطه بقبيلة كانت حليفًا سياسيًا لـ"الانتفاضة الزيدية"؛ التي أثارها "الزنج"، وهذا الإرتباط كان مصدره الأفكار التي أشيعت عنه بأنه نزاع إلى الثورة ومتآمر شيعي – على ما يقول "ماسينيون"؛ فى مقاله: "المنحنى الشخصي لحياة الحلاج". عالم الصفوة للعطور السعوديه. كما يمكن أن نُلاحظ أن "الحلاج" قد أختار الرحيل إلى "مكة"؛ في الوقت الذي قُضى فيه على "ثورة الزنج"؛ بزعامة "علي بن محمد" – وكأنه صدى لثورة مهزومة لا ميلاد ثورة – وذلك بعد أن أصابه اليأس فيما يبدو من أشكال الانتفاض العنيف، فعاد يدعو إلى الفناء والتلاشي في الذات الإلهية… مختارًا أسلوبًا سلميًا للدعوة إلى التغيير، حتى نبذ خرقة الصوفية ليُهب ذاته لأبناء الدنيا، وداعيًا لتأليه الإنسان بتبنية لنظرية الإتحاد. ومأساة "الحلاج" ليست في إستشهاده أو في عجزه عن إتخاذ قرار بالهرب من السجن، وإنما مأساته في عجزه الفادح عن تحويل الكلمة إلى فعل، أي الصراع بين القضية الضرورية تاريخيًا وبين الإستحالة العملية لتحقيقها – وعلى صليب هذا الصراع يتمزق "الحلاج"؛ حتى قبل أن يُصلب فعلاً عبر شكوكه.

أكرر الشكر وأسألكم العفو».

عالم الصفوة للعطور و المكياج

الإثنين 25/أبريل/2022 - 01:56 م نجيب محفوظ حصل الأديب نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1988، وكتب كلمة يلقيها محمد سلماوي في حفل الجائزة. وفوجئ ابنتي الأديب الكبير والأديب محمد سلماوي بأن لجنة جائزة نوبل تطلب تعديلا في الكلمة، فتصوروا أن الأسباب السياسية هي التي دفعتهم لطلب ذلك، وكان التغيير، إن نجيب محفوظ وجه الشكر في مقدمة كلمته إلى لجنة جائزة نوبل، وهي لجنة تنفيذية، بينما من المفترض أن يوجه الشكر لأعضاء مجلس الأكاديمية السويدية، ووافق "سلماوي" على هذا التغيير. وكان نص الكلمة كالآتي: « سيداتى سادتى.. «طلب إجراء تعديلات».. كواليس خطاب نوبل الذي كتبه نجيب محفوظ. فى البدء أشكر الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل التابعة لها على التفاتها الكريم لاجتهادى المثابر الطويل، وأرجو أن تتقبلوا بسعة صدر حديثى إليكم بلغة غير معروفة لدى الكثيرين منكم، ولكنها هى الفائز الحقيقى بالجائزة، فمن الواجب أن تسبح أنغامها فى واحتكم الحضارية لأول مرة.. وإنى كبير الأمل ألا تكون المرة الأخيرة، وأن يسعد الأدباء من قومى بالجلوس بكل جدارة بين أدبائكم العالميين الذين نشروا أريج البهجة والحكمة فى دنيانا المليئة بالشجن". سادتى.. أخبرنى مندوب جريدة أجنبية فى القاهرة بأن لحظة إعلان اسمى مقرونا بالجائزة سادها الصمت، وتساءل كثيرون عمن أكون، فاسمحوا لى أن أقدم لكم نفسى بالموضوعية التى تتيحها الطبيعة البشرية.. أنا ابن حضارتين تزوجتا فى عصر من عصور التاريخ زواجا موفقًا، أولهما عمرها سبعة آلاف سنة، وهى الحضارة الفرعونية، وثانيهما عمرها ألف وأربعمائة سنة، وهى الحضارة الإسلامية، ولعلى لست فى حاجة إلى التعريف بأى من الحضارتين لأحد منكم، وأنتم من أهل الصفوة والعلم، ولكن لا بأس من التذكير ونحن فى مقام النجوى والتعارف.

أجل كيف وجد الرجل القادم من العالم الثالث فراغ البال ليكتب قصصا؟ ولكن من حسن الحظ أن الفن كريم عطوف، وكما أنه يعايش السعداء فإنه لا يتخلى عن التعساء، ويهب كل فريق وسيلة مناسبة للتعبير عما يجيش به صدره. وفى هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ الحضارة لا يعقل ولا يقبل أن نتلاشى آنات البشر فى الفراغ.. لا شك أن الإنسانية قد بلغت على الأقل سن الرشد، وزماننا يبشر بالوفاق بين العمالقة ويتصدى العقل للقضاء على جميع عوامل الفناء والخراب. وكما ينشط العلماء لتطهير البيئة من التلوث الصناعى، فعلى المثقفين أن ينشطوا لتطهير البشرية من التلوث الأخلاقى، فمن حقنا وواجبنا أن نطالب القادة الكبار فى دول الحضارة، كما نطالب رجال اقتصادها، بوثبة حقيقية تضعهم فى بؤرة العصر.. عالم الصفوة للعطور السعودية. قديما كان كل قائد يعمل لخير أمته وحدها، معتبرا بقية الأمم خصوماً أو مواقع للاستغلال. دونما أى اكتراث لقيمة غير قيمة التفوق والمجد الذاتى، وفى سبيل ذلك أهدرت أخلاق ومبادئ وقيم، وبرزت وسائل غير لائقة، وازهقت أرواح لا تحصى، فكان الكذب والمكر والغدر والقسوة من آيات الفطنة ودلائل العظمة.. اليوم يجب أنت تتغير الرؤية من جذورها.. اليوم يجب أن تقاس عظمة القائد المتحضر بمقدار شمول نظرته وشعوره بمسئولية نحو البشرية جميعاً.. وما العالم المتقدم والثالث إلا أسرة واحدة، يتحمل كل إنسان مسئوليته نحوها بنسبة ما حصل من علم وحكمة وحضارة.

عالم الصفوة للعطور السعودية

ويدعو "الحلاج" إلى التشبه بصفات الله؛ (رغم أنه لا يتشبه به). الله قوى يا أبناء الله كونوا مثله الله فعول يا أبناء الله كونوا مثله. أما "الشبلي" فهو ممثل الخلاص الروحي الفردي، والإدانة السلبية ويُمثل إمتدادًا للصوفي؛ "بشر الحافي"، في مجموعة "صلاح عبدالصبور" الثالثة. فيكفي الكلمة أن تتردد في دهاليز الروح الداخلية، حيث التحديق للشمس، والنظر للنور الباطن، وتنمو في ركود مستنقعات هذه الدهاليز، أشجار وثمار وشموس خضراء وأقمار… لا شك أنها جميعًا عقيمة وباهتة. وتُعمى عينا "الشبلي" عن الواقع؛ وقد سملتها هذه النزعة الروحية، فحين يسأله "الحلاج" من ذا صنع الفقر، وصنع القيود، والسياط، والإستعباد، فيجيب؛ من صنع الداء والموت والعلة… وكأن الداء والموت والعلة مثل القيود والسياط والعبودية، آفات طبيعية، وشرور كونية، وقوانين طبيعية لا اجتماعية، لا دخل لإرادة الإنسان فيها. Alam Alsafwah | عالم الصفوة. وهنا نرى "الشبلي" وكأنه يُبرر باسم عالمه الداخلي المزيف والوهمي كل شرور الواقع التي تنبع من وضع إجتماعي، ولا صلة لها من قريب أو بعيد بتلك الأدواء الخالدة الأزلية. وما دامت تلك شرور كونية فلابد أن نكون جبريين وأن نقبل في رضى – وهو أحد مقامات الصوفية بالمناسبة – كل ما تأتي به، دون تململ، ودون إحتجاج، فالدنيا عند "الشبلي" في خير ما دام في خير!.

مخلط منيرة