الضلم ضلمات يوم القيامة

- اتَّقُوا الظُّلمَ ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ ، واتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم ، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم ، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم الراوي: جابر بن عبدالله | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم: 373 | خلاصة حكم المحدث: صحيح | التخريج: أخرجه مسلم (2578) اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ. جابر بن عبدالله | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2578 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] يَنْهَى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنْ مَساوِئِ الأخلاقِ، ومنها- كما في هذا الحديثِ-: الظُّلمُ؛ فَيأمُرُ المسلمينَ بِالحذَرِ مِنه وَالابتعادِ عنه؛ فَإِنَّه ظلماتٌ يومَ القيامةِ على صاحبِه لا يَهتدِي بِسببِها. ومنها: الشُّحُّ، وهو البُخْلُ بِأداءِ الحقوقِ والحرصُ على ما ليس له؛ فَيأمُرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالحذرِ منه وَالابتعادِ عنه؛ فإنَّه أهلكَ مَن كان قبْلَكم؛ فَداؤُه قديمٌ وبَلاؤُه عظيمٌ، حمَلَهم على أنْ سفَكُوا دِماءَهم واستحَلُّوا محارِمَهم، قيل: إنَّما كان الشُّحُّ سببًا لِذلكَ؛ لأنَّ في بذْلِ المالِ ومُواساةِ الإخوانِ التَّحابَّ والتَّواصلَ، وفي الإمساكِ والشُّحِ التَّهاجُرَ والتَّقاطُعَ، وذلك يُؤدِّي إلى التَّشاجُرِ والتَّعادِي مِن سفْكِ الدِّماءِ واستباحةِ المحارمِ مِنَ الفُروجِ والأعراضِ وفي الأموالِ وغيرِها.

الضلم ضلمات يوم القيامه - نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

إن المتابع والسامع، أو من يبتلي بأسئلة الناس؛ ليوقن عظيم غفلة كثيرٍ من الناس عن خطورة الظلم، وعن سوء عاقبة صاحبه في الدنيا قبل الآخرة. كم من الأيتام الذين أُكلتْ أموالهُم ظلماً مع شدة الوعيد الوارد في حق أكل أموالهم بغير حق: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"[النساء:10]! كم امتلأتْ أدراجُ المحاكم بمعاملات تتعلق بالسطو على الأراضي! ألم يسمع هؤلاء قولَه صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنهما -:"من أخذ شبراً من الأرض ظلماً؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين"؟! هذه عقوبة مَن أخذ شبراً فقط، فما الظن بمن يسطو على ما هو أكثر من ذلك؟! إن هذه القاعدة النبوية الجليلة: "الظلم ظلمات يوم القيامة" لا تستثني أحداً من الناس، ويعظم الوعيد ويشتد على من استغل قوتَه أو مكانتَه أو سلطتَه في ظلم العباد، وانظر كيف كانت نهاية فرعون حين تجبر وطغى "فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ"[يونس: 39]، ولمّا ذكر اللهُ قصةَ ثمود وما حلّ بهم، قال تعالى:"فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"[النمل: 52]، فظلم العباد من أسرع موجبات الهلاك والخراب للأمم والمجتمعات، وفي التاريخ عبرة.

إمهال لا إهمال وقد يظن الظان أن الله غافل عنه، لطول إمهاله له، ولكن حكمة الله تعالى اقتضت أن يملي للظالمين ولا يهملهم، فإمهال الظالم زيادة في استدراجه ليزداد عقابه. قال تعالى ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء (إبراهيم: 42 43). وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ قوله تعالى: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد (رواه الشيخان والترمذي). قال شريح: سيعلم الظالمون حق من انتقصوا إن الظالم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب. فلتحذر أيها الظالم عداوة من ينام وطرفه باكٍ، يقلب وجهه في السماء، يرمي سهاما ما لها غرض ولا هدف سوى الأحشاء منك. وليعتبر الظالمون بالجبابرة الذين أذاقهم الله الذل بعد عز، والفقر بعد غنى، والوحشة بعد اجتماع، والمهانة بعد كبرياء، وأنزلهم دركات بعد علياء، وألبسهم لباس الخوف والجوع والفقر بما كانوا يفعلون في عباد الله ظلما وطغيانا، والأحداث المشاهدة في حاضرنا خير دليل، ولكن أين من يعتبر فيقلع عن ظلمه، ويتصالح مع خصومه، ويرد الحقوق إلى أصحابها؟ قال صلى الله عليه وسلم: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.