معنى قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ...)

وفي رواية: «فأوحي الله تعالى إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقرَّبي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له». لا يحوجنا إلى المشي الكثير نعم، أخي ، إن ربك ينتظر منك أي بادرة صادقة في العودة إليه، ليقترب منك ويقترب، ولا يحوجك إلى المشي الكثير، كما في الحديث القدسي: «.. ومن تقرب مني شبرًا، تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، …»([2]). يعلق الإمام النووي على هذا الحديث فيقول: أي من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي، وإن زاد عبدي زدت، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة، وسبقته بها، ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود ([3]). فهل توافقنى -أخى- أن هذا الحديث وغيره مما سبق ذكره يدل على شدة شوقه سبحانه لعودة عبادة إليه، وأنه أشد شوقا لهذه العودة من العبادة أنفسهم؟! ولو كُشفت الحُجُب، وتأكد الشاردون عن الله من هذه الحقيقة لماتوا خجلا منه سبحانه. بابه مفتوح للجميع: أخي.. معنى قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ...). ما تعليقك على قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها»([4])؟ ألا يكفيك دليلا على حب ربك لك أن جعل بابه مفتوحًا أمامك ليل نهار، وبدون وجود حاجب ولا واسطة، فمتى شئت، ومتى رغبت في الدخول عليه دخلت؟!

تفسير وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ.. - إسلام ويب - مركز الفتوى

كل منا بحاجة لتجديد التوبة مليًّا، توبة يستذكر فيها العبدُ ماضِيَهُ، ويضع أعماله في ميزان المحاسبة، فيُبصر حينها ذنوبًا سوَّلها الشيطانُ، وخطيئاتٍ زيَّنتها النفس الأمَّارة، فيورثه ذلك ندمًا على ما فات، ومجافاة للذنب فيما هو آتٍ. وإذا اجتمع للعبد توبة نصوحٌ، مع أعمال صالحة في أزمنة فاضلة فهذا -والله- علامة التوفيق وعنوان الفَلاح، ( فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ)[الْقَصَصِ: 67]. يَا رَبِّ، إِنِّي مُذنِـبٌ *** يرجُـوكَ عطفَـكَ، يَا إِلهْ يَا رَبِّ، فـاغفِـرْ زَلَّتِي *** يَا مَـنْ لَهُ، تـُحنَى الجِـباهْ إِنِّي أتـيتُـكَ طـائِـعـًا *** يَا مَن عَفَوتَ عنِ العُصاهْ إِنِّي أتـيتُـكَ طـائِـعـًا *** فبِعَـطفِكُم تـحلُـو الـحياهْ إنِّي لأَرجــو رَحـمـةً *** تـُهـدى إلـيَّ مِـنَ الإلــهْ ما خابَ مَن طلبَ الهُدى ** ما خاب مَن يرجُو رِضاهْ ما خابَ عبدٌ يَشتكي *** أو خـابَ عبـدٌ في حِـمـاهْ يا رَبِّ، فاقبَلْ تَوبَتِي *** واقبَـلْ صِيامِـي والصَّـلاهْ اللهم صلِّ على محمد...

معنى قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ...)

و الله يريد أن يتوب عليكم ( سورة النساء) صوت هادئ و مريح - YouTube

بلا شك- أخي القارئ- أن هناك دروسًا كثيرة تحملها هذه القصة، لعل من أهمها أن الله عز وجل عندما وجد من الكفل هذه التوبة الصادقة، وهذا الندم، أمر ملك الموت بأن يأخذه على هذا الحال لُينهي حياته نهاية سعيدة، فربما- كما في علم الله- أنه إذا ما استمرت حياته لعاد مرة أخرى لغيه وعصيانه. ومن هذه الدروس كذلك معرفة مدى حب الله العظيم لعباده فكتابة العبارة على الباب ما هي إلا رسالة للناس جميعًا بأن رحمة الله واسعة.. تسع الجميع، فلا ينبغي لمذنب مهما كان جُرمه أن ييأس أو يقنط من بلوغها، والدليل أن الكفل قد غُفرَ له.. إنها رسالة تقول لكل فرد: أقبل ولا تخف، فربك ينتظرك. وكيف لا يكون الأمر كذلك، والله عز وجل يحب عباده جميعًا، ويريد لهم الخير، ودخول الجنة، وينتظر من أي منهم التفاتة صادقة إليه ليقبل عليه، ويعفو عما مضى منه. ومما يؤكد هذا المعنى ما حدث لقاتل المئة نفس: قال صلى الله عليه وسلم: « كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فَدُلَّ على راهب، فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا.