جويريه بنت الحارث

الخطبة الثانية الحمد لله ربّ العالمين على نعمة الإسلام ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ﴾ وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحد الديان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه ربه رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحابته الأخيار، وأمهات المؤمنين الأطهار، ومن تبعهم بإحسان. أما بعد: عباد الله كان لزواج جويرية رضي الله عنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأثر الكبير في تربيتها وعبادتها، كانت رضي الله عنها امرأة تكثر من العبادة والذكر ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ)).
  1. أم المؤمنين جويرية بنت الحارث

أم المؤمنين جويرية بنت الحارث

وهكذا وبسبعة أحاديث شريفة خلدت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها اسمها في عالم الرواية، لتضيف إلى شرف صحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم وأمومتها للمسلمين، تبليغها الأمة سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، ما تيسر لها ذلك. ومن الأحاديث التي أخرجها الإمام البخاريُ رحمه الله عن قتادة عن أيوب عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة فقال: " أصمت أمس" ؟ قالت: لا ، قال: "تريدين أن تصومي غدا"؟ قالت: لا، قال: "فأفطري"، وهذا يدل على كراهية تخصيص يوم الجمعة بالصوم والنهي عن صيامه. لقاء الله (وفاتها) عاشت السيدة جويرية بعد رسول الله راضية مرضية، وامتدت حياتها إلى خلافة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. وتوفيت أم المؤمنين في شهر ربيع الأول من السنة الخمسين للهجرة النبوية الشريفة، وشيع جثمانها في البقيع وصلى عليها مروان بن الحكم.

هي السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها وهي زوجة من زوجات الرسول صلّ الله عليه وسلم ، عرفت بكثرة التسبيح وحرصها على العبادات وكانت فاعلة للخير. نسبها: كان اسمها برة وكانت ابنة للصحابي الجليل الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن المصطلق بن سعيد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن خزاعة ، وقد كان ابيها سيد بني المصطلق. ولدت السيدة جويرية قبل البعثة بثلاثة أعوام ، وتزوجت من ابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر والذي توفى في غزوة بني المصطلق ، وفي هذه الغزوة أخذت جويرية من ضمن السبيا ووقعت في سهم لثابت بن قيس بن الشماس ، وكانت جميلة ولا يراها أحد إلا وأثرت في نفسه. ذهبت السيدة جويرية إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وقتها وقالت له: يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك استعينك على كتابتي ، فقال لها رسول الله صّل الله عليه وسلم: فهل لك في خير من ذلك ، فقالت: وما هو يا رسول الله ، فقال: أقضي عنك كتابتك وأتزوجك ، فقالت: نعم يا رسول الله ، فقال: لقد فعلت. وبعدها انتشر الخبر وسط الجميع أن رسول الله صّل الله عليه وسلم تزوج من السيدة جويرية وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: لقد أعتق بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.