من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب

وإضافةً إلى كلّ ذلك فإنّه (لدينا مزيد) من النعم التي لم تخطر ببال أحد. ولا يمكن أن يتصوّر تعبير أبلغ من هذا التعبير وأوقع منه في النفس، إذ يقول القرآن أوّلا: (لهم ما يشاءون فيها) على سعة معنى العبارة وما تحمله من مفهوم إذ لا إستثناء فيها، ثمّ يضاف عليها المزيد من قبل الله ما لم يخطر بقلب أحد، حيث أنّ الله الذي أنعم على المتّقين فشملهم بألطافه الخاصّة وهم يتنعمّون فيها، وهكذا فإنّ نعم الجنّة ومواهبها ذات أبعاد واسعة لا يمكن أن توصف بأيّ بيان. من خشي الرحمن بالغيب | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -. كما يستفاد من هذا التعبير ضمناً أنّه لا مقايسة بين أعمال المؤمنين وثواب الله، بل هو أعلى وأسمى منها كثيراً، والجميع في يوم القيامة يواجهون فضله أو عدله! ونجازى بعدله! وبعد الإنتهاء من بيان الحديث حول أهل الجنّة وأهل النار ودرجاتهما، فإنّ القرآن يلفت أنظار المجرمين للعبرة والإستنتاج فيقول: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشدّ منهم بطشاً فنقّبوا في البلاد) فكانت تلك الأقوام أقوى من هؤلاء وكانوا يفتحون البلدان ويتسلّطون عليها، إلاّ أنّهم وبسبب كفرهم وظلمهم أهلكناهم.. فهل وجدوا منفذاً ومخرجاً للخلاص من الموت والعذاب الإلهي (هل من محيص)؟! "القرن" و "الإقتران" في الأصل هو "القرب" أو "الإقتراب" ما بين الشيئين أو الأشياء، ويطلق لفظ "القرن" على الجماعة المتزامنة في فترة واحدة، ويجمع على "قرون" ثمّ أطلق هذا اللفظ على فترة من الزمن حيث يطلق على ثلاثين سنة أحياناً كما يطلق على مئة سنة أيضاً، فإهلاك القرون معناه إهلاك الاُمم السابقة.

  1. خطبة عن ( الخوف والخشية من الله وعلاماتها) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
  2. من خشي الرحمن بالغيب | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -

خطبة عن ( الخوف والخشية من الله وعلاماتها) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم

لذا حُقَّ له أن تدعو له، وتصلي له النملة في حجرها، والحوت في البحر؛ لأنه ينفع الناس، ويعلمهم الخير. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. الذي يخشى الرحمن بالغيب؛ لا يشرك بالله أحدا؛ لا نبيا مرسلا، ولا ملكا مقربا، ولا وليا صالحا، لا يشرك بربه أحدا في عبادته أو دعائه، أو طوافه أوذبحه، فلا يذبح لغير الله، ولا يدعو ولا يرجو غيره، ولا يتوكل على غيره، ولا يستغيث ولا يستعين بغيره، ولا يطوف بقبر أو ضريح أو مقام إلا حول الكعبة، فلا يخاف ولا يخشى غيره. الذي يخشى الرحمن بالغيب؛ إذا حلف فلا يحلف إلا بالله، وإن نذر نذرا؛ نذره لله وحده. الخطبة الثانية: الذي يخشى الرحمن بالغيب؛ شره في الدنيا خلال عمره قليل أو نادر أو معدوم، فحُقَّ له أن يبشره ربه بمغفرة ورزق كريم: ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 31 - 35]. ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك: 12].

من خشي الرحمن بالغيب | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -

• الآيات 31 - 37 - عدد القراءات: 10625 - نشر في: 22--2008م ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد (31) هَـذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ (32) مَّنْ خَشِىَ الرَّحْمَـنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْب مُّنِيب(33) ادْخُلُوهَا بِسَلَـم ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْن هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِى الْبِلَـدِ هَلْ مِن مَّحِيص (36) إنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾ التّفسير ادخلوا الجنّة.. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب. أيّها المتّقون! مع الإلتفات إلى أنّ أبحاث هذه السورة يدور أغلبها حول محور المعاد والاُمور التي تتعلّق به، ومع ملاحظة أنّ الآيات آنفة الذكر تتحدّث عن كيفية القاء الكفّار المعاندين في نار جهنّم وما يلاقونه من عذاب شديد وبيان صفاتهم التي جرّتهم وساقتهم إلى نار جهنّم! ففي هذه الآيات محلّ البحث تصوير لمشهد آخر، وهو دخول المتّقين الجنّة بمنتهى التكريم والتجلّة وإشارة إلى أنواع النعم في الجنّة، كما أنّ هذه الآيات تبيّن صفات أهل الجنّة لتتّضح الحقائق أكثر بهذه المقارنة ما بين أهل النار وأهل الجنّة.

فتبدأ الآيات بالقول: (وأُزلفت الجنّة للمتّقين غير بعيد). "اُزلفت": من مادّة زُلفى - على زنة كُبرى - ومعناها القرب، أي قُرّبت. والطريف هنا أنّ القرآن لا يقول: وقُرّب المتّقين إلى الجنّة، بل يقول واُزلفت أي وقرّبت الجنّة للمتّقين، وهذا أمر لا يمكن أن يتصوّر تبعاً للظروف الدنيوية وشروطها، ولكن حيث إنّ الاُصول الحاكمة على العالم الآخر تختلف إختلافاً بالغاً عمّا هي في هذه الدنيا، فلا ينبغي التعجّب إطلاقاً أن يُقرّب الله الجنّة للمتّقين بمنتهى التكريم بدلا من أن يذهبوا هم إليها. خطبة عن ( الخوف والخشية من الله وعلاماتها) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. كما أنّنا نقرأ في الآيتين (90) و91) من سورة الشعراء: (واُزلفت الجنّة للمتّقين وبُرّزت الجحيم للغاوين). وهذا منتهى اللطف الإلهي لعباده المؤمنين حيث لا يتصوّر فوقه لطف آخر!. والتعبير بـ (غير بعيد) ( 1) تأكيد على هذا المعنى أيضاً. وعلى كلّ حال، فمفهوم الآية أنّ هذه القضيّة تقع في القيامة رغم أنّه عبّر عنها بالماضي "أزلفت" لكن الحوادث المستقبلية القطعية كثيراً ما يعبّر عنها بالماضي - لأنّ وقوعها سيتحقّق حتماً -. وقيل: إنّ إزلاف الجنّة للمتّقين يتحقّق في الدنيا، لأنّه لا يفصلهم شيء عن الجنّة والتعبير بالماضي يراد به الماضي حقيقة.