تفسير سورة المعارج للسعدي

{ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} الضمير يعود إلى البعث الذي يقع فيه عذاب السائلين بالعذاب أي: إن حالهم حال المنكر له، أو الذي غلبت عليه الشقوة والسكرة، حتى تباعد جميع ما أمامه من البعث والنشور، والله يراه قريبا، لأنه رفيق حليم لا يعجل، ويعلم أنه لا بد أن يكون، وكل ما هو آت فهو قريب.

سورة الجاثية - تفسير السعدي - طريق الإسلام

( أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) أي: قد لزق بالتراب من الحاجة والضرورة. ( ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي: آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به، وعملوا الصالحات بجوارحهم. من كل قول وفعل واجب أو مستحب. ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) على طاعة الله وعن معصيته، وعلى أقدار الله المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضًا على الانقياد لذلك، والإتيان به كاملا منشرحًا به الصدر، مطمئنة به النفس. ( وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) للخلق، من إعطاء محتاجهم، وتعليم جاهلهم، والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه، ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، أولئك الذين قاموا بهذه الأوصاف، الذين وفقهم الله لاقتحام هذه العقبة ( أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) لأنهم أدوا ما أمر الله به من حقوقه وحقوق عباده، وتركوا ما نهوا عنه، وهذا عنوان السعادة وعلامتها. Surat Al Maarej - سورة المعارج - موقع الفرقان للتلاوات وعلوم القرآن. ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا) بأن نبذوا هذه الأمور وراء ظهورهم، فلم يصدقوا بالله، [ ولا آمنوا به] ، ولا عملوا صالحًا، ولا رحموا عباد الله، ( والذين كفروا بآياتنا همْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَة * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ) أي: مغلقة، في عمد ممددة، قد مدت من ورائها، لئلا تنفتح أبوابها، حتى يكونوا في ضيق وهم وشدة [ والحمد لله].

Surat Al Maarej - سورة المعارج - موقع الفرقان للتلاوات وعلوم القرآن

وظهر لهؤلاء الذين كانوا يكذبون بآيات الله ما عملوا في الدنيا من الأعمال القبيحة, ونزل بهم من عذاب الله جزاء ما كانوا به يستهزئون. وقيل لهؤلاء الكفرة: اليوم نترككم في عذاب جهنم, كما تركتم الإيمان بربكم والعمل للقاء يومكم هذا, ومسكنكم نار جهنم, وما لكم من ناصرين ينصرونكم من عذاب الله. هذا الذي حل بكم من عذاب الله; بسبب أنكم اتخذتم آيات الله وحججه هزوا ولعبا, وخدعتكم زينة الحياة الدنيا, فاليوم لا تخرجون من النار, ولا هم يردون إلى الدنيا ليتوبوا ويعملوا صالحا. سورة الجاثية - تفسير السعدي - طريق الإسلام. فلله سبحانه وتعالى وحده الحمد على نعمه التي لا تحصى على خلقه, رب السموات والأرض وخالقهما ومدبرهما, رب الخلائق أجمعين. وله وحده سبحانه العظمة والجلال والكبرياء والسلطان والقدرة والكمال في السموات والأرض, وهو العزيز الذي لا يغالب, الحكيم في أقواله وأفعاله وقدره وشرعه, تعالى وتقدس, لا إله إلا هو.

جزاء استهزائهم بالقرآن. من أمام هؤلاء المستهزئين بآيات الله جهنم, ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا من المال والولد, ولا آلهتهم التي عبدوها من دون الله, ولهم عذاب عظيم مؤلم. هذا القرآن الذي أنزلناه عليك- يا محمد- هدى من الضلالة, ودليل على الحق, يهدي إلى طريق مستقيم من اتبعه وعمل به, والذين جحدوا بما في القرآن من الآيات الدالة على الحق ولم يصدقوا بها, لهم عذاب من أسوأ أنواع العذاب يوم القيامة, مؤلم موجع. الله سبحانه وتعالى هو الذي سخر لكم البحر; لتجري السفن فيه بأمره, ولتبتغوا من فضله بأنواع التجارت والمكاسب, ولعلكم تشكرون ربكم على تسخيره ذلك لكم, فتعبدوه وحده, وتطيعوه فيما يأمركم به, وينهاكم عنه. وسخر لكم كل ما في السموات من شمس وقمر ونجوم, وكل ما في الأرض من دابة وشجر وسفن وغير ذلك لمنافعكم, جميع هذه النعم منة من الله وحده أنعم بها عليكم, وفضل منه تفضل به, فإياه فاعبدوا, ولا تجعلوا له شريكا إن فيما سخره الله لكم لعلامات ودلالات على وحدانية الله لقوم يتفكرون في آيات الله وحججه وأدلته, فيعتبرون بها. قل- يا محمد- للذين صدقوا بالله واتبعوا رسله يعفوا, ويتجاوزوا عن الذين لا يرجون ثواب الله, ولا يخافون بأسه إذا هم نالوا الذين آمنوا بالأذى والمكروه; ليجزي الله هؤلاء المشركين بما كانوا يكسبون في الدنيا من الآثام وإيذاء المؤمنين.