والسماء رفعها ووضع الميزان تفسير

وتَكُونُ لا نافِيَةً، وفِعْلُ تَطْغَوْا مَنصُوبًا بِ أنَّ المَصْدَرِيَّةِ. (p-٢٣٩)ولَفْظُ المِيزانِ يَسْمَحُ بِإرادَةِ المَعْنَيَيْنِ عَلى طَرِيقَةِ اسْتِعْمالِ المُشْتَرَكِ في مَعْنَيَيْهِ. وفي لَفْظِ المِيزانِ وما قارَنَهُ مِن فِعْلِ (وضَعَ) وفِعْلَيْ (لا تَطْغَوْا) و (أقِيمُوا) وحَرْفُ الباءِ في قَوْلِهِ بِالقِسْطِ وحَرْفُ في مِن قَوْلِهِ في المِيزانِ ولَفْظُ القِسْطِ، كُلُّ هَذِهِ تَظاهَرَتْ عَلى إفادَةِ هَذِهِ المَعانِي وهَذا مِن إعْجازِ القُرْآنِ. والسماء رفعها ووضع الميزان تفسير. والطُّغْيانُ: دَحْضُ الحَقِّ عَمْدًا واحْتِقارًا لِأصْحابِهِ، فَمَعْنى الطُّغْيانِ في العَدْلِ الاِسْتِخْفافُ بِإضاعَتِهِ وضَعْفُ الوازِعِ عَنِ الظُّلْمِ. ومَعْنى الطُّغْيانِ في وزْنِ المُقَدَّراتِ تَطْفِيفُهُ.

  1. ص8 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان - المكتبة الشاملة الحديثة
  2. تفسير قوله تعالى: والسماء رفعها ووضع الميزان
  3. تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠١

ص8 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان - المكتبة الشاملة الحديثة

وعلى جملة ووضع الميزان على احتمال قول المعطوف عليها تعليلا. والإقامة: جعل الشيء قائما ، وهو تمثيل للإتيان به على أكمل ما يريد له وقد تقدم عند قوله ويقيمون الصلاة في سورة البقرة. والوزن حقيقته: تحقيق تعادل الأجسام في الثقل ، وهو هنا مراد به ما يشمل تقدير الكميات وهو الكيل والمقياس. [ ص: 240] والقسط: العدل وهو معرب من الرومية وأصله قسطاس ثم اختصر في العربية فقالوا مرة: قسطاس ، ومرة: قسط ، وتقدم في قوله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة في سورة الأنبياء. تفسير قوله تعالى: والسماء رفعها ووضع الميزان. والباء للمصاحبة. والمعنى: اجعلوا العدل ملازما لما تقومونه من أموركم كما قال تعالى وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وكما قال ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، فيكون قوله بالقسط ظرفا مستقرا في موضع الحال أو الباء للسببية ، أي راعوا في إقامة التمحيص ما يقتضيه العدل ، فيكون قوله بالقسط ظرفا لغوا متعلقا ، وقد كان المشركون يعهدون إلى التطفيف في الوزن كما جاء في قوله تعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. فلما كان التطفيف سنة من سنن المشركين تصدت الآية للتنبيه عليه ، ويجيء على الاعتبارين تفسير قوله ولا تخسروا الميزان فإن حمل الميزان فيه على معنى العدل كان المعنى النهي عن التهاون بالعدل لغفلة أو تسامح بعد أن نهى عن الطغيان فيه ، ويكون إظهار لفظ الميزان في مقام ضميره تنبيها على شدة عناية الله بالعدل ، وإن حمل فيه على آلة الوزن كان المعنى النهي عن غبن الناس في الوزن لهم كما قال تعالى في سورة المطففين وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون.

تفسير قوله تعالى: والسماء رفعها ووضع الميزان

يعمل...

تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠١

وهَذا يُصَدِّقُ القَوْلَ المَأْثُورَ: بِالعَدْلِ قامَتِ السَّماواتُ والأرْضُ. وإذْ قَدْ كانَ الأمْرُ بِإقامَةِ العَدْلِ مِن أهَمِّ ما أوْصى اللَّهُ بِهِ إلى رَسُولِهِ ﷺ قُرِنَ ذِكْرُ جَعْلِهِ بِذِكْرِ خَلْقِ السَّماءِ فَكَأنَّهُ قِيلَ ووُضِعَ فِيها المِيزانُ. وأنْ في قَوْلِهِ أنْ لا تَطْغَوْا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً لِأنَّ فِعْلَ وضَعَ المِيزانَ فِيهِ مَعْنى أمْرِ النّاسِ بِالعَدْلِ. تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٠١. وفي الأمْرِ مَعْنى القَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ فَهو حَقِيقٌ بِأنْ يَأْتِي تَفْسِيرُهُ بِحَرْفِ أنِ التَّفْسِيرِيَّةِ. فَكانَ النَّهْيُ عَنْ إضاعَةِ العَدْلِ في أكْثَرِ المُعامَلاتِ تَفْسِيرًا لِذَلِكَ. فَتَكُونُ لا ناهِيَةً. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ أنْ مَصْدَرِيَّةً بِتَقْدِيرِ لامِ الجَرِّ مَحْذُوفَةٍ قَبْلَها. والتَّقْدِيرُ: لِئَلّا تَطْغَوْا في المِيزانِ، وعَلى كِلا الاِحْتِمالَيْنِ يُرادُ بِالمِيزانِ ما يَشْمَلُ العَدْلَ ويَشْمَلُ ما بِهِ تَقْدِيرُ الأشْياءِ المَوْزُونَةِ ونَحْوِها في البَيْعِ والشِّراءِ، أيْ مِن فَوائِدِ تَنْزِيلِ الأمْرِ بِالعَدْلِ أنْ تَجْتَنِبُوا الطُّغْيانَ في إقامَةِ الوَزْنِ في المُعامَلَةِ.

﴿وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾: ولا تهمل تفكيرك كالحيوان. فتضيّع عليك الشيء الثمين الذي أعده الله لك، لا تطغَ فيه باستعماله للدنيا ومتاعها، ولا تخسره بعدم استخدامه للوصول إلى الله والتفكير بآلائه. فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل، فتهمل استعمال هذا الميزان حتى يصدأ، حذار أن تتّصف بوصف الحيوان فتخسر الدنيا والآخرة، وتكن أشقى الناس.

{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} أي: بالاستقامة على الطريقة، وملازمة حد الفضيلة. كما قال تعالى أيضاً: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الأنعام:152] ، فقوله تعالى: ((وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)) يعني: لا تنقصوا الوزن. ص8 - تأملات قرآنية المغامسي - تفسير قوله تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان - المكتبة الشاملة الحديثة. قال بعض الحكماء: العدل ميزان الله تعالى، وضعه للخلق ونصبه للحق. وممن فسر الميزان في الآية بالعدل مجاهد وتبعه ابن جرير وكذا ابن كثير. وجوز أن يراد بالميزان ما يعرف به مقادير الأشياء، كذلك ما يعرف به مقاييس الأشياء، فالميزان ليس فقط لوزن الأشياء التي توزن بالثقل، وإنما ما يضبط من حقوق الناس ومستحقاتهم، فالميزان ما يعرف به مقادير الأشياء، سواء الأشياء الموزونة أو المكيلة أو المقيسة المذروعة. قال السيوطي في الإكليل: فيه وجوب العدل في الوزن، وتحريم البخس فيه، وعليه فوجه اتصال قوله: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} بما قبله، أنه لما وصف السماء بالرفعة التي هي مصدر القضايا والأقدار، أراد وصف الأرض بما فيها، مما يظهر به التفاوت ويعرف به المقدار، ويسوى بين الحقوق والمواهب. ومن اللطائف التي يتسع لها نظم الآية الكريمة قول الرازي: الميزان ذكر ثلاث مرات، كل مرة بمعنى، فالأول: هو الآلة، والثاني: المطر، والثالث: للمفعول، أي: الموزون.