الرضا بأقدار الله | معرفة الله | علم وعَمل

أولئك الأخيار أدمنوا النظر والتأمّل في نصوص الوحيين، فتجلّت لهم حقائق المعاني، وتكشّفت لهم معالمُ خفيّة، ودقائق لطيفة من العلوم الشرعيّة، والحِكَم الربّانية. الرضا بأقدار الله | معرفة الله | علم وعَمل. لا شكّ أن سلفنا الصالح رحمهم الله هم أهدى الناس قلوباً، يشهد بذلك كل من نظر في أحوالهم وتأمّل عباراتهم؛ وهذه الهداية جاءت عندما استقرّ الإيمان في قلوبهم، وعرفوا الله حق معرفته، وقدروه حقّ قدره، فجعل الله لهم فرقاناً يميّزون به بين الحق والباطل، وبصيرةً يُدركون بها بواطن الأمور مصداقاً لقوله تعالى: { وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]. وأولئك الأخيار أدمنوا النظر والتأمّل في نصوص الوحيين، فتجلّت لهم حقائق المعاني، وتكشّفت لهم معالمُ خفيّة، ودقائق لطيفة من العلوم الشرعيّة، والحِكَم الربّانية. لِننظر سويّاً إلى إيمانهم بالقضاء والقدر كيف كان أثره على كلماتهم؟ وكيف عبّروا عنه بإشراقةِ لفظٍ، وجمال عبارةٍ، وعميق معنى، حتى صارت حِكَماً تدور على ألسنة الخلق، ويُهتدى بها إلى الحق يروي لنا زياد بن زاذان أن الإمام عمر بن عبد العزيز قال: "ما كنتُ على حال من حالات الدنيا فيسرنى أني على غيرها"، ومما حُفظ عنه قوله: "أصبحت وما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر "، واشتُهرت عنه دعواتٍ كان يُكثر من تردادها: "اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أُحب تعجيل شئ أخّرته، ولا تأخير شئ عجّلته".

الرضا بأقدار الله | معرفة الله | علم وعَمل

قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30]. كلام جميل عن الرضا بالقدر - مقال. كما أنه أيضا يكون ابتلاء وامتحانا من أجل إظهار صدق الصادقين في إيمانهم، وتبينه في واقع الأمر، وكشف كذب الكاذبين الذين يدعون الإيمان بالله تعالى وهم كافرون به. قال تعالى: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت:1-2]. وهذا استفهام استنكاري ومعناه: أن الله تعالى لابد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" أخرجه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني.

أدعية عن الرضا والقناعة - موضوع

ينبع الرضا بقضاء الله وقدره، والتصالح مع النفس من علمنا أننا نفعل الشيء الصحيح الذي يرضي الله عز وجل. إن الخير كله في الرضا بقضاء الله، فإن استطعت أن ترضا وإلا فاصبر. أسألك الرضا بعد القضاء يا رب، لأنّ الرضا قبل القضاء هو عزم على الرضا. والرضا بعد القضاء هو الرضا، أرفع الرضا: الرضا بالله رباً. كلام عن الرضا بالنصيب لن يَرِدَ يوم القيامة أرفع درجاتٍ من الراضين عن الله عز وجل وبقضائه. إنّ المخبتين المبشرين هم المطمئنين، الراضين بقضاء الله، والمستسلمين له سبحانه وتعالى. إن لم تصبر على تقدير الله وقضائه وقدره لم تصبر على تقدير نفسك، ولن تصل لمرحلة الرضا بقضاء الله وقدره. أدعية عن الرضا والقناعة - موضوع. الرضا بقضاء الله وقدره يكون بحيث أنّه لا يتمنى خلاف حاله. طوبى لمن وجد غداء ولم يجد عشاء، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله راضٍ بما قدر له. ومن وُهب له الرضا بقضاء الله وقدره فقد بلغ أفضل الدرجات. من أعطي الرضا بقضاء الله وقدره والتوكل والتفويض فقد كفي. الفرح في الرضا بتدبير الله لنا، والشقاء كله في تدبيرنا. الرضا بقضاء الله وقدره من أعمال القلوب، نظير الجهاد من أعمال الجوارح. فإن كل منهما ذروة سنام الإيمان. الرضا بقضاء الله وقدره سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنّه اختار له الأفضل، فيرضى به.

كلام جميل عن الرضا بالقدر - مقال

ولا يخْفَى عليكُمْ أيُّها الإخوةُ قولُ اللهِ تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾. ومَوْضوعُنا اليومَ في غايةِ الأهمّيَّةِ وهوَ عن القضاءِ والقَدَرِ. فمِنَ الناسِ مَنْ إذا سُئِلَ عَنْ إنسانٍ ماتَ على فِراشِهِ كيفَ ماتَ ؟ يقولُ قضاءً وقدرًا، وهوَ لا شَكَّ كلامٌ صحيحٌ سليمٌ ولكنْ ليسَ معناهُ أنَّ هذا الإنسانَ إذا ماتَ بِسَبَبِ صَدْمَةِ سيارةٍ ليسَ قضاءً وقدَرًا. إذا ماتَ على فِراشِهِ قَضاءٌ وقَدَرٌ وإذا صُدِمَ بسيارةٍ فماتَ قضاءٌ وقَدَرٌ، وإذا رَماهُ شخصٌ بِسَهْمٍ أو بِرَصاصَةٍ قَضاءٌ وقَدَرٌ. قالَ اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾. فالقَدَرُ هُوَ جَعْلُ كلّ شىءٍ على ما هُوَ عليهِ. فاللهُ تعالى هُوَ مُصَرّفُ الأشياءِ، هُوَ مُصَرّفُ القلوبِ، ويقولُ تعالى في مُحْكَمِ التَّنْزيلِ: ﴿ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [سورة التوبة]. العرشُ الذي هوَ أعظمُ الخلقِ مَقْهورٌ للهِ فمَا سِواهُ مِن بابِ الأَوْلى. واسمَعُوا مني حديث رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي لا شكَّ لهُ تأويل، لهُ تَفسير يَليقُ بِجلالِ اللهِ. فقدْ روى البيهَقيُّ في كِتابِهِ «الاعْتِقادْ» عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم: « ما مِنْ قَلْبِ إلا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أصابعِ الرَّحمنِ إن شاءَ أقامَهُ وإنْ شاءَ أَزاغَه ».

إذا علم ذلك، فإن الرضا يوجب طمأنينة القلب، وسكونه وثباته عند الأزمات؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن". وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره؛ لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره، وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: ما كنتُ على حال من حالات الدنيا، فيَسُرني أني على غيرها، ومما حُفظ عنه قوله: أصبحت وما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر. قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله: "الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين، وقرة عيون المشتاقين، ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنًى وأمنًا، وفرِّغ قلبه لمحبته، والإنابة إليه، والتوكل عليه، ومن فاته حظُّه من الرضا، امتلأ قلبه بضد ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه". بارَك الله لي ولكم في كتاب الله. الخطبة الثانية الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: عباد الله، إن الجزاء من جنس العمل، فإنْ كنتَ راضيًا بالله وحُكْمه وتدبيره، فإنَّ الله راضٍ عنك، وإن كنتَ ساخطًا متذمرًا، فأنت معرض لأن يسخط عليك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمن رضي فله الرِّضا، ومن سَخِط فله السُّخْط).