ان معي ربي

وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين. فهذه حال من أحوال فرج الله وكشف الغمة والنصر المبين من حيث لا يتصور حصوله. ومثال ذلك أيضاً حال موسى عليه السلام مع فوقه حينما انبرى لهم فرعون وقومه وحاصروهم أمام البحر قال تعالى في ذكر خبرهم وتصوير حال موسى وقومه والعدو أمامهم والبحر خلفهم: فأتبعوهم مشرقين. فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون. قال كلا إن معي ربي سيهدين. ان معي ربي سيهدين معنى. فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم. وأزلفنا ثم الآخرين. وأنجينا موسى ومن معه أجمعين. ثم أغرقنا الآخرين) انظر أخي القارئ إلى موسى وإيمانه بربه في أحلك الأحوال وأضيقها وأشقها. العدو أمامه والبحر خلفه وأصحابه في عذل ولوم متتابع إليه وفي واقع الحال يقول موسى انبعاثاً من إيمانه بربه وبقدرته الشاملة ورداً على التحسر من الحال: كلا إن معي ربي سيهدين. فما هي إلا لحظات فإذا المعجزة تقع وإذا البحر تنفرج منه مجموعة طرق تتحول إلى أرض صلبة جافة تسير فيها الأفراد والجماعات والركبان كما تسير في طرق الصحراء فيسير فيها موسى وقومه آمنين مطمئنين ثم تتبعهم جموع فرعون وهو يقدمهم فتعود هذه الطرق إلى حالها الأولى بحر أجاج يغرق فيه فرعون وجميع جموعه وينجو موسى وقومه.

ان معي ربي سيهديني

[3] لم يقل موسى عليه السلام كلمته الخالدة ﴿ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ وهو يعيش حياة هانئة حينها، ولم يكن اليوم وقتها يومًا طبيعيًا كسائر الأيام، بل كان يومًا فاصلًا بين الإيمان بالله والعبودية الخالصة له وبين ادعاء فرعون الزائف بربوبيته. جيش كبير يتبع موسى عليه السلام وقومه الذين كان جيش فرعون من أمامهم والبحر من أمامهم. في تلك اللحظات العصيبة تكشف إيمان موسى عليه السلام ويقينه بربه فقال قولته الخالدة (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ). والدرس المستخلص من ذلك الموقف العصيب وايمان موسى عليه السلام الراسخ أن ايمان المؤمن الحقيقي يتكشف وقت الشدائد، وأن المحن هي الفاصل بين المؤمن الحقيقي وغيره. [1] ينظر: نعمة الله بن محمود النخجواني، ويعرف بالشيخ علوان (المتوفى: 920هـ): "الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية"، دار ركابي للنشر - الغورية، مصر، الطبعة: الأولى، 1419 هـ - 1999 م، 2/ 43. ان معي ربي سيهدين ويطعمني ويسقين. [2] (نعمة الله بن محمود النخجواني، ويعرف بالشيخ علوان (المتوفى: 920هـ): "الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية"، 2 / 43 – 44). [3] نعمة الله بن محمود النخجواني، ويعرف بالشيخ علوان (المتوفى: 920هـ): "الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية والحكم الفرقانية"، 2 / 44.

أليس لك رب يدبر أمرك ويؤيدك بمن يشد أزرَك وتشركه في أمرك؟ أغفلت عمن هو الركن الشديد الذي تأوي إليه، وتلجأ إلى جنابه، وتستمد قوتك من قوته وجلاله وعظمته؟ أليس لك رب تحتمي بحماه؟ قل: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾، ارفع بها رأسك وحطِّم بها يأسك، وأظهر بها بأسك. مرحباً بالضيف