فسمعت الملائكة دعاءه وشكواه، فقالت: صوتٌ معروف في أرض غريبة! هذا يونس لم يزل يُرفع له عملٌ صالحٌ ودعوةٌ مستجابة. فجاء الجواب: { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [الصافات: 143]. وأتاه ربُّه بالنجاة { فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} [الأنبياء: 88]. قال الحسن البصري: " ما كان ليونس صلاةٌ في بطن الحوت، ولكن قدّم عملاً صالحاً في حال الرخاء، فذكره الله في حال البلاء، وإنّ العمل الصالح ليرفع صاحبه، فإذا عثر وجد متكئاً ( تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)". وفي البحر قصصٌ أخرى وعبرٌ تترى، فهذا الطاغية فرعون يدركه الغرق فيدعو بالتوحيد: { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس:90]. سمعت الملائكة دعاءه، فنزل جبريل سريعاً، أتُراه يريد أن ينجد هذا الظالم أو يغيثه! لا، إنما يأخذ من وحل البحر فيدسُه في فمه خشية أن تدركه الرحمة، وبعدها أتاه الجواب من ربه { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس: 91]. رب اني مسني الشيطان بنصب وعذاب. أين كنت حال الرخاء والسعة، آلآن إذ نزل بك الذي نزل! ؟ لقد سمعت الملائكة دعاء كلا المكروبَيْن -يونس وفرعون- ولكنْ فرقٌ عظيمٌ، فالأول تقول فيه: صوتٌ معروفٌ في أرض غريبة هذا يونس لم يزل يُرفع له عمل صالح ودعوة مستجابة.
ونحن اليوم نعيش شدةً عظيمةً تعانيها الأمة، فنعرف أنّ الأمة اليوم تدفع الثمن باهظاً ثمن غفلةٍ طويلة ونسيانٍ لله، فها نحن اليوم في الشدة، وندعو في الشدة، لكن طالما أطلنا التفريط حال الرخاء.. إن الشدائد لن تخطئ أحداً، وإنّ خير ما نلقى به هذه الشدائد معرفة الله في الرخاء. الصحة رخاء، والشباب رخاء، والمال رخاء، والأمن رخاء، والفراغ رخاء، القوة رخاء، فهل نعرف الله في هذا الرخاء. من هو النبي الذي دعا ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ؟ - العربي نت. وأما الشدائد فقد تخطئنا شدة الفقر، وقد تخطئنا شدة المرض، ولكن لن تخطئنا شدة الموت، وهل أشد منه! ؟ ولكنها شدة تُفرج بمعرفة الله في الرخاء، وإنّ ربنا أكرم وأرحم من أن يخذل عبداً عند هذا الموطن وقد عرفه حال الرخاء. { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30]. وليكن دستورُنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: ( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة).
وأما الآخر فينزل جبريل يدس الوحل في فمه خشية أن تدركه الرحمة. تُرى ما الفرق بين الحالين؟ والكربُ واحدٌ، والصورة واحدة! فَدْوى 🌸 — " أنا يَا ربّي عِندَما إلتفتُ عن العَالَمينْ.... ؟ إنّ الفرق واضح، والبونَ شاسع، فرقٌ بين من عرف الله في الرخاء ومن ضيّعه؛ فيونس رخاؤه دعاءٌ ودعوة؛ وفرعونُ رخاؤه ظلمٌ وكفرٌ وجحودٌ. ولا يزال لطيفُ صنعِ الله عز وجل بأوليائه وعباده الصالحين يتوالى عليهم في حال الشدائد والكُرَب، فيفرّج كربهم، وينفّس عنهم حيث كان لهم مع الله معاملةٌ في الرخاء. الصورة الثانية: نبي الله أيوب عليه السلام، كان كثير المال، له سائر صنوفه وأنواعه من العبيد والأنعام والأراضي، وكان له أولاد كثيرون وأهلون، سُلب ذلك كله، وابتلي بأنواع البلاء، وطال مرضه حتى استوحش منه الأنيس، وفارقه الجليس، ولم يبق يحنو عليه أحدٌ سوى زوجته، ترعى له حقه، وكانت تقول له: يا أيوب لو دعوت ربك لفرّج عنك، قال: قد عشتُ سبعين سنةً صحيحاً، فهل قليلٌ لله أن أصبر له سبعين سنة! فضعُف حالها وقلّ مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، ثم اضطرت أن تبيع ظفائرها، فلنا علم أيوب بما وصلت إليه نادى ربه: { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} [الأنبياء: 83]. فأتاه الجواب: { فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضُر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين} [الأنبياء: 84].
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ} أي: أيوب { صَابِرًا} أي: ابتليناه بالضر العظيم، فصبر لوجه اللّه تعالى. { نِعْمَ الْعَبْدُ} الذي كمل مراتب العبودية، في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء. { إِنَّهُ أَوَّابٌ} أي: كثير الرجوع إلى اللّه، في مطالبه الدينية والدنيوية، كثير الذكر لربه والدعاء، والمحبة والتأله. 19 0 75, 039
أشهر 7 مقولات.. 1. إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل 2. إذا لم تجد لك حاقدا فاعلم أنك إنسان فاشل 3. لا تقلق من تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون هو تنفيذ إرادة الله 4. لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بما اراد الله 5. من كل بحر قطرة — أشهر 7 مقولات .. 1. إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق.... لا تعبدوا الله ليعطى بل اعبدوه ليرضى فإن رضى أدهشكم بعطائه 6. إذا رأيت فقيرا فى بلاد المسلمين فاعلم أن هناك غنيا سرق ماله 7. لا يقلق من كان له أب.. فكيف يقلق من كان له رب لا تنسى الدعاء لفضيلة الشيخ الشعراوي عليه رحمة الله ورحم أموات المسلمين See more posts like this on Tumblr #درر الكلام