اعراب ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئون

حقيقة الصابئة اختلف المفسرون في حقيقة الصابئة هل هم قوم خرجوا من دينهم، وليس لهم دين ؟ أم هم قوم لهم دين وشريعة خاصة ؟ – ذهب بعض العلماء إلى أن الصابئة قوم تركوا دينهم وليس لهم دين، كما تدل عليه أصل الكلمة، حين يقال في اللغة العربية: صبأ رجل، إذا ترك دينه، وأخذ مكانه دينا آخر، وكما تقول العرب: صبأت النجوم إذا طلعت، والصابئ مفرد الصابئين. ونسب الطبري هذا القول في تفسيره إلى عدد من علماء السلف منهم مجاهد وابن جريج وعبد الرحمن بن زيد. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 62. قال مجاهد: الصابئون ليسوا بيهود ولا نصارى، ولا دين لهم. وقال عبد الرحمن بن زيد: الصابئون أهل دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل يقولون: لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي، إلا قول لا إله إلا الله. قال: ولم يؤمنوا برسول الله، فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:"هؤلاء الصابئون"، يشبهونهم بهم. ولعل كلام عبد الرحمن بن زيد وضح المقصود بأن الصابئة ليس لهم دين، فإنهم يريدون بذلك أنهم ليسوا من أهل الكتاب ولا توجد لديهم متعقدات عملية، ولا ينافي ذلك إيمانهم بالله تعالى ووجوده وتوحيده، ولو حملناه على غير هذا المعنى لاختفى الفرق بينهم وبين أهل الشرك.

إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله الآية 17 سورة الحج

وكذلك عندما جاء سيدنا عيسى برسالته، صدقوه، وآمنه معه، ولم يتمسكوا برسالة سيدنا موسى، وكان لديهم تنبؤ بقدوم نبي الإسلام، وآمنوا بالله واليوم الآخر، سيكون لهم أجر عظيم عند الله عز وجل ولن يظلمهم أبداً. أما من تمسك بدينه، ولم يتبع رسالات الله التي جاءت من بعد موسى وعيسى، وكذبوا بنبوة محمد، فهؤلاء من الهالكين يوم القيامة، والعياذ بالله. وبهذا لا يُمكننا أن نقول أن هناك تناقض بين الآيات في القرآن الكريم، فلا تتناقض تلك الآية مع قوله عز وجل في سورة آل عمران "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ". من هم اليهود والصائبون والنصارى الذين تتحدث عنهم الآية أولاً: اليهود اليهود هو هؤلاء القوم، الذين آمنوا بسيدنا موسى، وكانت التوراة دينهم. إعراب قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله الآية 17 سورة الحج. وأُطلق عليهم هذا الاسم من الهدى وتُعنى التوبة، وقيل أنهم لُقبوا بهذا نسبة إلى يهوذا من أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام. وفي رواية أخرى أنهم يتهودون، أي يميلون ويتحركون عند قراءة القرآن الكريم. واليهود المقصودين في الآية الكريمة، هم هؤلاء الذين آمنوا برسالة سيدنا موسى، وإن طال بهم العمر ونزل سيدنا عيسى، كانوا سيؤمنون به.

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة البقرة - الآية 62

وكذلك قال سبحانه في سورة المائدة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [المائدة: 69]. ﴿ وَالصَّابِئونَ ﴾ [المائدة: 69]: جاءت مرفوعة ولم تأتِ منصوبة؛ لأن الفِرَقَ الأساسية في الإيمان و العمل الصالح هم المؤمنون واليهود والنصارى، أما الصابئون فهم تبعٌ لهم، وهم قلة بالنسبة للفرق الأساسية الموحِّدة؛ لأن أكثر هؤلاء كانوا كفارًا أو مشركين، كما أن كثيرًا من اليهود والنصارى بدَّلوا وحرَّفوا، فصاروا كفارًا أو مشركين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن جبير نحو هذا. قلت: وهذا لا ينافي ما روى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر) الآية فأنزل الله بعد ذلك: ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [ آل عمران: 85]. فإن هذا الذي قاله [ ابن عباس] إخبار عن أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملا إلا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثه [ الله] بما بعثه به ، فأما قبل ذلك فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة ، فاليهود أتباع موسى ، عليه السلام ، الذين كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم. واليهود من الهوادة وهي المودة أو التهود وهي التوبة ؛ كقول موسى ، عليه السلام: ( إنا هدنا إليك) [ الأعراف: 156] أي: تبنا ، فكأنهم سموا بذلك في الأصل لتوبتهم ومودتهم في بعضهم لبعض. [ وقيل: لنسبتهم إلى يهوذا أكبر أولاد يعقوب عليه السلام ، وقال أبو عمرو بن العلاء: لأنهم يتهودون ، أي: يتحركون عند قراءة التوراة]. فلما بعث عيسى صلى الله عليه وسلم وجب على بني إسرائيل اتباعه والانقياد له ، فأصحابه وأهل دينه هم النصارى ، وسموا بذلك لتناصرهم فيما بينهم ، وقد يقال لهم: أنصار أيضا ، كما قال عيسى ، عليه السلام: ( من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله) [ آل عمران: 52] وقيل: إنهم إنما سموا بذلك من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها ناصرة ، قاله قتادة وابن جريج ، وروي عن ابن عباس أيضا ، والله أعلم.