انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة

فإبتلاهم الله بذلك الذنب، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه.

قصـــص كـــاملة للإتعــــاظ: قصــــة أصحــــاب الجنــــة

وفي رواية أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام تأكيد لذلك، اذ قال: (إن اهل مكة أبتلوا بالجوع كما أبتلي أصحاب الجنة). فهذه السنة تنطبق على كل من تشمل الآيات التالية: (ولا تطع كل حلاف مهين* هماز مشاء بنميم* مناع للخير معتد أثيم* عتل بعد ذلك زنيم* أن كان ذا مال وبنين* إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين* سنسمه على الخرطوم) [القلم/ 10-16]. بعد ذلك يقول ربنا عزوجل: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمونها مصبحين ولا يستثنون). أي إختبرناهم بالثروة بمثل ما إختبرنا أصحاب المزرعة. قصـــص كـــاملة للإتعــــاظ: قصــــة أصحــــاب الجنــــة. ومادامت السنن الإلهية في الحياة واحدة، فيجب إذن أن يعتبر الإنسان بالآخرين، سواء المعاصرين له أو الذين سبقوه، وأن يعيش في الحياة كتلميذ، لأنها مدرسة وأحداثها خير معلم لمن أراد وألقى السمع وأعمل الفكر وهو شهيد. بهذه الهدفية يجب أن نطالع القصص ونقرأ التاريخ. فهذه قصة أصحاب الجنة يعرضها الوحي لتكون أحداثها ودروسها موعظة وعبرة للإنسانية. ومن الملفت للنظر، إن القرآن في عرضه لهذه القصة لا يحدثنا عن الموقع الجغرافي للجنة، هل كانت في اليمن أو في الحبشة، ولا عن مساحتها ونوع الثمرة التي أقسم أصحابها على صرمها.. لأن هذه الأمور ليست بذات أهمية في منهج الوحي، إنما المهم المواقف والمواعظ والأحداث لمعبرة، سواء فصل العرض أو إختصر.

القلم الآية ١٧Al-Qalam:17 | 68:17 - Quran O

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}: من مشاهد القرآن العظيمة هذا المشهد الذي يختصر كبر الإنسان وطغيانه بسبب النعمة ونسيانه للمنعم ونسيانه لحق الفقير ومنعه للعطاء وشح نفسه وبطره واستكباره على الخلق وظنه أنه قادر على الاستغناء عن الخالق سبحانه. اغتروا بعطاء الله وغرتهم بساتينهم الغناء وطرحها الوافر فاستكبروا ونسوا الله ومنعوا حق عباده وشحوا بما في أيديهم فسلبهم الله النعمة حتى أسقط في أيديهم وعلموا أنها عقوبة فتعلموا من الدرس وتابوا إلى الله.

أى: إنا امتحنا أهل مكة بالبأساء والضراء ، كما امتحنا أصحاب البستان الذين كانوا قبلهم ، لأنهم أقسموا بالأيمان المغلظة ، ليقطعن ثمار هذا البستان فى وقت الصباح المبكر. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة ، وأعطاهم من النعم الجسيمة ، وهو بعثه محمدا - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة; ولهذا قال: ( إنا بلوناهم) أي: اختبرناهم ، ( كما بلونا أصحاب الجنة) وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) أي: حلفوا فيما بينهم ليجذن ثمرها ليلا لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل ، ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء ﴿ تفسير القرطبي ﴾ قوله تعالى: إنا بلوناهم يريد أهل مكة. والابتلاء الاختبار. والمعنى أعطيناهم أموالا ليشكروا لا ليبطروا; فلما بطروا وعادوا محمدا صلى الله عليه وسلم ابتليناهم بالجوع والقحط كما بلونا أهل الجنة المعروف خبرها عندهم. وذلك أنها كانت بأرض اليمن بالقرب منهم على فراسخ من صنعاء - ويقال بفرسخين - وكانت لرجل يؤدي حق الله تعالى منها; فلما مات صارت إلى ولده ، فمنعوا الناس خيرها وبخلوا بحق الله فيها; فأهلكها الله من حيث لم يمكنهم دفع ما حل بها.