خطبة جمعة قصيرة عن التقوى

فتقوى الله هي مِفتاحُ مغاليقِ القلوب والعقول، وتقوى الله وسيلةٌ إلى حصول العلم. وأوضحُ مثالٍ عليه؛ قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: أي: عِلْمًا تُفَرِّقون به بين الحقائقِ، والحقِّ والباطل [6]. قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: (إنما قَصر بنا عن علمِ ما جهلنا؛ تقصيرُنا في العمل بما عَلِمنا. ولو عَمِلْنا ببعض ما عَلِمْنا؛ لأورثنا عِلْمًا لا تقوم به أبدانُنا، قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ ﴾) [7]. موقع الشيخ صالح الفوزان. 3- التقوى نورٌ يُضيءُ الطريق: قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28]. قال ابن عثيمين - رحمه الله -: (وفي هذا دليلٌ على أن التقوى من أسباب حصول العلم، وما أكثر الذين يَنْشُدون العلم، وينشدون الحِفْظ، ويطلبون الفهم؛ فنقول: إنَّ تحصيله يسير، وذلك بتقوى الله - عز وجل - وتحقيقِ الإيمان، الذي هو مُوجِبُ العلم، فاعملْ بما عَلِمْتَ؛ يحصلْ لك عِلْمُ ما لم تعلم، فتقوى الله - عز وجل - من أسباب زيادة العلم ولا شك، ولهذا قال: ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ﴾ أي: تَسِيرون به، أي: بسببه سَيْراً صحيحاً، يوصِلُكم إلى الله عز وجل) [8].

موقع الشيخ صالح الفوزان

أمَرَ اللهُ تعالى بالتَّزود لسفر الحج، وأمَّا الزاد الحقيقي المستمر نفعُه لصاحبه في دنياه وأُخراه، فهو زاد التقوى، الذي هو زادٌ إلى دار المتقين الجنة، وهو المُوصِلُ لأكملِ لَذَّة، وأجلِّ نعيم، فهذا مدحٌ للتقوى [12]. 7- التقوى مِفتاح التَّيسيرِ، والرِّزقِ الوفير، والأَجْرِ الجَزِيل: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] فالله تعالى يَسُوق الرِّزقَ للمُتَّقِي من وجهٍ لا يحتسبه، ولا يشعر به. والتقوى سبب للخروج من كلِّ ضيقٍ، قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]. والتقوى سببٌ لتكفيرِ السيئات، وزيادةِ الحسنات: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5] [13]. 8- التقوى سببٌ لِجَلْبِ البَرَكات: قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]. أي: لو آمنوا بقلوبهم إيماناً صادِقاً صدَّقَتْه الأعمالُ، واتقوا اللهَ تعالى؛ لَفَتَحَ عليهم بركاتٍ السماء والأرض، فأرسلَ السماءَ عليهم مِدراراً، وأنبتَ لهم من الأرض ما به يعيشون، في أخْصَبِ عَيشٍ وأغزَرِ رِزق [14].

قال الماوردي - رحمه الله -: (نَدَبَ اللهُ - تعالى - إلى التعاون بالبر، وقَرَنَه بالتقوى له؛ لأنَّ في التقوى رضا الله، وفي البِرِّ رضا الناس. ومَنْ جَمَعَ بين رضا اللهِ ورضا الناس فقد تَمَّتْ سعادتُه، وعمَّتْ نِعمتُه) [4]. عباد الله.. إنَّ للتقوى فضائلَ كثيرةً ومُتنوِّعة، ومن أبرزها: 1- التقوى طريق الهداية: قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]. فهذا وَعْدٌ من الله تعالى بأنَّ مَن اتَّقاه - بِفِعْلِ أوامرِه وترك زواجِرِه - جَعَلَ في قلبه نوراً يَفهم به ما يُلقى إليه، وجَعَلَ له فَيْصَلاً يَفْصِلُ به بين الحق والباطل، ووفَّقَه لمعرفة الحقِّ من الباطل، والهدى والضلال، والحلال والحرام، فكان ذلك سبب نَصره ونَجاته ومَخْرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة، وتَكْفير ذنوبه وسترها عن الناس؛ بل ينال المُتَّقي أجراً عظيماً، وثواباً جزيلاً [5]. 2- التقوى مِفتاح العلم: قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].