وقال الفراء: الضحا هو النهار كقول قتادة. والمعروف عند العرب أن الضحا: النهار كله ، فذلك لدوام نور الشمس ، ومن قال: إنه نور الشمس أو حرها ، فنور الشمس لا يكون إلا مع حر الشمس. وقد استدل من قال: إن الضحى حر الشمس بقوله تعالى: ولا تضحى أي لا يؤذيك الحر. وقال المبرد: أصل الضحا من الضح ، وهو نور الشمس ، والألف مقلوبة من الحاء الثانية. تقول: " ضحوة وضحوات ، وضحوات وضحا ، فالواو من ( ضحوة) مقلوبة عن الحاء الثانية ، والألف في ( ضحا) مقلوبة عن الواو. وقال أبو الهيثم: الضح: نقيض الظل ، وهو نور الشمس على وجه الأرض ، وأصله الضحا فاستثقلوا الياء مع سكون الحاء ، فقلبوها ألفا. سوره الشمس وضحاها للشيخ. ﴿ تفسير الطبري ﴾ القول في تأويل قوله تعالى جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)قوله: ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) قسم أقسم ربنا تعالى ذكره بالشمس وضحاها؛ ومعنى الكلام: أقسم بالشمس، وبضحى الشمس. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَضُحَاهَا) فقال بعضهم: معنى ذلك: والشمس والنهار، وكان يقول: الضحى: هو النهار كله. * ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) قال: هذا النهار.
وقوله: ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) وقرئ: « فلا يخاف عقباها ». عباس:لا يخاف الله من أحد تبعة. وكذا قال مجاهد، والحسن، وبكر بن عبد الله المزني، وغيرهم. الضحاك والسدي: ( وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) أي:لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع. والقول الأول أولى؛ لدلالة السياق عليه، والله أعلم. آخر تفسير « والشمس وضحاها ».
وتقدم مرارا أحوال السماء في بنائها ورفعها ، وجعلها سبعا طباقا ، وقد بين في تلك النصوص كيفية بنائها ، وأنه سبحانه وتعالى بناها بقوة ، كما في قوله تعالى: والسماء بنيناها بأيد [ 51 \ 47] ، أي: بقوة وقوله تعالى: والأرض وما طحاها [ 91 \ 6] ، مثل " دحاها " [ 79 \ 30]. وقالوا: إبدال الدال طاء مشهور ، وطحا تأتي بمعنى خلق ، وبمعنى ذهب في كل شيء ، فمن الأول: وما تدري جذيمة من طحاها ولا من ساكن العرش الرفيع ومن الثاني قول علقمة: طحا بك قلب في الحسان طروب يعيد الشباب عصر حان مشيب ولا منافاة في ذلك بأنه تعالى خلقها ومدها ، وذهب بأطرافها كل مذهب ، أي: في مدها.
{وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} كذلك، والذي طَحَاهَا أو وطَحْيهَا. {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} نفسُ الإنسان، يقسمُ الله بنفسِ الإنسانِ الذي خلقَها وخلقَ طبائعَها وجعل لها شأنًا عجيبًا، هذه النفس، {وَمَا سَوَّاهَا} وتسويتُها أو والذي سوَّاها، يعني الكلامُ فيها واحد، {وَمَا بَنَاهَا}، {وَمَا طَحَاهَا}، {وَمَا سَوَّاهَا}. {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} فبإلهامِ الفجورِ تَضِلُّ، وبإلهامِ التقوى تهتدي، والله -تعالى- يُضِلُّ مَن يشاء ويهدي مَنْ يشاء، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}. ثم قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ} ولعلَّ هذا هو جوابُ القسم، {قَدْ أَفْلَحَ} فازَ وظَفِرَ بالمطلوب مَنْ زكَّى نفسَه، مَنْ زكَّى نفسَه بالإيمانِ والعملِ الصالح، {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} [فاطر:18] {وَقَدْ خَابَ} يعني: وخَسِرَ {مَنْ دَسَّاهَا}، يعني: دنَّسَها وأخفَاها بمعصيةِ اللهِ بالكفر والمعاصي، فالتَّقوى عِزٌّ وظهورٌ ونورٌ وكمالٌ وطهرٌ ونقاءٌ، وتَدْسِيَةُ النفسُ وتَدْنيسُها خسارةٌ وبوار، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.