حديث من سن في الاسلام سنة حسنة

وذلك لأن السُّنَّةَ في الإسلامِ ثلاثةً أقسامٍ: سنة سيئة: وهي البدعة، فهي سيئة وإن استحسنها من سنَّها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ». وسنة حسنة: وهي على نوعين: النوع الأول: أن تكون السنة مشروعة ثم يترك العمل بها ثم يجدها من يجددها، مثل قيام رمضان بإمام، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمَّتِه في أول الأمر الصلاةَ بإمامٍ في قيام رمضان، ثم تخلف خشية أن تفرض على الأمة، ثم تُرِك الأمر في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه وفي أو خلافة عمر، ثم رأى عمر رضي الله عنه أن يجمع الناس على إمامٍ واحدٍ ففعل، فهو رضي الله عنه قد سنَّ في الإسلامِ سنة حسنةً؛ لأنه أحيا سُنَّةً كانت قد تُركت. تخريج حديث من سن في الإسلام سنة حسنة. والنوع الثاني: من السنن الحسنة أن يكون الإنسان أول من يبادر إليها، مثل حال الرجل الذي بادر بالصدقة حتى تتابع الناس ووافقوه على ما فعل. فالحاصل أن من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، ولا سنة حسنة إلا ما جاء به الشرع فله أجره وأجر من عمل بها من بعده. وقد أخذ هذا الحديث أولئك القوم الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه، فيبتدعون أذكارًا ويبتدعون صلوات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم يقولون: هذه سنة حسنة، نقول: لا، كل بدعة ضلالة وكلها سيئة، وليس في البدع من حسَنٍ، لكن المراد في الحديث من سابق إليها وأسرع، كما هو ظاهر السَّببِ في الحديث، أو من أحياها بعد أن أميتت فهذا له أجرها وأجر من عمل بها.

شرح وترجمة حديث: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء - موسوعة الأحاديث النبوية

وعن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أُبْدِعَ بي فاحملني، فقال: ((ما عندي))، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أدله على من يحمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من دل على خير، فله مثلُ أجر فاعله))؛ [صحيح مسلم: ١٨٩٣]. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحيا سنة من سنتي، فعمل بها الناس: كان له مثل أجر من عمل بها، لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة، فعمل بها: كان عليه أوزار من عمل بها، لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئًا))؛ [سنن ابن ماجه: ٢٠٩] ، وفي لفظ: ((إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله، كان عليه مثل آثام من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئًا))؛ [سنن الترمذي: ٢٦٧٧]. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))؛ [صحيح مسلم: ٢٦٧٤]. صحة ومعنى حديث من سن سنة حسنة - موضوع. فهذه الأحاديث - وفقنا الله وإياك لمرضاته - جميعها يدل على أن من عمل بسنة قد قل العمل بها أو أميتت، أو دعا إلى سنةٍ أو عملِ خيرٍ، أو أعان على عمل خير من أعمال الشريعة الغراء - فإن له مثل أجور من تبعه وعمل بما دعا إليه.. وأن من ابتدع في الدين أي بدعةٍ محدثةٍ زائدةٍ على ما شرعه الله ورسوله، فإنه يحمل أوزاره وأوزار من اتبعه في بدعته ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 25].

معنى حديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة..)

ج: هذا الحديث صحيح، وهو يدل على شرعية إحياء السنن والدعوة إليها والتحذير من البدع والشرور؛ لأنه ﷺ يقول: من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا خرجه مسلم في صحيحه. ومثل هذا الحديث ما رواه أبو هريرة  عن النبي ﷺ أنه قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا وهكذا حديث أبي مسعود الأنصاري  ، يقول النبي ﷺ: من دل على خير فله مثل أجر فاعله خرجهما مسلم في صحيحه.

صحة ومعنى حديث من سن سنة حسنة - موضوع

فالذي أتى بالصدقة جهرة حتى تابعه الناس؛ قد سن في الإسلام سنةً حسنة، أظهرها وبينها، وهكذا لو كان في بلد ما يصلون التراويح، وصلاها، وتابعوه؛ أحيا السنة، وهكذا لو كانوا لا يصلون جماعة، يصلون في بيوتهم، فدعاهم إلى الصلاة في المساجد، وصلوا الصلاة في المساجد، فقد أحيا السنة، يكون له مثل أجورهم، وهكذا ما أشبه ذلك. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا. فتاوى ذات صلة

ويقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة خرجه مسلم في صحيحه. فالعبادة التي لم يشرعها الله لا تجوز الدعوة إليها، ولا يؤجر صاحبها، بل يكون فعله لها ودعوته إليها من البدع، وبذلك يكون الداعي إليها من الدعاة إلى الضلالة، وقد ذم الله من فعل ذلك بقوله سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية [الشورى: 21] [1]. من برنامج نور على الدرب رقم الشريط 26. شرح حديث من سن سنة حسنة. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/372)