وقد كان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: " اللهم عليك بقريش " ويقولها ثلاثًا، ثم سمّاهم بالاسم فقال: " اللَّهُمَّ، عَلَيْكَ بأَبِي جَهْلِ بنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وَشيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بنِ عُتبَةَ، وَأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ". [٤] ولقد استجاب الله - جل وعلا- دعاء نبيه؛ حيث إنهم قد صُرِّعوا كلهم يوم بدر، لا سيما عقبة بن أبي معيط، فكان ممن أُهلِك ذلك اليوم وجُعِل في قليب بدر مع خِلّانه من أهل الفجور والكفر والفسق، فقد قال الراوي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: " فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالحَقِّ، لقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَومَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى القَلِيبِ، - قَلِيبِ بَدْرٍ - ". [٤] وقد جاءت هذه القصة مروية بأسانيد صحيحة في كتب السنة ودواوينها ، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقال: " بيْنَما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ له جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بالأمْسِ، فَقالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إلى سَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ، فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ في كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ فأخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنَّ مسجدنا، ولا يؤذينَّا بريح الثوم " رواه مسلم، وفي لفظ: " فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم ". وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان الناس يسكنون العالية، فيحضرون الجمعة وبهم وَسَخٌ، فإذا أصابهم الرَّوح سطعت أرواحهم فيتأذَّى بها الناس، فذُكِرَ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: " أولا يغتسلون ؟! " رواه النسائي. ومن صور الأذى: التخلِّي في طرق الناس وأفنيتهم، وقضاء الحاجة في أماكن تنزُّههم، وجلوسهم، وتنجيسها، وتقذيرها بالأنجاس والمهملات؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " اتقوا اللعَّانَيْن "، قالوا: وما اللعَّانان يا رسول الله؟ قال: " الذي يتخلَّى في طريق الناس، وظِلِّهم " رواه مسلم. وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنة، قال: " اعزِلِ الأذَى عن طريق المسلمين " رواه أحمد. ومن صور الإيذاء والاعتداء: إيذاء الرجلِ زوجتَه بالجور، والظلم، والقهر، والقسوة، والغلظة، والبخل، والحرمان، والتهمة، والظن، والتخوين، والشك في غير رِيبة، ومعاملتها بالخلق الدنيء، واللسان البَذِيء الذي لا تَبْقَى معه عِشْرَة، ولا يدوم معه استقرارٌ ولا سكونٌ ولا راحة.