وينظر جواب السؤال رقم: ( 221139)، ورقم: ( 290591). والله أعلم.
الحمد لله. أولا: النمروذ ، هُوَ كما ذكره أهل التاريخ والتفسير: نمروذ بن كنعان بن ريب بن نمروذ بن كوشى بن نوح ، وَهُوَ أول من ملك الأرض كلها وَهُوَ الَّذِي بنى الصرح ببابل ، وهو الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه جل وعلا. فعَنْ مُجَاهِدٍ في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ البقرة:/258، قَالَ: " هُوَ نَمْرُوذُ بْنُ كَنْعَانَ " انتهى من "تفسير مجاهد" (ص: 243). كيف مات النمرود - بحر. وعن قتادة قال: " كنا نحدث أنه ملك يقال له نمروذ ، وهو أول ملك تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل " انتهى. وعن الربيع قال: " ذكر لنا أن الذي حاج إبراهيم في ربه كان ملكا يقال له نمروذ ، وهو أول جبار تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل " انتهى. وينظر: "تفسير الطبري" (5/ 431). ثانيا: وأما قصة دخول البعوضة في منخره حتى ضُرب بالمطارق ، فقد أخرجها الطبري في "جامع البيان" (14/ 204)، وفي "تاريخ الرسل والملوك" (1/ 287): قال: " حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم: " إن أول جبار كان في الأرض نمرود ، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره ، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، أرحم الناس به من جمع يديه فضرب رأسه بهما ، وكان جبارا أربع مائة سنة ، فعذبه الله أربع مائة سنة كملكه ، ثم أماته الله ، وهو الذي كان بنى صرحًا إلى السماء ، وهو الذي قال الله: ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فخر عليهم السقف من فوقهم) [النحل: 26]... " انتهى.
[٥] قال إبراهيم -عليه السّلام- عندما رأى أنّ النّمرود مصِرٌّ على كُفره وعناده، قال له: إنّ الله يأتي بالشّمس من المشرق، فأخرجها من المغرب. قصة النمرود: أول طاغية في التاريخ تقتله بعوضة. [٥] صُدِمَ النّمرود وبُهِت؛ لأنّه لم يستطع فعْل ما طلبه إبراهيم -عليه السّلام-. [٥] هلاك النمرود تعدّدت القصص حول كيفيّة نهاية النّمرود وهلاكه، ولكنّها أقرب إلى الإسرائيليّات كما ذكر بعض العلماء، ومن الجدير بالذّكر أنّه لا بأس من الاستشهاد بقصص نهاية الجبابرة والطّغاة؛ لِما في ذلك من العبرة؛ شريطة أن لا تُنسب إلى مرويات الرّسول -صلى الله عليه وسلّم-، ومن المرويات الإسرائيلية المنتشرة حول نهاية النمرود، هي دخول البعوضة إلى دماغه ومكوثها أربعمئة سنة، حتّى جعلته يضرب رأسه بالمطارق. [٦] الدروس المستفادة من قصة النمرود من المعلوم أنّ قصّة النمرود وعِناده بالحوار مع إبراهيم -عليه السّلام- واردة في القرآن الكريم، ممّا يعني احتواء هذه القصة على العديد من العِبَر والعِظات، وفيما يأتي بيانها: [٥] أنّ الإنسان الواثق بالله -سبحانه وتعالى- يجب عليه أن يُبدي الحقّ دائمًا، ولا يستمع إلى الطواغيت والجبابرة، وأن الله -تعالى- وحده النّاصر لعباده. أنّ الإنسان مهما يظنّ أنَّه امتلك الدّنيا بقوّته وسلطانه، فهو إنسانٌ ضعيف، ليس له حولٌ ولا قوّة، وليس عليه سوى عبادة الله -تعالى- وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
إن القرآن الكريم يعد منهجًا لكل زمان، ففيه قصص الأنبياء، والصالحين، والأقوام، التي كان لا بد أن يرويها الله على لسان الوحي إلى نبيه محمد -صل الله عليه وسلم- لما فيها من عبر، وتجارب تناسب كافة البشر بمختلف أنواعهم، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ " ومن هنا نتعرف معًا إلى قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود ومدى صحة تلك القصة.. فتابعنا!