بالتالي ما قاله بعض المفسرون أن يوسف أراد الفاحشة واضطجع معها غير صحيح، المنطق ينفي ذلك لأن الله اتاه حكما وعلما وجعله من المحسنين ويعرف فضل العزيز عليه وأن الزنا ظلم. وحتى الخاطر لم يأتي ببال يوسف عليه السلام لماذا ؟ لأنه رأى برهان ربه.. وما هو هذا البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام؟ رأى شيئًا جعله لا يفكر حتى تفكير ولا تخطر بباله رغبة ممارسة الحب مع زوجة وزير مالية مصر. واختلف المفسرون في تأويل ( البرهان) قالوا: رأى جبريل عليه السلام. جمال يوسف عليه السلام. وقيل رأى: يقعوب يعض أصبعه. وقيل رأى: على الحائط إنه كان فاحشة وساء سبيلا. وقيل رأى: العزيز. والله أعلم لم يأتِ حديث نبوي صحيح لتفسير الآية لكن الثابت أنه رأى شيئًا منعه من التفكير حتى في ممارسة الحب معها. وبذلك صرف الله عنه السوء والفحشاء، وهذا دليل آخر على أنه لم يهم فقال الله عنه ( إنه من عبادنا المخلصين)، وهذا مدحٌ آخر ليوسف عليه السلام فكيف يكون عبد ومخلص وكل هذه الصفات ويفكر في الزنا. زوجة عزيز مصر تواصل ملاحقة يوسف لاغتصابه وزوجها فجأة يظهر بدأ يجري يوسف عليه السلام نحو الباب ليهرب منها لكنها سابقته وجرّته حتى يبتعد عن الباب وهو مصر فانشق قمصه من خلفه، وفي هذه اللحظة يفتح الباب بالمفتاح ويدخل وزير المالية ويرى هذا المشهد، زوجته متجملة ومتزينة ومتعلقة بيوسف عليه السلام.
زوجة عزيز مصر تريد أن تمارس الحب مع يوسف كان يوسف عليه السلام شديد الجمال حتى إذا سار بجوار حائط ينعكس نوره على الحائط، وفي رحلة الاسراء والمعراج قابل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سيدنا يوسف وقال عنه: " لقد أوتى شطر الجمال" أي نصف جمال البشر. وبسبب جماله لم تستطع زوجة العزيز الصبر وامتلأ قلبها حُبًا ليوسف وأرادت أن تمارس الحب معه فبدأت تتلطف وراودته أي الطلب برفق ولين وبدأت تغويه وتغريه بكافة المغريات، واستعملت كل أساليبها كأنثى. وقالت له ( هيت لك) يعني تهيأت لك فتعال، فرد عليها يوسف عليه السلام ( معاذ الله) يعني لا يمكن أن يفعل ذلك لأنها فاحشة ومع مَن مع الرجل الذي أكرمه وزير المالية، مضيفًا: " إنه ربي أحسن مثواي) يقصد أن ربه: عزيز مصر أحسن إقامته الطويلة فكيف يخونه مع زوجته. وتابع يوسف: " إنه لا يفلح الظالمون" يعني أنه ظلم والله لا يجعل الظالمين فالحين. إذًا يوسف عليه السلام رفض الزنا لأن الله أتاه حكما وعلمًا وكان من المحسنين. مقارنةٌ بين الآيتين الكريمتين 24 و34 من سورة يوسف عليه السلام – التصوف 24/7. ويقول الله عن الموقف ( ولقد همّت به) يعني عزمت إليه ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) يعني دافع يوسف عن نفسه وابتعد عنها ولم يقترب منها، ولم يخطر بباله حتى أن يقترب منها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من العظات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمدُ لله الذي جعلَ في قصصِ الأنبياءِ عظةً وعبرةً وتسليةً للمؤمنين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله إمامُ الأنبياءِ وقُدوةُ الدعاةِ الصالحين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعـد: فنواصل الحديث حول الدروس المستفادة من قصة يوسف ـ عليه السلام ـ فنقول: 18ـ من وَقعَ في مكروهٍ وشدة لا بأسَ أن يستعينَ بمنَّ لهُ قُدرةً على تخليصهِ بفعلهِ أو الإخبارِ بحاله، وهذا ليسَ شَكوى إلى المخلوقِ بلْ هُو من فعلِ الأسبابِ المعينةُ على الخلاصِ من الظلمِ والشِّدةِ، ولِذا قال يوسف للذي ظنَّ أنه ناج منهما [اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ]. 19ـ ينبغي للمعلمِ والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التَّام في تعليمه ودعوته، وأن لا يجعل ذلك وسيلة إلى معاوضة في مالٍ أو جاهٍ أو نفعٍ دنيوي كما لا يمتنع من التعليم إذا لم يستجب المتعلم لما كلفه به المعلم، وهذا حالُ يُوسف وصَّى أحد الفتيين فلم يُنفذ الوصية، ثمَّ رجعَ نفسُ الفَتى يَسألُ يوسف عن الرُّؤيا فأجابهُ ولم يعنِّفه أو يوُّبخه أو يحاسبه على عدمِ تنفيذِ الوصية.